ماهية الحسد :
الحسد عند الناس تمنى الحاسد زوال النفع والخير من عند المحسود
أى كراهية الحاسد نعمة الله على أخيه وحبه لزوالها عنه
والحق هو أن الحسد كراهية للمحسود سببها هو فضل الله
الذى أعطاه للمحسود أى كراهية لمن عنده النعمة وليست كراهية للنعمة
وقد ورد ذكر الحسد فى القرآن فى مواضع قليلة هى :
-قوله بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفا
را حسدا من عند أنفسهم من بعد أن تبين لهم الحق "وهذا القول
يعنى أن عدد كبير من أهل الكتاب اليهود والنصارى أحبوا أن يعيدوا المسلمين
بعد إسلامهم إلى الكفر والسبب هو الحسد عند أنفسهم وهو الكراهية فى أنفسهم ،
إذا فسبب تمنى ارتداد المسلمين بعد أن نالوا نعمة الإسلام
هو الكراهية والبغض المتمكن فى قلوب أهل الكتاب وهذا التمنى
كان بعد معرفتهم الحق وفى تلك الكراهية قال تعالى بسورة آل عمران
"قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر ".
2-قوله بسورة النساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله "
يبين الله لنا أن أهل الكتاب يحسدون أى يكرهون الناس وهم المسلمين
والسبب ما أتاهم الله من فضله وهو رحمته .
3-قوله بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد "أى ومن أذى كاره
إذا كره أى ومن ضرر باغض إذا بغض ومن هنا نعرف أن الحاسد هو الكاره
له شر أى أذى وهو موجه للمحسود وسبب توجيهه هو إزالة النعمة
التى عند المحسود ومن ثم فالحسد هو كراهية صاحب النعمة
سواء تحولت الكراهية لأذى قولى أو فعلى .
على ماذا يحسد الحاسد ؟
إن الحاسد يحسد المحسود على النعمة وهى فضل الله مصداق
لقوله بسورة النساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله
"إذا فالحاسد يكره أن تكون عند من يكرهه نعمة أى فضل من الله أ
ى خير أى رحمة وقد أخبرنا الله أن الكفار من كتابيين ومشركين
لا يودون أى يكرهون نزول الخير على المسلمين وفى هذا قال بسورة البقرة
"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم خير من ربكم ".
لماذا يحسد الحاسد ؟
معنى السؤال لماذا يكره الكاره ؟والجواب الذى يدفع الحاسد وهو الكراهية
هو ظنه أن المكروه أحسن أى أفضل منه ويترتب على هذا الظن ظن أخر
هو أنه يجب أن يكون أحسن من المكروه أو على الأقل فى حالة تساوى
معه ومثال هذا هو أن الكفار يحبون أن يرتد المسلمون عن الإسلام
فيكفرون وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب
لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم "ودافعهم لهذا
هو أن يكونوا مع المسلمين سواء أى متساوين فى الحال وهو الكفر
وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء "
إذا فالدافع للحسد هو الإحساس بالنقص تجاه الأخرين .
هل حسد إبليس آدم (ص)؟
قال بعضهم "والحسد داء سيىء قديم موجود منذ وجدت الإنسانية
بمشكلاتها ومعضلاتها ومنذ افتتح الله ذلك الوجود العجيب
فهو أول معصية سجلت فى السماء بين إبليس وآدم (ص)يوم أن علمه الله أسماءه
كلها ويوم أن قال للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس "
ومن ثم فالسؤال هل حسد إبليس أدم (ص)؟والجواب :
البادى من كلام إبليس أمران :الأول أن إبليس اعتبر نفسه أحسن من أدم
(ص)أو بلفظه خيرا منه والسبب أنه من نار وأدم (ص)من طين
وفى هذا قال إبليس ردا على سؤال الله له عن سبب عدم سجوده لأدم
(ص) فى سورة الأعراف "أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين "،
الثانى أن إبليس اعترض على تكريم أدم (ص)وفى هذا قال بسورة الإسراء "
أرأيتك هذا الذى كرمت على "وهذا يعنى أن إبليس أحس بالنقص تجاه أدم (ص)
فحاول أن يجعل لنفسه مكانة أكبر وأحسن بالكلام وقد سمى الله هذا العمل التكبر
وفى هذا قال بسورة الأعراف "قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها "
إذا فجريمة إبليس هى التكبر الناتج عن الحسد أى من إحساسه
بالنقص تجاه أدم (ص).
