ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ ..... الحلقة السادسة والعشرون

Leave a Comment

عدتُ مع أبنتى إلى منزل والدتى التى أستقبلتنى بأبتسامه وحملت ملك قائله: "كيف كانت النزهه؟"

قلتُ: "رائعه."

أمى أبتسمت وقالت:
  
"رغم أننى لم يسبق لى أن رأيتُ هذه الفتاه إلا أننى أعتقد أنها أبنة حلال."

وافقتها قائلاً:

"صدقتِ يا أمى.. إنها فعلاً أبنة حلال."

أمى قالت:"حين خابرتها فى الهاتف تلك المره ، وجدتها مهذبه ويبدو أنها تحب أبنتك كثيراً."

قلتُ:"فعلاً.. هذا ما لاحظته اليوم."

أتسعت إبتسامة أمى ، إلا أن أبتسامتها هذه المره بدت لى غامضه !

بعدما أنصرف حاتم وأهله ، جلستُ بحجرتى ممسكه بإحدى الكتب ، وعبثاً حاولتُ فهم كلمه واحده من الكتاب ؛ فقد كان عقلى مشغول بالتفكير تاره بعابد ، وتاره بحاتم..

وبينما كنتُ فى ذلك ، ألتقطت أذنى طرقات خافته ومتردده على باب حجرتى..

نهضتُ من مكانى وفتحتُ الباب ، فإذا بأمى تطل من فتحة الباب وعلى شفتيها شبه إبتسامه..

"أهلاً أمى.. تفضلى."

أمى دلفت إلى الحجره وتهاوت فوق أقرب مقعد قائله:

"هل أعطلكِ عن شيئاً ما؟!"


قلتُ:"كلا.. لم تعطلينى عن أى شئ."

أمى نظرت إلى الكتاب الذى كنتُ لازلتُ مُمسكه به:


"هل كنتِ تقرأين؟"
  
قلتُ كاذبه:"بلى يا أمى."
  
ران الصمت علينا للحظات ، فقلتُ قاطعه الصمتُ:


"ما الأمر؟ أهناك شئ؟"
  
أمى هزت كتفيها وقالت:


"لا.. أبداً.. لا يوجد أى شئ.. لقد أتيتُ لأجلس معكِ قليلاً."
  
سألتها فى شك:


"أتيتِ فقط لتجلسين معى؟!"
  
أمى قالت:


"طبعاً جئتُ لأجلس مع أبنتى حبيبتى.."
  
نظرتُ إلى ملياً وقلتُ: "أحقاً؟!"
  

أمى قالت بحنق: "ولما التعجب؟ ألا يحق لى أن أجلس مع أبنتى قليلاً؟!"
  
هززتُ كتفاى وقلتُ أستدرجها فى الكلام:


"لا طبعاً.. هذا حقكِ.. لكنى ظننتكِ أتيت لتسألينى عن شئ ما."
  
أمى هزت كتفيها بدورها وقالت: "لا.. أبداً.." وصمتت قليلاً ثم عادت تسألنى: "شئ مثل ماذا؟!"
  

قلتُ:"حاتم مثلاً."
  
أمى عقدت حاجبيها بشده وقالت:"لا.. أبداً.. لم أتى لأسألكِ عن رأيكِ به.. أنت حره فى رأيكِ يا بُنيتى."
  
نظرتُ إلى أمى بشك ، فأستطردت قائله بسرعه:"لكن بما أنكِ قد فتحتِ الموضوع ، فأخبرينى عن رأيكِ به."
  
ضحكتُ وقلتُ: "إنه شاب رائع يا أمى."
  
تهللت أسارير أمى وهى تقول:
  
"أأفهم من هذا أنكِ وافقتِ عليه."

  
هززتُ رأسى نافيه وقلتُ:


"لقد قلتُ أنه شاب رائع ولم أقل أننى موافقه عليه."
  
أمى قالت:


"أذن........."
  
لم أشأ أن أصدمها برفضى المباشر ، فقلتُ متحججه:


"دعينى أفكر لبعض الوقت."
  
أمى قالت:"بل قولى أنكِ لستِ موافقه لأن هذا التفكير لن يقودكِ إلا للرفض.. على أى حال هذا شأنكِ وأنتِ حره."
  
تنهدتُ بأرتياح وقلتُ:"حسناً.. أنا لستُ موافقه يا أمى."
  
