ساعدتها فى جلب الطعام ، و حين أنتهينا هممت بالمغادره إلا أن خالتى دعتنى لتناول الطعام ، فقلتُ لها :
" أنا لا أتناول طعام الأفطار عادة. "
خالتى قالت :" أذن .. فلتتناولى الشاى أو القهوه. "
قلتُ :" سأتناول القهوه بالمكتب. "
فأنا معتاده على تناول القهوه الشهيه التى يعدها طاهر ..
وغادرتُ المنزل وذهبتُ إلى المكتب ..
كان هانى هو أول من وصل إلى المكتب فى هذا اليوم ، و كان يجلس فى الصاله يحتسى الشاى ..
ألقيتُ عليه التحيه ، فأجابها باسماً ، و حين هممتُ بالجلوس خلف مكتبى دعانى لأن أجلس معه ، فذهبتُ وجلستُ فى المقعد المقابل له ..
" كيف حال والدتك ؟ "
قلتُ :" بخير .. الحمد لله . "
هانى ردد : " الحمد لله . "
و صمت قليلاً ، و أرتشف من فنجانه عدة رشفات ..
" أمى تبعث إليك بسلامها وتشكركِ على ذوقكِ الرائع فى أختيار الفساتين. "
أبتسمت وقلتُ :
" سلمها الله .. هل أعجبوها ؟ "
قال :" جداً .. وبدوا مناسبين جداً لملك . "
قلتُ : " جميل . "
هانى تردد قليلاً ثم قالت :
" هناك أمراً ما أريد التحدث إليك بشأنه . "
قلتُ :" تفضل .. هات ما عندك . "
هانى قال :" فى الحقيقه إننى أفكر بهذا الأمر منذ فتره طويله و ...... "
و لم يتم جُملته ، فقلتُ أحثه على المتابعه : " خيراً ؟ "
قال بعد برهه :" فى الواقع إننى .. أفكر بالزواج. "
دُهشتُ .. وظللتُ أحدق به وهله ..
فلما يخبرنى أنا بهذا ؟
قلتُ :
" و هل تريد رأيى ؟ "
أومأ هانى برأسه إيجاباً فقلتُ :
" أعتقد أنها فكره جيده .. مبارك عليك . "
هانى أبتسم وقال :
" أجلى هذه التهنئه حتى توافق العروس. "
قلتُ :" هل . . . تقصد فتاه بعينها ؟ أم أنكِ تتحدث بشكل عام ؟ "
نظر إلىّ نظره لم أفهمها وقال :
" بل أقصد فتاه بعينها. "
قلتُ :
" وهل أعرفها ؟ "
أومأ برأسه إيجاباً ، مما زادنى حيره فوق حيرتى !
لو أن نهله لم تتم خطبتها على عابد رُبما توقعت حينئذ أن تكون هى العروس بما أننى لا أعرف أحداً ممن يعرفهم هانى !
قلتُ :"حسناً .. فى الحقيقه لا أستطيع التخمين ."
هانى أبتسم وقال :
" فى هذه الحاله سأخبركِ بنفسى . "
وأخرج من جيب سترته علبه مجهورات صغيره وفتحها وأخرج محبس ذهبى ثم مد لى يده به ..
" منقوش على المحبس إسمها . "
ألتقطتُ المحبس وقرأتُ النقش ..
ســـــــــاره \ هانى
فى هذه اللحظه فقط فهمتُ كل شئ ..
لقد كان يقصدنى أنا بذلك ..
كم أنا غبيه !
مددتُ يدى بالمحبس إلى هانى ، فألتقطه ووضعه فى علبته ، وقال مباشرةً :
" هل تقبلين الزواج منى يا ساره ؟ "
أضطربتُ ، وأطرقتُ برأسى فى أسى .. و لم أعرف بماذا أجيب عليه ؟
ألا يعرف هانى بأننى وطاهر أتفقنا على الزواج ؟
يا للموقف المُخجل !
هانى كرر سؤاله مره أخرى ، فرفعتُ بصرى إليه وتأتأتُ :
" أ . . أأأ . . فى الحقيقه . . . أنت شاب رائع . . . وأى فتاه يسعدها أن تتزوج منك و لكن . . . . "
ولم أتم جُملتى ، وعدتُ لأطرق برأسى أرضاً ، فماذا سأقول له ؟
أ أقول له أن طاهر قد سبقه وعرض علىّ الزواج ؟
وإذا فعلت .. أليس بهذا سأدمر علاقتهما ببعضهما ؟
ياربى ماذا أفعل الأن ؟ كيف أخرج من هذا المأزق ؟
رفعتُ بصرى إلى هانى ، فوجدتُ علامات الحيره واضحه على وجهه ..
" هل إعتراضكِ بسبب أبنتى ؟ "
قلتُ بسرعه :
" كلا .. لا .. أبداً .. هذا الأمر لا يهمنى إطلاقاً. "
هانى أبتسم إبتسامه لطيفه و قال :
" أذن تحدثى اليوم مع والدتكِ بالأمر .. و حددى موعداً لأتى لخطبتك به. "
أرتبكتُ كثيراً .. لقد أساء هانى فهم كلامى وأخذه بمعنى أخر ..