شر الحاسد :
إن الحسد يدفع الحاسد لإرتكاب الشر وهو إيذاء المحسود وقد أمرنا الله
أن نتعوذ به من شر الحاسد وهو أذاه إذا حسد أى كره وفى هذا قال بسورة الفلق "
ومن شر حاسد إذا حسد "وهذا يعنى أن الحاسد يقوم بالسعى لإلحاق الأذى
بالمحسود سواء لحق بالمحسود أو بماله أو بمن يحب وهذا السعى
يتخذ صورة من صورتين :
1-الإيذاء الظاهر وهو الحرب المعتدية .
2- الإيذاء الباطن وهو إخفاء المعاداة مع إلحاق الأذى فى السر بالمحسود
وهذا يكون فى حالة ضعف المحسود ومثال الحاسد هنا المنافق .
حسد الإبن القاتل للإبن الطيب .
إن الحسد وهو الكراهية كان السبب فى وقوع أول جريمة قتل بشرية
حيث اعترض ابن أدم (ص) على حكم الله وهو عند الناس زواجه من أخت
الإبن الطيب ويقال أن السبب هو أن هذه الأخت
لم تكن على نفس درجة جمال أخته
المولودة معه والتى أراد أن يتزوجها لعلو درجة جمالها فى نفسه
والحق أن السبب هو أن الإبن القاتل أحس أن الإبن الطيب أفضل منه
عند الله والدليل تقبل الله لقربانه ورفض الله لقربانه ،لقد شعر أنه ينقص فى المكانة
عند الله ومن ثم أراد أن يعوض هذا النقص فكان أن قرر قتل أخيه
لأن القتل فى ظنه الخاطىء لن يجعل أحد فى مكانته لانتفاء وجود هذا الأحد –
-والله أعلم - وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "واتل عليهم نبأ ابنى أدم
بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك
قال إنما يتقبل الله من المتقين " وكانت نتيجة هذا الإحساس
هى أن إرادة الابن القاتل تحولت لفعل هو القتل حيث قتل أخيه الطيب
وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فطوعت له نفسه قتل أخيه
فقتله فأصبح من الخاسرين ".
أنواع الحسد :
يقال أن الحسد على نوعين :
1- حسد مذموم وهو عندهم أن تكره أن تكون النعمة للأخر فتتمنى زوالها .
2- حسد محمود وهو عندهم أن لا تكره وجود النعمة عند الأخر
ولا تحب زوالها ولكن تشتهى لنفسك أن يكون لك مثلها وهو تقسيم خاطىء
لأنه يخالف معنى الحسد وهو الكراهية وتعريف الحسد المحمود
هو ألا تكره وهو ما ينافى معنى الحسد والحسد ينقسم عدة تقسيمات هى :
حسب الأساس الأول :1
-حسد النفس لنفسها والمراد مقت أى كراهية النفس لنفسها
وفى هذا قال تعالى بسورة غافر "إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر
من مقتكم أنفسكم إذا تدعون إلى الإيمان فتكفرون
"فانظر لقوله "من مقتكم أنفسكم "ترى كراهية النفس لنفسها
فى رفضها الإسلام وتمسكها بالكفر .
2-حسد النفس للأخرين وهو كراهية النفس للأخرين ككراهية الكتابيين للمسلمين
وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم
من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ".
حسب الأساس الثانى:1
- حسد قولى وهو الكراهية التى تظهر فى الكلام
الخارج من الأفواه أو فى الكلام الدائر داخل النفس وفيه قال تعالى بسورة آل عمران
"قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر " .
2-حسد قولى عملى وهو الكراهية التى تظهر فى كلام النفس داخلها
أو فى كلامها الخارج من الفم ويتبع هذا القول فعل هو شر أى أذى يعمل الحاسد
على إلحاقه بالمحسود وفى هذا قال تعالى بسورة الفلق
"ومن شر حاسد إذا حسد ".
حسب الأساس الثالث :
1- الحسد المباح وهو الكراهية المحللة وتنقسم لقسمين :
أ-كراهية يباح فيها القول والفعل وقاعدة هذه الكراهية قوله بسورة البقرة
"فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ".
ب-كراهية يباح فيها القول فى داخل النفس ويحرم فيها الاعتداء
بالقول الخارج من الفم أو الاعتداء بالفعل على الأخر
ومن أمثلة هذا كراهية الرجل لزوجته وفيها قال تعالى بسورة النساء
"وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا
ويجعل الله فيه خيرا كثيرا "
.
2-الحسد المحرم وهو كراهية المسلم بالاعتداء عليه قولا أو فعلا .
2-الحسد المحرم وهو كراهية المسلم بالاعتداء عليه قولا أو فعلا .