أمى عقدت حاجبيها وسألتنى بأهتمام:"لماذا بُنيتى؟! إنه شاب رائع فعلاً."





قلتُ أذكرها:"لقد قلتِ منذ لحظات أننى حره.. وأنا لا أريد الزواج من هذا."





أمى قالت بأسى:"إلى متى سترفضين الزواج؟ إنه سُنة الحياه يا عزيزتى.."
  

تنهدتُ ولم أرد ، فقالت أمى:"أنتِ لستِ أول من تحب وتفشل فى حبها.. الحياه لن تتوقف هنا يا نهله.."
  

قلتُ كاذبه: "لقد نسيتُ هذا الموضوع تماماً و......."
  
أمى قاطعتنى قائله: "لاتكذبى على أمك.. أنا أفهمكِ أكثر مما تفهمين نفسكِ."
  
وصمتت قليلاً ثم قالت تنصحنى:"أسمعى يا نهله.. لابد أن تكفى عن عنادك هذا.. اليوم أنتِ فى الخامسه والعشرون من عمرك.. وبعد خمس سنوات ستكونين فى الثلاثين.. وستقل فرص الزواج بالنسبة إليكِ.. ومن ترينه الأن غير مناسب لكِ ، ستتمنين لو تتزوجين منه.. فكرى جيداً ثم أخبرينى ماذا قررتِ؟"
  
أمى قالت جُملتها وأنصرفت..
  
أما أنا فظللتُ جالسه بمكانى ، أفكر.. وأفكر..
  
ولم يقودنى التفكير إلا لشئ واحد..
  
هو أننى لن أستطيع أن أتزوج من حاتم هذا ، أو حتى عابد ؛ لأننى بكل بساطه.. لم أنسى بعد حبى الأول !
  
أجبرتُ أمى فى صباح اليوم التالى على الذهاب معى إلى المستشفى لأجراء التحاليل اللازمه..
  
إلا أنها أقسمت على ألا تذهب معى لترى التحايل ؛ لأنها بكلِ بساطه تعرف أنها لا تعانى من أى شئ!
  
بعدما غادرتُ المستشفى ذهبتُ إلى المكتب بينما عادت أمى إلى المنزل..
  
حين وصلتُ إلى المكتب ، وجدتُ طاهر وحده بالمكتب ، وطبعاً لم أتبادل معه سوى تحيه مقتضبه وبارده..
  
أتظنونى سأتحدث إليه بعدما قاله لنهله؟!
  
أبــــــــداً..
  
أنا لن أتحدث إليه ولو أنطبقت السماء على الأرض..
  
وصلت نهله إلى المكتب بعد وصولى بعدة دقائق ، وألقت علىّ التحيه باسمه..



وكأن شيئاً لم يكن..
  
أجبتُ التحيه ببرود ، فيما قالت نهله: "كيف حالك يا ساره؟"
  
رددتُ عليها بأقتضاب: "أنا بخير."
  
نهله سألتنى: "هل طاهر هنا؟!"
  
قلتُ: "بلى.. إنه بحجرته.. لماذا تسألين؟!"

  
نهله هزت كتفيها وقالت: "لاشئ.. فقط كنتُ أريده فى شئ."
  
أشتعلت النار فى أعماقى ، وشعرتُ بأننى سأنفجر صارخه بها لأخبرها بأن طاهر حبيبى أنا.. وأنه لى أنا وحدى.. وأننى لن أقبل بأن يحب أو يتزوج من أمرأه غيرى ؛ لأنه ما من أحد على ظهر الكره الأرضيه بأمكانه أن يحب طاهر مثلما أحبه..
  
وخمدت ثورتى تماماً حينما أبتعدت نهله عنى ودلفت إلى حجرتها ، إلا أنها لم تلبث أن أزدادت أشتعالاً بعد دقائق حين غادرت نهله حجرتها حامله معها إحدى الملفات ثم دلفت إلى حجرة طاهر !
  
ومرت دقائق طويله.. ونهله لازالت بحجرة طاهر..
  
لم أستطع السيطره على نفسى أكثر من هذا ، فقررتُ أن أدخل إلى الحجره.. وليحدث ما يحدث..
  
أنا لن أسمح لهما بأن يختليا ببعضهم أبــداً أبـــــــــــداً أبـــــــــــــــــداً..
  