ماذا أفعل الأن ؟
تنفستُ بعمق ، وفتحتُ فمى لأوضح له الأمر ، إلا أننى لم ألبث أن أطبقتُ على شفتاى حين أقبلت نهله فى هذه اللحظه ..
وبهذا أنتهى الحوار بينى وبين وتركته مفتوحاً ، و قد قررتُ أن أخبر طاهر بما حدث حين يصل ..
حين وصلتُ إلى المكتب وجدتُ ساره وهانى يجلسان فى الصاله ، و كانت ساره تهم بقول شيئاً ما إلا أنها لم تبلث أن صمتت حين رأتنى !
بينما هانى فكان يُمسك بعلبه مجوهرات و قد سارع بوضعها فى جيب سترته حين رأنى أيضاً ..
ألا توافقونى بأن ثمه هناك أمراً غريباً يحدث؟
لو لم أكن أعلم بحب طاهر و ساره لبعضهما لكنتُ ظننتُ أن هناك شيئاً ما بين ساره و هانى !
هانى عرض علىّ أن أنضم إليهم و صب لى الشاى فى فنجان قائلاً :
" إنه شاى جميل .. أنا من أعددته .. "
قلتُ مازحه:
" أذن .. ضمنتُ أن يصيبنى تلبك معوى. "
وضحكنا جميعاً عدا ساره التى كانت متجهمه الوجه ، شاردة البصر ..
فى هذه اللحظه أقبل طاهر و أتى ليجلس معنا ، و يتناول الشاى الذى كان بأختصار .. أكثر من سئ !
و بعد قليل دلف هانى إلى حجرته بصحبة طاهر ، بينما ظللتُ أنا وساره وحدنا ..
وران الصمت علينا للحظات قبل أن أقطعه قائله :
" الجو جميل جداً اليوم .. أليس كذلك؟ "
ساره قالت : " أجل. "
أبتسمتُ وقلتُ :
" أظن أننى سأطلب من عابد اليوم أن نذهب إلى الشاطئ .. لابد أن البحر سيكون رائعاً اليوم."
ساره أبتسمت إبتسامه باهته دون أن تعلق على جُملتى ، فقلتُ :
" كيف حال والدتك؟ "
قالت : "بخير. "
قلتُ :" ألم تخبريها بعد بمرضها ؟ "
ساره قالت :
" بل أخبرتها بالأمس. "
قلتُ :" وكيف كان رد فعلها ؟ "
قالت :" لم تملك سوى الرضى بما كتبه الله عليها. "
قلتُ:" أ لهذا السبب أنتِ حزينه ؟ "
ساره نظرتُ إلىّ وهله و قالت : " بلى .. "
إلا أننى فى الحقيقه لم أشعر أن هذا هو سبب حزنها ..
ولا أدرى لماذا ؟
*********************
تهاوى هانى فوق أحد المقاعد قائلاً :
" لدى ما أخبرك به. "
ألتفتتُ إلى هانى وقلتُ : " خيراً ؟ "
هانى أبتسم وقال : " بارك لى أولاً. "
ضحكتُ وقلتُ :
" مبارك لك .. ولكن ما الأمر ؟ أخبرنى بسرعه .. إننى متشوق لخبر سار . "
هانى قال بغموض :
" إنه فعلاً خبر سار .. و أنا واثق أنكِ ستفرح لى كثيراً. "
قلتُ :
"شوقتنى جداً .. هات ما عندك. "
قال :
" لقد قررتُ أن أتزوج. "
أدهشنى الخبر و أسعدنى فى آنٍ واحد ..
قلتُ غير مُصدق : " أحقاً ستتزوج ؟ "
" أجل . "
"أيها اللئيم ! أذن .. فأنت غارق فى الحب من وراء ظهرى . "
هانى أبتسم بسرور ولم يرد بينما قلتُ أنا :
" سأعاقبك على مكرك هذا لاحقاً .. أما الأن فأخبرنى من هى العروس ؟ وكيف عرفتها ؟ ومتى تنوى الزواج منها ؟ "
هانى قال :
" أنوى الزواج منها بأسرع وقت .. و أنا أعرفها منذ وقتٍ طويل جداً .. و هى أجمل وأرق فتاه فى العالم. "
ضحكتُ وقلتُ :
" الله .. الله ! كلى شوق لرؤية هذه الحسناء. "
" لكنك رأيتها .. وتعرفها جيداً .. أحذر من تكون ؟ "
" من يا ترى ؟ من ؟ ؟ ؟ أممممممممم .. لا أستطيع التخمين .. أنا أستسلم .. أخبرنى من هى ؟ "
هانى أبتسم قليلاً وقال : " ســـــــــــاره. "
و هنا . . . توقفت الأرض عن الدوران حول الأرض و حول نفسها ! و توقفت عقارب الساعه عن الدوران بسرعتها الجنونيه المعهوده التى لا نكاد نشعر بها !
كما توقف قلبى عن الخفقان ! و أنفاسى عن الشهيق والزفير ! و الدماء عن الجرى فى عروقى !
و أنتهى طاهر تماماً !
يتبع ان شاء الله