حسد الاخوة لأخيهم يوسف (ص):
الملاحظ فى بداية العلاقة بين الاخوة أن الاخوة اعتقدوا اعتقادا خاطئا
هو أن يعقوب (ص)يحب يوسف وأخيه أكثر مما يحبهم ومن ثم شعروا
بالنقص فى مقدار الحب عند الأب ومن ثم أجروا مقارنة ظالمة حيث جعلوا
أنفسهم وهى العصبة فى كفة ويوسف (ص)وأخيه من الزوجة الأخرى
فى كفة أخرى وطبقا لميزان العدد فإن العدل هو أن يحبهم الأب
أكثر من يوسف (ص)وأخيه ولذا انتهوا إلى أن الأب
فى ضلال ظاهر وهذا يعنى أن الأب هو الظالم وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف
"إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة
إن أبانا لفى ضلال مبين "ورغم أن النتيجة هى أن الأب هو الظالم
إلا أنهم اختاروا اختيار غريب هو ألا يعاقبوا الظالم فى رأيهم وأن يعاقبوا
أخر هو يوسف (ص)وقد تشاوروا فى العقاب فاقترح بعضهم أن يقتلوه
أو يطردوه بعيدا عن أرضهم وقد قرروا فى النهاية طرده بعيدا عن الأرض
برميه فى البئر حتى يأسره بعض المارة فيأخذه معه للبلد المسافر لها
وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم
وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف
وألقوه فى غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين "
ولكن فى النهاية عاد الاخوة للحق فاعترفوا بأنهم كانوا على خطأ واعترفوا
أن الله فضل يوسف (ص)عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف
"قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ".
يعقوب والحسد :
قال بعضهم "نلمح حذر يعقوب (ص)وخوفه أن يحسد بنوه فيقول لهم ما حكاه المولى
عز وجل "وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة
وما أغنى عنكم من الله من شىء إن الحكم إلا لله عليه توكلت
وعليه فليتوكل المتوكلون "والخطأ هنا هو أن يعقوب (ص)نسب له
الكاتب خوفه من أن يحسد الناس أولاده والحق هو أن الكاتب أخطأ
فى تقديره وأما حقيقة الأمر فهى أن يعقوب (ص)خاف على أولاده من أن يلحق
بهم أذى وضرر مرة واحدة فيفقدهم جميعا ولذا أوصاهم بالدخول من أبواب
متفرقة حتى إذا كان هناك من يتربص بهم لم يقدر إلا على إيذاء من دخل من الباب
الذى هو فيه ومن ثم ينجو الأولاد الباقين وليس من المعقول أن يخاف
يعقوب (ص) على أولاده من الحسد وهو الكراهية وهو يعلم أن الإنسان لا يحسد
أى لا يكره إلا من يعرف حقيقة أمره أى لا يكره إلا من يظن أنه أحسن
منه مكانة وقدرا ،زد على هذا كيف سيعلم الناس أن كل هؤلاء اخوة
وهم لم يتحدثوا مع أحد بعد ؟.
يوسف (ص)والحسد :
ورد فى التوراة المحرفة "يوسف غصن شجرة مثمرة غصن شجرة مثمرة
على عين "سفر التكوين 49-22 وقد فسر بعضهم كلمة عين هنا بأنها
عين الحسود ومن ثم استنتجوا "أن عين الحسود لا تصيب أحدا
من نسل يوسف (ص)لأنه كان غصن شجرة متسلط على العيون الشريرة
فهى لا تصيب أحدا من نسله "وقد حكى المفسرون حكاية وردت فى
التلمود تدل على صحة زعمهم تقول "أن رابى حذر رجلا من ضرر
عين الحسود فنصحه بأن يبتعد عنه كى لا تقع عينه عليه فيصيبه
ضرر فرد عليه الرجل قائلا أنا من نسل يوسف لا تستطيع العين الشريرة
أن تصيبنى بضرر "وقد قال البعض أن كلمة عين فى نص سفر التكوين
السابق ذكره تعنى عين الماء وفى رأيى معناها الوحى فهى تعنى ما تعنيه
فى قوله بسورة طه "ولتصنع على عينى "أى ولتنمو بأمرى أى
ولتكبر بوحيى فيوسف(ص)غصن شجرة مثمرة بأمر الله والنص
لا علاقة له بعين الحسود التى لا وجود لها أساسا للتالى :
-أن لو كانت هناك علاقة للعين بالحسد لوجدنا البشرية بكاملها قد وقعت
فريسة للأمراض والفقر وغيره من المتاعب بسبب أن
كل واحد يصيب الأخرين بعينه الحاسدة .