كنتُ جالساً خلف مكتبى أطالع بعض الملفات ، حين سمعتُ صوت طرقات على باب حجرتى..وبما أنه لم يكن بالمكتب سواى أنا وساره ، فإننى توقعتُ أن تكون ساره هى من تطرق الباب..قلتُ: "أدخلى."فتح باب الحجره ، ودخلت نهله إلى حجرتى قائله:"صباح الخير يا طاهر."قلتُ:"أهلاً نهله.. صباح الخير."نهله وضعت ملف كانت تحمله على المكتب ، قبل أن تتهاوى على المقعد المقابل لمكتبى قائله:"ها قد أنتهيتُ من مراجعة الملف.. لكن هناك بعض الأشياء أريد أن أسألك عنها."كانت نهله تتحدث وكأن شيئاً لم يكن ، فشعرتُ أنه من الحماقه أن أتى بذكر أى شئ عن ليلة أمس..وبدأتُ أتصرف مثلها متجاهلاً ما حدث بالأمس.. وأخذتُ أشرح لها بعض الأشياء بالملف ، حتى قاطعتنا ساره ودلفت إلى الحجره..ناولتنى ساره إحدى الملفات ، وقالت:"هناك بعض الكلمات فى الملف لا أستطيع قرأتها ؛ فإن الخط غير واضح."أمسكتُ بالملف وقلتُ:"حسناً.. دعى هذا لما بعد..
  
فأنا مشغول الأن."ساره قالت:"حسناً.. سأجلس هنا وانتظرك حتى تتنهى مما تفعله."وفعلاً جلست ساره ، وأخذت ترمقنى بنظرات غريبه !أنتهيتُ من مراجعة الملف مع نهله ، فغادرت نهله حجرتى ، وظللتُ أنا وساره وحدنا بالحجره.."ها.. ما هى تلك الكلمات التى لا تستسطيعين قرآتها؟"ساره فتحت الملف وأخذت تتصفحه ،
  
قبل أن تتوقف عند الرقم أثنان وتسألنى: "أهذا رقم أثنان.. أم ثلاثه؟!"هززتُ كتفاى وقلتُ: "إنه رقم أثنان.. ماذا بعد؟"ساره أغلقت الملف وقالت:"لا شئ.. فقط كنتُ أريد سؤالك عن هذا."تعجبتُ وقلتُ:"أأنتظرتينى كل هذا الوقت لتسألين عن هذا فقط؟!"ساره قالت:"بلى.. أنتظرتك كل هذا الوقت لأسأل عن هذا.. وشكراً لك."وغادرت الحجره بسرعه ، ثم أغلقت الباب خلفها..برغم أننى كنتُ مستاء جداً من ساره ؛ لأنها خرجت بالأمس مع هانى ، إلا أننى لم أستطع أن أمنع أبتسامتى من أن تطفو على شفتاى..عجباً لأمر هذه الـ ساره
  
كانت الساعه قد تجاوزت الرابعه عصراً ، حين غادر طاهر حجرته وأتجه نحوى قائلاً: "هيا بنا يا ساره.. سنغادر الأن."حملتُ حقيبتى بدون مناقشه وسرتُ معه حتى وصلنا إلى سيارته ، فأستقليناها وأنطلق طاهر بها..وطوال الطريق لم أتبادل مع طاهر كلمه واحده ، وفى الحقيقه أنه بدوره لم يتبادل معى ولو كلمه واحده ، بل ولم يبد عازم على ذلك !لستُ أدرى لماذا يبدو مستاءً منى؟!


ومن منا يتوجب عليه أن يستاء من الأخر؟ أنا أم هو؟!توقف طاهر بسيارته على جانب الطريق وذهب ليشترى علبة سجائر ، فغادرتُ السياره بدورى لأشترى كيس شيبسى ، فلم أكن قد تناولتُ أى شئ منذ الصباح..حين عدتُ إلى السياره كان طاهر قد سبقنى إليها ،


وعاد ليجلس خلف عجلة القياده ويداه مثبتتان على عجلة القياده ، أما بصره فكان شادراً بعيداً عنى..ورُبما لم يشعر بوجودى بجانبه!أغلقتُ باب السياره بقوه ، فإذا به يلتفت نحوى ويرمقنى بنظرات مستاءه..بقيتُ صامته للحظات ، أحاول أن أستجمع شجاعتى ، ثم قلتُ أخيراً:"ما الأمر؟! لماذا تعاملنى هكذا؟"طاهر أطال النظر إلىّ وكانت نظراته حاده ، وعيناه تقدحان شرراً..ابتلعتُ ريقى بصعوبه ، وتمنيتُ لو أغادر السياره بأقصى سرعه ، لأبتعد عن هذا الرجل المُرعب ، إلا أن حركتى شلت تماماً فى هذه اللحظه


، فلم أقو على التحرك ، وظللتُ أحدق به برعب..وبينما كنتُ فى ذلك أتانى صوت طاهر هادئاً نسبياً وهو يقول: "لماذا ذهبتِ مع هانى بالأمس؟!تفاجأتُ ، وأخذتُ أحدق به وقد أتسعت حدقتا عينى..قال طاهر بصرامه: "ردى علىّ.. لماذا ذهبتِ مع هانى؟"تلعثمتُ وقلتُ:


"لأن.. لأن.. لأننى........."ولم أتم جُملتى ، إذ أننى لم أعرف ماذا أقول له؟أأخبره بأننى سمعتُ حديثه مع نهله بالأمس؟أم أقول له أننى كنتُ ضائعه بالأمس بسببه؟هذه المره أتانى صوت طاهر قاسياً صارماً وهو يقول:"أياكِ أن تكررى هذا الأمر ثانيه يا ساره.. هل تسمعين؟"هذه المره لم أكتفى بالتحديق به ذاهله ، أنما وجدتُ فكى السفلى وقد تدلى تماماً ، لأبدو أشبه بالبلهاء..قلتُ بعد فتره: "عفواً؟"طاهر كرر كلامه بحده ووعيد ، فشعرتُ بالأستياء من كلامه ، وأعتبرته أهانه لى ، وأندفعتُ قائله بدون تفكير:"وأنت ما شأنك بهذا؟!


"والأن حان دور طاهر ليتدلى فكه السفلى بذهول..طاهر قال بتعجب وأستياء: "ألا شأن لى فى هذا؟!"قلتُ بثوره عارمه:"إذا كنت ستعاملنى على أننى ضمن مُمتلكاتك لأننى أعمل لديك ، فليذهب هذا العمل إلى الجحيم يا طاهر ، وأعتبرنى مُستقيله من الأن.. وما تبقى من حسابى هذا الشهر فأعبتره هديه منى إليك بمناسبة رجوعك لنهله."لم أنتبه إلى ما قلته إلا بعدما قلته وفات أوان التراجع ، ووجدت طاهر وقد أخذ يحدق بى صامتاً وقد أتسعتا حدقتا عينه بذهول ما مثله ذهول..رغم أن ما قلته كان بشعاً بحق فإننى لم أعتذر له ، ولم أحنى رأسى أسفاً ، بل على العكس لقد رفعتُ رأسى بكبرياء ، ثم فتحتُ باب السياره لأغادرها ،


فما من داعى لوجودى بها أكثر من هذا ، وكدتُ أغادر السياره لولا أن ردعتنى يد طاهر حين أمسك برسغى وأوقفنى..لم ألتفت إليه وظللتُ موليه ظهرى له ، بينما سمعته يقول وقد لانت نبرة صوته:"أنت مجنونه يا ساره.. أتظنين أننى عدتُ لنهله؟!"


ألتفتتُ إليه وقلتُ: "أنا لا أظن..أنا أعرف.."طاهر أبتسم قليلاً ثم قال: "ومن أين لكِ بهذا الأعتقاد الخاطئ؟"قلتُ بحده:"ليس خاطئاً.. لا تخدعنى.. لقد سمعتك وأنت تتحدث إلى نهله بالأمس وتقول لها أنه لا مجال للمقارنه بينى وبينها لأنها أبنة خالك التى تحب."وصمتت قليلاً لألتقط أنفاسى ثم تابعت بحده أشد:"لا تخاف.. لن أحاول الأنتحار مثلها.. أنا لا يفرق معى إذا كنت عدت إليها أم لا.. فأنا لست مُغرمه بك كما زعمتُ لها."طاهر تنفس بعمق ، ثم قال وهو ينظر إلى عينى مباشرة:"


لكنى لم أعود إليها.. ولا أريد العوده إليها............"قاطعته قائله بأستياء: "إذا كنت عدت إليها ، أو لم تعد ، فهذا شأنك أنت.. وأنت حر."طاهر تجاهل جُملتى تماماً ، وتابع كلامه قائلاً: "هل تعرفين لماذا لن أعود إلى نهله؟"قلتُ بحده: "طبعاً لا أريد أن أعرف.. ولا يهمنى أن أعرف لماذا؟"طاهر قال وشبه إبتسامه على زواية فمه: "لكننى أريد أن أخبركِ بالسبب.."وصمت قليلاً ثم قال:"إننى لن أعود لنهله ؛ لأننى أحب فتاه غيرها.. أحب فتاه جميله.. وبريئه.. ولا أتخيلها زوجة لرجلاً غيرى.. وأماً لأولاداً غير أولادى..


بل ولا أتخيل نفسى زوجاً لسواها هى.."لو أن طاهر قد أتى بخنجر ، وأخذ يطعننى فى قلبى مع كل حرف نطقه ، لكانت الطعنات أقل قسوه وإيلاماً من كلماته..ولم أشعر حينها إلا بالدموع وهى تتجمع بعينى وتحجب عنى الرؤيه تماماً.."هل تريدين أن تعرفى من تكون هذه الفتاه يا ساره؟"أشحتُ بوجهى عنه وسالت دموعى على خدى ، وقلتُ:"لا أريد أن أعرف.. لا شأن لى بها أو بك."طاهر قال:"حتى إذا قلتُ لكِ أنه يهمنى أن تعرفى من هى؟"قلتُ:"ومع ذلك لا أريد أن أعرفها.. ورجاءً دع يدى ؛ فأنا سأذهب."


طاهر قال وقد أشتدت قبضته على رسغى: "لن تذهبى إلا بعدما تسمعين كلامى حتى النهايه."قلتُ مُستنكره:"وهل ستجبرنى على الأستماع إليك رغماً عنى؟!"طاهر قال:"بلى.. سأجبركِ على الأستماع إلىّ ولو لزم الأمر فسأحملك وأقيدك فى أى عمود."قلتُ مُستنكره:"ولماذا كل هذا؟ بماذا ستفيدك معرفتى بهذه الفتاه؟"وكما أنزلى طاهر بكلماته السابقه إلى أعماق الأرض ، فإنه رفعنى إلى السماء السابعه حين قال بصوت خافت:"ستفيدنى كثيراً.. لأن هذه الفتاه التى أحبها هى أنتِ يا ساره."ولكم أن تتخيلوا الذهول الذى أعترانى وقتها..والسعاده التى أجتاحتنى..والأضطراب الذى سيطر علىّ..والتشتت الذى لم أعرف مثيله من قبل..


"بلى يا ساره..إنكِ أنتِ الفتاه التى أحببتها كما لم أحب من قبل..أنت الفتاه الوحيده التى تمنيتها زوجه لى..أنتِ الفتاه الوحيده التى شعرتُ بصدق عاطفتى نحوها كما لم أشعر من قبل..أنت حبيبتى."أغلقتُ عينى بشده ، وعصرتهما بقوه..هل أنا أحلم؟ هل توهمتُ كل هذا بأكمله؟هل طاهر بجانبى فعلاً؟ هل قال لى أنه يحبنى؟ هل قال أنه يتمنانى زوجه له؟هل قال كل هذا؟ وهل سمعتموه بأذانكم مثلما سمعته؟


وإجابة هذه الأسئله عرفتها حين ضغط طاهر رسغى ، فشعرتُ بالألم..أذن.. أنا لا أحلم.. وكل هذا حقيقى..إن طاهر بجانبى فعلاً ، وقال أنه يحبنى..وأنـــــــــــا.. لا أحبه فحسب..أنــــا أعشــــقه..عدتُ لأفتح عينى فوجدت طاهر ينظر إلىّ بقلق.."ما بكِ؟ هل أنت مريضه؟"هززتُ رأسى وقلتُ بصوت يكاد مسموع:"كلا.. أنا لستُ مريضه..


أنما أنا متفاجأه."طاهر نظر إلىّ بتمعن ثم قال:"وهل هذه المفاجأه تسر القلب ، أم تحزنه؟!"صعدت الدماء إلى رأسى ، وشعرتُ بوجهى يتورد خجلاً..إنها مفاجأه تسر القلب.. وتشتت العقل.. بل وتصعد بالروح إلى السماء.."قولى لى أنكِ تباديلنى مشاعرى.. قولى أننى لم أكن أتوهم نظرات الحب بعينيكِ."طأطأتُ برأسى أرضاً ، ولم أنطق ببنت شفه ، فإذ بأصابع طاهر تمتد لترفع ذقنى إلى أعلى لأواجهه..طاهر قال:"إذا كانت إجابتك هى كلا.. فتأكدى بأن أجابتكِ لن تؤثر على أى شئ.."أندفعتُ قائله بدون تفكير: "لكن أجابتى ليست كلا."وأنتبهتُ إلى ما قلته حين رأيتُ أبتسامة طاهر تعلو ثغره ، فعدتُ لأطأطأ برأسى أرضاً ، وحينئذ سمعتُ طاهر يقول:"الأن.. أنا ما عدتُ أريد أى شئ من الدنيا سواكِ.. أنتِ فقط.
  
أنبلج صباح اليوم التالى مشمساً بهيجاً..
  
وعندما فتحتُ عينى ، وتذكرتُ أحدث اليوم السابق ، أبتسمتُ بسعاده ، وأزحتُ الغطاء جانباً ثم غادرتُ فراشى بنشاط.. وأبتهاج..



أخذتُ حمامى ، وذهبتُ لأنتقى ثوباً أرتديه..



وقد كنتُ مُصره على أن أكون اليوم فى غاية الجمال..



وليس اليوم فقط ، بل غداً ، وبعد غداً ، وإلى الأبد..



فأنا الأن لدى حبيباً رائعاً ، رجلاً جذاباً تتمنى أى فتاه أن تسمع منه ولو حرفاً واحداً مما سمعته منه بالأمس..



ولابد أن أظل جميله بعينى الرجل الذى أحبه..



أرتديتُ ثوباً فاتح اللون ، فضفاض ، يتناسب مع حجابى ، ثم وضعتُ القليل من مستحضرات التجميل ، وحملتُ حقيبتى وأنصرفت..
  
بالأمس أتصلت بى أم نهله ، وكانت تبدو حزينه للغايه ، وأخبرتنى أن هناك من تقدم لخطبة نهله ، إلا أنها رفضته كالعاده ، وهذا الأمر يزعج زوجة خالى كثيراً ، فهو شاب رائع على حد قولها و..

وقد طلبت منى أنا أن أحاول أقناعها..

كنتُ أعرف أننى أخر من ستتقبل نهله كلامه خاصة بهذا الموضوع ، إلا أننى لم أشأ أن أزيد من تعاسة زوجة خالى بأن أرفض طلبها..

وهكذا كان لابد علىّ أن أتحدث إلى نهله بهذا الموضوع..

وقد ساعدتنى الظروف على ذلك ، فحين وصلتُ إلى المكتب كانت نهله قد سبقتنى فى الوصول إليه ، وكانت وحدها..


وجدتها فرصه جيده لأن أتحدث إليها بهذا الموضوع فطلبتُ منها الجلوس لنتحدث قليلاً ، وقد أذعنت نهله لرغبتى ، وتهاوت على اقرب مقعد ، بينما جلستُ على المقعد المقابل لها..

لم أكن أدرى من أين أبدأ كلامى.. ويبدو أن نهله لاحظت ذلك فقالت: "حسناً.. أخبرنى ما الأمر؟"

قلتُ بتردد:"فى الحقيقه.. لقد أردتُ أن أتحدث معكِ بشأن.. ذلك الشاب المُتقدم لخطبتك."

نهله حدقت بى بدهشه ، وقد أتسعت حدقتا عيناها على أخرهما ، ثم قالت:


"ومن.... أخبرك بهذا الأمر؟"




فتحتُ فمى لأجيبها ، إلا أنها سبقتنى قائله بغضب:


"إنها أمى.. أليس كذلك؟"




أومأتُ برأسى قائلاً: "فى الحقيقه.. بلى."




فى هذه اللحظه حضرت ساره ، وحين دلفت إلى المكتب ورأتنى أجلس مع نهله أكفهر وجهها بشكل ملحوظ ، وأحتقن وجهها..



إنها الغيره.. أليس كذلك؟



حسناً.. لا مانع من التسليه قليلاً..



والأن.. راقبوا ما سيحدث..



ساره أتت لتجلس معنا ، أو بالأدق ، بين مقعدينا !




ألتفتتُ إليها قائلاً:


"هل تريدين فنجان قهوه يا ساره؟"




ساره أبتسمت بسعاده وقالت:


"بلى.. شكراً لك."




أبتسمت وقلتُ:"على أى شئ تشكرينى.. لستُ أنا من سيعد القهوه ، أنما أنتِ."




ساره تفاجأت ورفعت حاجباها بدهشه وأستياء ثم قالت: "عفواً."




قلتُ ببساطه:"أذهبى وأعدى لنا جميعاً القهوه يا ساره."




ساره قالت بخيبه كبيره:


"لقد ظننتُ أنك أنت الذى سوف تعدها."




قلتُ مُبتسماً بأستفزاز:"كلا.. أنا ونهله سنكمل حديثنا.. بينما تعدين أنتِ لنا القهوه"




رمقتنى ساره بنظره حاده قبل أن تهب واقفه بغضب ، وتدلف إلى المطبخ..




وفى هذه اللحظه هبت نهله واقفه بدورها وهمت بالذهاب إلى مكتبها ، إلا أننى أستوقفتها قائلاً: "إلى أين؟"




نهله قالت بحده: "سأذهب إلى مكتبى.. ألديك مانع؟"




قلتُ: "ولكن.. ألن نكمل حديثنا؟"




نهله قالت بحسم: "لا.. لن نكمله.. ورجاءً لا تتدخل فيما لا يعنيكِ حتى لو كانت أمى هى من طلبت منك هذا."




وذهبت نهله إلى حجرتها مباشرة ، وأغلقت الباب خلفها بعنف..



****************


حين وصلتُ إلى المكتب ورأيتُ نهله وطاهر يجلسان بالصاله وحدهما تلاشت سعادتى ، وتلاشى إبتهاجى ، وحل محلهما أستياء وحنق بلا حدود..



أستعديتُ للمعركه بأن ألقيتُ حقيبتى على أقرب مقعد ، ثم جلستُ بين طاهر ونهله..



إلا أن طاهر ، وبمنتهى قلة الذوق طلب منى أن أذهب لأعد لهما القهوه..



أذعنتُ لطلبه وأنا فى قمة غيظى ، وأعددتُ القهوه لنا جميعاً و....



خطرت لى فكره رائعه..




ما رأيكم لو أفتعلتُ التعثر بالسجاده لأسكب القهوه الساخنه على رأس طاهر ؟



أرى فى عيونكم نظرات الأستنكار..



ألا يستحق ما هو أكثر من ذلك؟!



حين وصلتُ إلى الصاله رأيتُ طاهر يجلس وحده..



أخيــــــــــــراً أصبحتُ وحدى مع حبيبى !



كم لدى الكثير والكثير لأقوله له !



وضعتُ الصينيه على المنضده أمام طاهر وسألته: "أين نهله؟"




طاهر قال وهو يتناول فنجانه: "بحجرتها."




قلتُ: "ولِم لم تبق معنا لتتناول القهوه؟"




طاهر نظر إلىّ بتعجب وقال:"هل تريدين أن أذهب إليها لأدعوها لتناول القهوه معنا؟"




قلتُ بسرعه:"كلا.. لا.. رُبما كانت مشغوله الأن ولا نريد أن نعطلها.. سأذهب إليها لأعطيها فنجانبها."




وأكملتُ فى نفسى: "كى لا تأتى لتجلس معنا."




قلتُ جُملتى وتناولت فنجان نهله ثم أتجهتُ نحو حجرتها ، وبينما كنتُ فى طريقى سمعتُ صوت ضحكه خافته تصدر عن طاهر..



هل أبدو لكم مضحكه إلى هذا الحد؟!



******************


وصل هانى إلى المكتب بعدما دلفت ساره إلى حجرة نهله ، وحين رأنى جالساً بالصاله أتى ليجلس معى..



يبدو أننى لن أستطع التحدث إلى ساره اليوم وحدنا..



وبعد قليل غادرت ساره حجرة نهله ، وألقت التحيه على هانى فأجابها باسماً..




ساره قالت له: "هل أعد لك القهوه؟"




هانى أبتسم وقال:


"طبعاً."




تعجبتُ كثيراً من أمر هانى ، فعلى حد علمى أنه لا يحب القهوه..




ألتفتُ نحو هانى وقلتُ: "لم أكن أعرف أنك تحب القهوه."




هانى قال: "القهوه العاديه لا أحبها.." ونظر إلى ساره ثم قال مُبتسماً: "لكن القهوه التى تعدها ساره.. مُختلفه تماماً."




ساره أبتسمت بسعاده وقالت موجهه حديثها لهانى: "شكراً لك.. سأعد لك القهوه حالاً."




وكل هذا ، وأنا جالساً بينهم ، أستمع إليهما وتتأجج النيران بصدرى وتكاد تخنقنى ، وأنظر إليها فيتطاير الشرر من عينى ويكاد يحرقهما..




حين أنتهت ساره من إعداد القهوه لهانى ، حمل هانى فنجانه ووقف هاماً الذهاب إلى حجرته ، وطبعاً أنتصبتُ بدورى واقفاً ؛ فلم أجد عذراً للبقاء مع ساره أكثر من هذا..




وذهبتُ إلى حجرتى ، وعبثاً حاولت التركيز فى العمل ، فقد كان قلبى وتركيزى ، بل وعقلى بأكمله منصباً على تلك الفتاه التى تجلس فى الصاله..



تُرى ماذا تفعل ساره الأن؟



هل تفكر بى كما أفكر بها؟!



فى هذه اللحظه سمعتُ صوت طرقات مُتردده على باب حجرتى..




قلتُ: "أدخل."




فُتح الباب وأطلت ساره من فتحته..



"هل أدخل؟"




سألتنى ساره فقلتُ: "طبعاً.. تفضلى."




ساره تقدمت بضع خطوات متردده ، قبل أن تمد لى يدها بإحدى الملفات قائله:


"أتيت لأعطيك هذا الملف."




تركتُ مقعدى وأقتربت منها ، ثم ألتقطتُ الملف قائلاً: "ما هذا الملف؟"




ساره قالت:"لقد أعطتنى أياه لأكتبه على الحاسب."




وضعتُ الملفات على سطح مكتبى ثم ألتفتتُ إلى ساره وقلتُ لها:


"حسناً.. شكراً لكِ يا ساره."



ساره همت بالسير عائده إلى مكتبها إلا أننى أستوقفتها حين قلتُ لها:


"تعالى وأجلسى معى قليلاً."




ساره أذعنت لطلبى دون مناقشه ، وجلست على أقرب مقعد وقد هبطت عيناها إلى الأرض..



أما أنا فجلستُ فى المقعد المقابل لها ، وأخذتُ أتأملها ملياً..



آه يا ساره.. كم أعشق وجهكِ الطفولى البرئ!



وكم أهيم بملامحكِ الصغيره المتناسقه!



وكم أحبك كلكِ على بعضكِ!




ساره رفعت نظرها إلىّ قليلاً ، وسألتنى بتردد: "ما الأمر؟!"




قلتُ وعينى تلتهم وجهها ألتهاماً: "لا شئ."





ساره كررت بتعجب: "لاشئ؟!"




أبتسمتُ وقلتُ: "فقط.. أريد أن أتأمل حبيبتى قليلاً.. أليس من حقى؟"




أحنت ساره رأسها نحو الأرض بخجل شديد ، وتوردت وجنتاها فبدت أكثر جمالاً عن ذى قبل..




وبعد فتره سألتها: "هل تحدثتِ مع أمكِ بالموضوع؟"




ساره نظرت إلىّ بحيره وسألتنى: "أى موضوع؟"




قلتُ: "زواجنا."




ظلت ساره للحظات تحدق بى بذهول ، قبل أن تسألنى بتردد: "هل قلت.. زواجنا؟"




قلتُ: "طبعاً." وصمتت قليلاً ثم سألتها: "هل تقبلين؟"




ساره أحنت رأسها نحو الأرض بسرعه ، ولم ترد على سؤالى..



نهضتُ من مكانى ، وذهبتُ لأجلس بجانبها ، ثم مددتُ يدى نحو ذقنها ، ورفعتُ وجهها نحوى ثم كررتُ سؤالى ، رغم أن الأجابه كانت جاليه على وجهها:



"هل تقبلن الزواج منى يا ساره؟"


0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا

المتابعون