-أن الحسد أصاب يوسف (ص)فتسبب فى إبعاده عن أبويه وتسبب
فى أنه أصبح عبدا لسنوات عدة وتسبب فى سجنه عدة سنين
فإذا كان هذا الحسد قد أصاب يوسف (ص)بالأضرار من أقرب الناس
له فكيف لا يصيب نسله ؟وأقصد هنا الحسد الحقيقى وقد يحلو للبعض
أن يقول أن النساء قد حسدن يوسف (ص)بأعينهن
عندما رأينه فقلن أنه ملك وليس بشرا وفى هذا قال تعالى
بسورة يوسف "فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله
ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم "ومن ثم أصابه الضرر الممثل
فى دخول السجن وهو استدلال باطل لأنه دخل السجن بأيدى القوم
ومنهم امرأة العزيز ولم يدخل عن الطريق الطبيعى عند المتحدثين
بالباطل وهو العين التى يصبح معناها هنا ارتكابه لجريمة حقا
ومن ثم دخوله السجن وقد ورد فى الإنجيل المحرف أن الاخوة حسدوا
يوسف (ص)وقد ورد هذا فى كتاب أعمال الرسل للوقا
حيث قال استفانوس فى خطبته "وحسد الآباء الأولون يوسف
وباعوه فأصبح عبدا فى مصر ولكن الله كان معه وأنقذه من جميع المحن
التى مر بها ووهبه نعمة وحكمة عند فرعون ملك مصر
فولاه على مصر وشئون بيته "(9:7-10)ورغم وجود أخطاء
عدة فى الكلام إلا أنه أقر
أن الحسد قد أثمر ثمرته مع يوسف (ص)فأصابه .
سبب شيوع خرافة عين الحسود :
هو وجود طائفة من الناس لا تريد أن تعمل عملا مفيدا وإنما تريد كسب المال
بأقل جهد ممكن وهى أهل الشعوذة والدجل الذين يزعمون
أنهم يقدرون على إبطال مفعول عين الحسود ولكى ترسخ هذه الخرافة
فى نفوس البشر قام القوم بنسبة أحاديث للرسول (ص)تثبت وجود الخرافة
وأن علاجها بالرقى وغيرها من الخرافات ونشر حكايات لم تقع فى الحياة عن أناس
لهم أعين شريرة وأناس لهم القدرة على إبطال مفعول هذه الأعين
وتنسب لرجال معروف عنهم الصلاح والتقى حتى تروج
وتدخل على الناس .
بداية خرافة عين الحسود :
هى إنسان كان يكره إنسان أخر وقد حصل مصادفة أن نظر الكاره
للمكروه نظرة عادية وبعدها بقليل حدث ضرر للمكروه ثم تكررت النظرة
وتكرر حدوث مكروه للمكروه ومن ثم وقر فى نفس المكروه
أن السبب فى حدوث الضرر له هو عين الكاره ،
إذا فالحكاية ليست سوى ربط بين أحداث عشوائية
وهذا الربط حدث لمعرفة المكروه أن الكاره يكرهه
وقد ربط بين الضرر ونظرة الكاره رغم أنه يقع له أضرار كثيرة
فى حالات كثيرة لا يكون الكاره فيها موجودا وقد تكون البداية إنسان
اتفق مع إنسان أخر أو أناس أخرين أن يبتزوا مال إنسان فاتفقوا
على أن يقابل واحد منهم هذا الإنسان وينظر له ثم يفعلون
أذى بمال هذا الإنسان بعد النظرة وكرروا ذلك عدة مرات ثم ذهب الأخرون
له ونصحوه أن يطلب إيقاف مفعول عين فلان من فلان لأنه عارف
وعالم وواصل ومن ثم يطلب منه فلان العارف مالا ويقتسمه مع إخوانه وهكذا .
هل عين الحاسد ضارة بالفعل ؟
إن العين لا علاقة لها بالحسد والأدلة هى :
-أن النعمة لو كانت تزول بالحسد ما بقيت نعمة على إنسان
لأن كل واحد سيحسد الأخرين ومن ثم تزول النعم نهائيا
وعليه تنعدم الحياة لعدم وجود نعمة الطعام أو الشراب وغير هذا من النعم .
-أن النعمة لو كانت تزول بالحسد لزالت نعمة الإيمان عن المسلمين
بمجرد أن حسدهم أهل الكتاب ولكن هذا لم يحدث بدليل قوله بسورة البقرة
"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم "
.
-قال تعالى بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد "وهذا يعنى أن للحاسد شر
-قال تعالى بسورة الفلق "ومن شر حاسد إذا حسد "وهذا يعنى أن للحاسد شر
ولكن الله لم يقل أنه العين والسبب هو أن الأذى يصدر من الجوارح
ومنها العين التى تصدر شرا هو النظر لما حرم الله من النساء
أو الرجال ولكن لم يقل الوحى أنها تصدر زوالا للنعمة
-أن أهل الكتاب لما حسدوا الناس على فضل الله لم يزل فضل الله
منهم بدليل قوله بسورة النساء "أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله
من فضله فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما ".
-أنه طبقا لخرافة عين الحسود فإن كل العميان لا يحسدون لعدم وجود
عين عندهم وهو مخالف للحق وهو حسد العميان كما يحسد المبصرون .
-أن العين طبقا للخرافة تنفع وتضر أى ترحم وتمسك الرحمة
وبهذا فهى شريكة لله فى ملكه وهو تخريف لأن الله وحده هو النافع الضار
لقوله بسورة فاطر "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك
فلا مرسل له من بعده ".
وأما الأحاديث المنسوبة للرسول (ص) فكلها زور وحتى قولهم العين
حق قد يعنى أن الوحى حق لأن كلمة العين وردت بمعنى الوحى
فى قوله بسورة هود "واصنع الفلك بأعيينا ووحينا "واعمل بوحينا
أى قولنا ،وقول القائل العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر "
يخالف أن محدث الموت هو الله عن طريق ملائكة الموت
بدليل قوله بسورة الأنعام "ولو ترى إذ الظالمون
فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم
"و"حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون
"إذا فالمميت للرجل هو رسول الموت وليس العين وأما قولهم
"كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر
"فكذب على الله ورسوله (ص)لأن الفقر بلاء
وليس كفرا بدليل قوله بسورة الأنبياء "ونبلوكم بالخير
والشر فتنة "فالفقر إذا اعتبرناه شرا أى أذى فهو بلاء
وليس كفرا وزيادة على هذا أن القدر غلب الحسد
وهذا يعنى أن القدر هو الذى يسير فى الكون ومن ثم
فالحسد ليس له أثر وإلا لما غلبه القدر .
علاج الحسد :
إن علاج الحسد وهو الكراهية ليس بالرقى والتمائم
والتعاويذ الخرافية وإنما علاجاته هى :
1-الاستعاذة برب الفلق من شر الحاسد عند حسده
مصداق لقوله بسورة الفلق
"قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب
ومن شر النفاثات فى العقد ومن شر حاسد إذا حسد "
والاستعاذة هى الاستجابة لأحكام الله الممثلة فى التالى :
-الاستعداد للحاسد وهو إعداد السلاح اللازم لملاقاة الحاسد
إذا أراد بنا شرا مما يجعله يرهبنا ولا يقدم على الاعتداء علينا
وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم
لا تعلمونهم الله يعلمهم "وهو الحذر المذكور بقوله بسورة النساء "خذوا حذركم ".
-رد الاعتداء على من اعتدى علينا تطبيقا لقوله بسورة البقرة "
ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وهذا الدواء وهو الحذر والقتال هو دواء القادرين الأقوياء .
2-العفو والصفح والمراد ألا يعاقب المسلم الحاسد
إذا كان حسده كلاميا لم يخرج للإعتداء وقد طلب الله
تنفيذه بقوله بسورة البقرة "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم
من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق
فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره "والملاحظ هنا هو أن الحسد
أى الكراهية لم تخرج عن تمنى نفس أى كراهية نفسية
لم تخرج إلى الاعتداء على المسلمين بالفعل والدواء الثانى
هو الصبر أى احتمال أذى الحاسد وفى هذا قال تعالى بسورة النحل
"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير
للصابرين "وهذا التحمل للأذى يكون فى حالتين :
أ-ألا يكون شر الحاسد اعتداء بالفعل وقد سبق أن تحدثنا فى الدواء الثانى .
ب-أن يكون المسلم ضعيفا إذا رد العدوان تسبب فى قتل الكفار
له أو له ولأهله أو تسبب فى إيذاءهم له وللمسلمين .
أشعار فى الحسد :
قال أحدهم :
داريت كل الناس لكن حاسدى مداراته عزت وعز نوالها
وكيف يدارى المرء حاسد نعمة إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
وقال منصور الفقيه :
ألا قل لمن ظل لى حاسد أتدرى على من أسأت الأدب
أسأت على الله فى حكمه إذا أنت لم ترض لى ما وهب
وقال بعضهم :
اصبر على حسد الحسو د فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
وقال أخر :
دع الحسود وما يلقاه من كمده يكفيك منه لهيب النار فى كبده
إن لمست ذا حسد فرجت كربته وإن تركته فقد قتلته بيده
وقال مالك بن الريب :
ولا تحسدانى بارك الله فيكما من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا