ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة الخامسة والثلاثون

Leave a Comment




 تنهدتُ وقلتُ :" لكننى لا أرغب بالعوده إليه بعد ما قاله لى ذلك اليوم. "

 إيمان قالت :" ومع هذا كان يجب عليك الأنتظار حتى تنسين طاهر لترتبطى بعد ذلك برجلاً أخر. "





 كلماتها هذه أشعرتنى بمدى تهورى .. فعلاً كان يجب علىّ أن أنتظر حتى أنسى طاهر ..





 ولكن . . . . هل سأنساه فعلاً ؟





 هل الأيام قادره على أن تنسينى حبه الذى ينمو بداخلى كل يوم ، حتى أحتل جسدى بأكمله ؟ !

 إن اسم طاهر محفور بقلبى و حبه ممزوج بدمائى و هو نفسه جالساً ومتربعاً بقلبى !

 هل يمكن أن أنسى شخصاً أعشقه كل هذا العشق ؟ ! لا أظن !

 قلتُ :" لكننى لن أستطيع نسيانه أبداً. "

 إيمان تنهدت بقوه وقالت : " أذن .. بالله عليكِ لماذا قبلتِ بهانى ؟ "

 قلتُ : " لأرد لطاهر الصفعه. "

 إيمان أخذت تحدق بى بدهشه ثم قالت : " لكنكِ بهذا تعذبين نفسكِ قبله يا ساره. "

 و صمتت لبرهه ثم عادت تقول :" أسمعى يا ساره .. لقد فات أوان التراجع الأن .. لم يتبق سوى ساعه واحده على الذهاب إلى القاعه حيث سيعقد قرانكِ على هانى . "

 نظرتُ إلى ساعتى .. فعلاً لم يتبق سوى ساعه واحده على عقد القران ..

 ساعه واحده وأصبح زوجة لهانى أمام الله وأمام الجميع ..

 ساعه واحده فقط ، ويصبح مجرد تفكيرى بطاهر خيانه لزوجى !

 يا رب .. ساعدنى ..

 أنا لا أحتمل كل هذا .. لقد كنتُ منذ أيام قليله كنتُ أفكر بطاهر وأحلم باليوم الذى سنتزوج فيه ، والأن أستعد ليعقد قرانى على أقرب صديق لطاهر !

 يارب كما أستطعت بقدرتك قلب الأمور كلها رأساً على عقب فى أيام .. أعيد لى طاهر قبل ساعه أو بعد ساعه أو بعد أعوام ..
 يارب أنا أثق بقدرتك وأعلم أنك على كل شئ قدير .. فلا تجعلنى زوجه لسواه ..

 و الأن تسيطر علىّ فكره مجنونه .. وهى أن أتصل بطاهر وأخبره بأننى لا زلتُ أحبه .. وبأننى مُستعده للتخلى عن أى شئ من أجله ..

 نعم .. ولما أكابر ؟ أننى برغم كل شئ .. لازلتُ أحبه .. وكل هذه الفتره التى قضيتها بعيده عنه لم تزدنى إلا جنوناً به !

 و بما أن قرارى بالزواج من هانى كان جنوناً فى حد ذاته ، فلما لا أعتمد على جنونى فى هذه اللحظه ؟





 ألتقطتُ هاتف إيمان وقلتُ لها : " أريد أن أتحدث من هاتفك. "







 إيمان قالت :" طبعاً .. ولكن .. بمن ستتصلين الأن ؟ "







 قلتُ :" بإحدى صديقاتى لأؤكد عليها الحضور اليوم. "







 إيمان نظرت إلىّ بعدم صديق ، فقلتُ :" ولما سأكذب عليكِ ؟ لو أننى سأتصل بطاهر كنتُ سأخبرك طبعاً. "







 فى هذه اللحظه سمعت إيمان صوت خالتى تنادى عليها من الخارج فقالت :



 " سأذهب لأرى ماذا تريد أمى .. لا تتصلى بصديقتك سوى بعدما أعود. "

 وغادرت إيمان الحجره ، فيما طلبتُ أنا رقم طاهر وأنتظرتُ حتى أتانى صوته وهو يقول :


 " السلام عليكم .. من معى ؟ "



 ترددتُ قليلاً قبل أن أقول : " وعليكم السلام. "







 وهنا سمعتُ صوت طاهر وهو يقول بذهول : " ساره ! "

 قلتُ : " بلى. "


 طاهر قال مباشرة : " ماذا تريدين ؟ "

 قلتُ :" لا شئ .. فقط .. أردتُ أن .. أخبرك بشئ قبل أن .. أن .. "

 أتم طاهر جُملتى قائلاً بمراره :" قبل أن تتزوجى من أقرب صديق إلىّ. "


 أندفعتُ قائله بتهور :" لن أتزوج من هانى لو أنك طلبت منى هذا. "

 طاهر صمت قليلاً ثم قال :" فات أوان التراجع يا ساره .. لم تتبق سوى ساعه واحده على عقد قرانكما. "


 تنهدتُ وقلتُ :" الوقت مازال أمامنا يا طاهر .. بأمكانى أن أفعل أى شئ .. و كل شئ من أجلك .. أنا أحبك أنت يا طاهر .. و لا أتخيل نفسى زوجه لرجلاً أخر ســ .. ـو .. "


 قاطعنى طاهر حين قال صارخاً :" تباً لك يا ساره .. ألم يكن كل هذا بسببكِ ؟ ألستِ أنتِ من أخترتِ هانى ؟ ألا يكفيكِ قلبى الذى حطميته ؟ بل و تريدين الأن أن تحطمى قلب هانى أيضاً .. من أى شئ خلقتِ أنتِ ؟ من الحجر ؟ ! "

 قلتُ :" أنا لن أحطم قلب هانى .. فكلانا يعرف أن هانى لا يحبنى .. ثم أنه أما أن أحطم قلب هانى وأما أن أحطم قلبينا. "



 طاهر صمت قليلاً ثم قال بهدوء :" قلبى تحطم وأنتهى الأمر يا ساره .. أما عن قلبكِ أنتِ ، فأنا لا يهمنى أن يتحطم أو يحرق بكامله .. "

 قلتُ بأسى :" العناد لن يفيد الأن يا طاهر .. ثم أنك لا تفهم أى شئ .. لقد أسأت الفهم .. سأخبرك بكل شئ فيما بعد .. لكن الأن .... "



 وصمتت قليلاً لأستجمع قوتى ، وألملم شتات نفسى ، ثم قلتُ :" أريد أن أعرف شيئاً واحداً فقط .. أمازلت تحبنى وتريد الزواج منى ؟ "

 و أنتظرتُ أن أسمع من طاهر رداً ولكن طال أنتظارى ولم أسمع من طاهر أى جواب 
 عدت لأكرر سؤالى مره أخرى وأنا متشبثه بخيوط الأمل الأخيره ، إلا أن رد طاهر جاء ليدمر ما تبق لى من أمل و يقضى على ما تبق بى من عقل وقلب ..

 " أسمعى يا ساره .. لو كنتِ أخر فتاه على ظهر الأرض أنا لن أتزوجكِ .. و من اليوم فصاعدا سأعتبركِ متِّ !

 قبل عقد قران هانى وساره بساعه واحده فقط أتصلت بى ساره وأخبرتنى بأنها مُستعده عن التخلى عن كل شئ من أجلى ..


 فى لحظة جنون كدتُ أخبرها بأننى لازلتُ أحبها .. وبأننى أيضاً مُستعد للتخلى عن أى شئ من أجلها ..

 لكن . . . مجرد تذكرى لهانى جعلنى أعود إلى رشدى وأتراجع عن هذا الجنون ..

 ألم تكن هذه هى رغبتها ؟ أليست هى من تركتنى لأجل هانى ؟

 فلتتحمل أذن نتائج فعلتها .. و أنا . . . .

 لن أعود إليها و لو أنطبقت السماء على الأرض ..

 لقد أنتهى كل شئ بيننا .. و من اليوم فصاعدا لابد أن أنسى كل شئ يتعلق بها ..

 كنتُ قد أنتهيتُ من أرتداء ملابسى فأستقليتُ سيارتى وذهبتُ إلى القاعه ..

 حين وصلتُ إلى القاعه لم يكن هانى وساره قد وصلا بعد .. إلا أن نهله و عابد كانا قد حضرا ..

 كنتُ قد أعتذرت لنهله عما قلته لها ذلك اليوم ، وفى الحقيقه وجدتُ منها تفهماً وتقديراً لحالتى ..

 نهله فعلاًَ فتاه رائعه .. و ذات قلب ناصع البياض ..

 ذهبتُ لأصافح كلاً من نهله وعابد ، و وقفتُ معهم لحين حضور ساره و هانى لندلف إلى القاعه جميعاً ..

 و بعد قليل وصلا هانى وساره .. وكانت ساره تتأبط زراع هانى !

 هذا المشهد ألمنى كثيراً وجعلنى أشعر برغبه عارمه فى التقيؤ ، فأشحت بنظراتى عنهما بسرعه ، و ما أن فعلتُ حتى أصطدمت نظراتى بنظرات نهله التى كانت تتابعنى ببصرها وتنظر إلى مشجعه !

 عدتُ لأنظر إلى ساره فوجدتها تدور ببصرها فى وجوه الحاضرين كأنها تبحث فيهم عن شخص مُعين ..


 و أعتقد أنها وجدته الأن .. فقد تسمرت نظراتها علىّ أنا !





 أشحتُ بنظراتى عنها تماماً وذهبتُ لأصافح هانى !





 تعانقناً عناقاً طويلاً حاراً من طرفه .. وبارداً كالثلج من طرفى !





 و بعد ذلك دلفنا معاً إلى القاعه لعقد القران ..





 وحانت اللحظه الحاسمه التى كنتُ أخشاها .. فبعد دقائق ستصبح ساره حبيبتى زوجه لهانى .. و سينتهى أخر أمل لى فى عودتنا ..





 أنتهى المأذون من الخطبه التى تسبق عقد القران ، والتى كانت تدور حول الزواج ، و وجوب أحترام الزوجين لبعضهما ، و بعد ذلك بدأ فى عقد القران ..





 و لم يتبق ِ سوى أن يوقع الشاهدين على العقد وبهذا ينتهى كل شئ ..





 و أنظروا ماذا حدث لحظتها ؟





 هانى أخذ يشير لى بأن أحضر و يطلب منى بأن أكون شاهداً على العقد ..





 بكل بساطه يريد منى أن أشهد على عقد قرانه من أحب مخلوقه إلى قلبى !





 هل مر أحدكم بموقف أصعب مما أنا فيه الأن ؟





 و هل جرب أحدكم أن يطعن نفسه - بيده و بملء أرادته - بخنجر حاد عدة طعنات مؤلمه و مُهلكه بل و قاتله ؟ ! هل جرب أحدكم ذلك ؟ !





 لقد كان هذا هو شعورى وأنا أوقع على العقد !





 و كم تمنيتُ لحظتها لو أننى أستطيع تحطم القلم الذى أمسكه بيدى لأوقع على العقد ، بل و تمنيتُ و أمزق العقد أرباً أرباً ، و أنتشل ساره من بينهم و أهرب بها بعيداً .. إلى أبعد بقعه فى الكره الأرضيه .. إلى القطب الجنوبى أو القطب الشمالى .. إلى الصين أو الهند .. إلى المريخ أو حتى إلى بلوتو ..





 إلى قلبى الذى لن تجد مثله قلب .. يحبها و يخاف عليها .. يعشقها و يغار عليها .. و يموت فقط لو مست شعره واحده منها ..





 لكنى لم أملك إلا أن أقف جامداً و أوقع على العقد .. وأنا مُخدر الأعصاب .. و عاجز عن أدراك أى شئ ..





 و لا أكاد أصدق أن حبيبتى الأن أصبحت زوجه لصديقى ، و أنا شاهد على ذلك ! وكل ذره بجسدى تتمزق بسبب هذا !





 يا رب .. ألهمنى الصبر .. فأنا ليس لى سواك ..





 بعدما أنتهيتُ من التوقيع على العقد رفعتُ بصرى قليلاً فألتقت عينى بعينا ساره ، و لمحتُ بعينيها دموعاً تتجمع و تكاد تنسكب على وجنتيها ..





 و حين نظرتُ إلى هانى وجدته يبتسم بسرور !





 و الأن أقتربت أم هانى منهما ، ومدت يدها لهانى بعلبة مجوهرات أنيقه ، فتناولها هانى منها و فتحها و أخرج منها قلاده و أسوره و خاتم و بكل بساطه ألبسهم لساره ..





 و كم كانت دهشتنى حين أكتشفت أن الطقم الذى ألبسه هانى لساره لم يكن سوى ذلك الطقم الذى أعجبها ذلك اليوم حين ذهبنا إلى المجمع !





 و فى هذه اللحظه أقبل الناس ليهنأون العروسين ، فأبتعدتُ عنهما وظللتُ أراقبهما من بعيد ..





 كان هانى يصافح الناس ويعانقهم بسرور .. أما ساره فذهبت وأرتمت بأحضان أمها وأجهشت فى البكاء !





 **********************





 كان تصرف غريب من ساره .. أدهشنى وأحرجنى فى آن واحد .. خاصة وقد بدأ الناس ينظرون نحوها بتساؤل ..







 فهل تبكى العروس يوم عقد قرانها ، إلا إذا كانت مُكرهه على هذا الزواج ؟ !







 أعتقد أن معظم الفتيات يبكين من فرط سعادتهم أو كما يقولون " دموع الفرح " .. لكن . . . .







 هذه الدموع تكون قطره أو قطرتين و ليست كالشلالات التى ذرفتها ساره حينئذ !







 بأحتصار شديد لم تبد لى دموع ساره هى دموع الفرح .. ولا أدرى لماذا ؟







 أنا نفسى لم أكن سعيداً كما ينبغى .. صحيح أننى كنتُ أبتسم وأدعى السرور ، إلا أن صورة " حلا " زوجتى الحبيبه الراحله لم تفارق عينى ولا عقلى ولا قلبى طوال اليوم ..







 وإن كانت تعاستى لسبباً فإن تعاسة ساره هى التى حيرتنى كثيراً ، وجعلتنى أفكر و أفكر عسى أن يهدينى تفكيرنى إلى سبب مقنع لدموعها ..







 و لم أجد إلا سبباً واحداً ..







 تذكرون يوم رأيتُ ساره وهى تبكى ، و حين سألتها عما يبكيها لمحت لى بأنها قصة حب فاشله ..





 ألازالت ساره تحب ذلك الشخص ؟





 لكن . . . لماذا قبلت أن تتزوجنى أذن ؟ لمــــــــاذا ؟





 *******************عدتُ إلى منزلى ذلك اليوم وأنا فى حاله يرثى لها .. و لو بدأتُ فى وصف حالتى وقتها لمرت دهوراً دون أن أكون قد أنتيهتُ منها ..





 بأختصار شديد .. لقد أنتهيتُ عند هذه النقطه ..









 ظللتُ أتقلب طوال الليل على جمر ٍ مُتقد من النار إلى أن بدأت خيوط الفجر تتسلل إلى السماء و تخف من حدة الظلام خاصة وأن هذه الليله كانت غير مُقمره ..







 أرتديت ملابسى وغادرتُ المنزل و ذهبتُ إلى البحر لألقى عليه همومى ..









 أمواج البحر المتلاطمه .. و مياهه الزرقاء النقيه .. و رماله الناعمه .. و السماء الصافيه ..





 كل هذه الأشياء كانت لتصفى ذهنى تماماً و تمحو حزنى لو لم يكن حزنى عميقً كعمق هذا البحر .. وقوياً كمثل ِ هذه الأمواج المتلاطمه التى تضرب بعضها البعض بمنتهى القسوه ..







 أخذتُ أسير على الرمال وأقترب من مياه البحر .. أريد أن أبلل قدماى بل أريد أن تغمرنى هذه المياه وتخنقنى وتزهق روحى ..





 فى لحظة ضعف كدتُ أستسلم لليأس و أسلم نفسى لأمواج البحر لتفعل بى ما تشاء وتؤرجحنى يميناً و يساراً و تذهب بى إلى أعماق البحر ، لولا أن أنهارت قواى فجأه .. وتخاذلت قدماى ولم تعودا قادرتين على مواصلة السير .. فخررتُ أرضاً وسقطتُ على ركبتاى بعنف ..







 نظرتُ إلى البحر بعينان تطل منهما كآبه الدنيا .. و ظلمة الليل .. و بمنتهى الجنون أخذتُ أتحدث إلى البحر .. وأشكو له حالى .. كأنه إنسان عاقل يسمع ويعقل ويرى !







 يا بحر .. كما أبتلعت الكثيرين من البشر بدون وجه حق .. وكما أزهقت أروحاً بدون أى ذنب أقترفوه .. دع أمواجك هذه تنتشلنى مما أنا فيه .. و دع مياهك هذه تبتلعنى وتخلصنى من حياتى البائسه التعسه .. ودع رمالك الناعمه تلك توراينى تحتها !







 والله يا بحر لو كنت تعلم مدى حزنى لكنتُ خلصتنى بيدك من هذه الحياه .. لكنت أخترت لى الموت ؛ فالموت أنسب لى ..







 أنا يا بحر من أحب بجنون و أخلص فى حبه فى زمن ٍ أستلت فيه القلوب من الأجساد ، و أنقرض فيه الأخلاص ..







 أنا من حفظتُ الوعد وهى من نكثت كل الوعود ..







 هى من جرحتنى .. هى من قتلتنى .. هى من أهلكتنى .. و أنا من ظل برغم كل شئ باق ٍ على حبها !





 ::





 يا قلبى لا تبحث عن الوفاء فى قلوب لا تعرف سوى النزاع ..





 ولا تنبهر بالجمال ؛ فجمال الوجه ما هو إلا قناع ..





 فلا تجعل المظهر يغريك ، فالمظهر عادة خداع ..





 يا قلبى لا تطفو على السطح ، أنما أسبح وتوغل فى القاع ..





 لعلك تجد من هو مثلك ، يشترى الحب وليس ببياع ..





 يا قلبى أظنك أكتفيت من دموع التمسايح ، الدموع التى تذرف بغيرِ داع ..





 يا قلبى لا تبك على ما فات ، وقم بطوى المُر من الصفحات ..





 وأعتبر نفسك كنت تحيا وسط الأموات ، وحسبك فيما مضى ما هو آت ..





 ::





 لا أدرى كم من الوقت مضى و أنا جالس فوق الرمال فى هذا الوضع .. إلا أننى نهضتُ أخيراً حين شعرتُ بأشعة الشمس تخترق رأسى و تلسعنى ..







 و بما أننى قد تركتُ سيارتى أمام المنزل ، فقد أخذتُ أسير بخطوات مُثقله وبطيئه ومترنحه إلى أن وصلتُ إلى المكتب ..







 و كانت نهله قد سبقتنى فى الوصول إلى المكتب ، و حين رأتنى أدلف إلى المكتب أبتسمت وقالت : " صباح الخير. "







 أجبتُ تحيتها بصوت كئيب و مخنوق ، ويبدو أنها لم تنتبه لهذا ، فقالت باسمه :



 " لقد كنت ذاهبه لأعد لنفسى القهوه .. أتريد أن أعد لك القهوه أيضاً ؟ "







 قلتُ : " بلى . . إذا سمحتِ. "







 توجهتُ نحو حجرتى و تهالكتُ فوق أحد المقاعد ، وجلستُ فى وضع أسترخاء و أغلقتُ عينى .. إلا أننى و برغم أن التعب قد نال منى ، و النوم قد تسلل إلى جفونى ، فلم أستسلم للنوم ..





 أنى يأتينى النوم و فى قلبى تستقر هموم الدنيا بأكملها !





 ************







 بعدما أنتهيتُ من إعداد القهوه لى و لطاهر ذهبتُ إلى حجرته فوجدته جالساً فى وضع أسترخاء و قد أغلق عينيه و شبك زراعيه خلف رأسه و أسند رأسه عليهما ، و أعتقد أنه نام ..





 وضعتُ القهوه برفق على المنضده ، و هممتُ بالأنسحاب ومغادرة !





 " إلى أين أنتِ ذاهبه ؟ "







 ألتفتت إلى طاهر الذى فتح عيناه فجأه وقال العباره السابقه ، فقلتُ :



 " كنتُ سأغادر .. ظننتُ أنك قد نمت. "







 طاهر أعتدل فى جلسته وقال :



 " كلا .. لم أنم .. و لا أظن أننى سأستطيع النوم بعد اليوم. "







 جملة طاهر وخزتنى بقلبى .. لابد أنه مازال متأثر بخطبة هانى و ساره ..





 و هل كاد أن ينسى هذا ؟







 طاهر قال :" تعالى وأجلسى يا نهله. "







 بدون مناقشه أو أعتراض أقتربت من طاهر و جلستُ بالقرب منه ..







 طاهر أخرج من جيب سترته علبة سجائره والقداحه و تناول من العلبه سيجاره و أشعلها ثم تناول فنجان القهوه وأرتشف منه رشفتين ثم قال :



 " شكراً على القهوه .. لقد كنتُ بحاجه إليها فعلاً. "







 نظرتُ إلى السيجاره بيده وقلتُ :



 " لما لا تحاول أن تقلع عن التدخين ؟ "







 طاهر نظر إلىّ بتعجب ، فأنا أراه يدخن كل يوم و لم أفكر أن أتحدث إليه عن هذا من قبل ..





 طاهر قال بعد فتره : " و لما أقلع عنه ؟ "







 كان سؤالاً غريباً .. فلما يقلع الناس عن التدخين ؟ !





 قلتُ :" لأنه يضر صحتك. "







 طاهر هز كتفيه بلا مبالاه وقال :



 " فليضر صحتى .. أنا لم أعد باقياً على شئ .. حتى حياتى .. صارت بلا هدف و لم يعد لها معنى .. "







 تنهدتُ وقلتُ :



 " لكن يا طاهر .. هذه ليست نهاية العالم. "







 طاهر قال بأسى :



 " رُبما أنتِ على حق .. إنها ليست نهاية العالم بالفعل .. لكنها نهايتى أنا .. لقد أنتهيتُ يا نهله .. و لا أظن أنه يوجد بحياتى ما يستحق لأن أحيا من أجله بعد الأن. "









 قلتُ أشجعه :" بل هناك الكثير الذى يستحق أن تعيش من أجله .. أنت شاب رائع وأى فتاه تتمنى أن ترتبط بك. "









 طاهر رمقنى بنظره كئيبه ثم قال بنبره حزينه :



 " لكنى لا أريد أى فتاه .. أنا أريد ساره. "









 و صمت لبرهه ثم تابع بنبره أشد حزناً :



 " لكنها أصبحت الأن زوجة هانى .. ولا يحق لى أن أفكر بها حتى .. تباً لكِ يا ساره .. لما فعلتِ هذا بنا ؟ ألم نكن قد أتفقنا على كل شئ ؟ أذن لماذا ؟ "







 قلتُ :" ستنساها بمرور الوقت يا طاهر. "







 طاهر هز رأسه نافياً وأستمر فى هزها قائلاً :



 " أبداً .. مُستحيل أن أنساها يا نهله .. أنكِ لا تعرفين ماذا تعنى لى ساره ؟ "







 قلتُ :" أنا لا أعرف إلا شيئاً واحداً .. وهو أن الأيام قادره على مداوة الجراح .. وأن الأيام ستنسيك أياها .. وأنا أقول هذا الكلام عن تجربه. "







 طاهر نظر إلىّ بعمق و قال :



 " أنتِ لم تحبينى يا نهله .. لو كنتِ أحببتينى فعلاً .. و لو كنتِ ذقتِ طعم الحب الحقيقى الذى ذقته أنا ، ما كنتِ تركتينى من أجل شخصاً أخر ، و ما كنتِ لتقولى هذا الكلام أبداً. "







 فى هذه اللحظه أرتفع رنين هاتفى المحمول ..





 و بما أننى كنتُ قد تركت حقيبتى بالخارج فقد هممتُ بمغادرة الحجره لأجيب على الهاتف ..







 و ما كدتُ أصل إلى باب الحجره حتى رأيت هانى والذى كان يقف بالقرب من الباب ..







 و من تعبيرات وجهه أستطعتُ أن أدرك أنه قد سمع كل شئ !







 طاهر حين وجدنى وقد تسمرت فى مكانى قال :





 " ما الأمر ؟ لما وقفتِ ؟ "







 و لما لم يجد منى رداً أقترب منى ليستطلع الأمر بنفسه ، و من خلال فتحة الباب أستطاع طاهر أن يرى هانى ، و ما كان منه إلا أن تسمر بمكانه هو الأخر بذهول !







 أما هانى فقد أستدار بدون أن ينطق بكلمه واحده و غادر المكتب !





 *************





 الأن فقط أستطعتُ أن أجد جواباً لكل الأسئله التى كانت تشغلنى منذ أن رأيت ساره وهى تبكى بالأمس ..









 لقد كانت ساره بكل بساطه .. تحب أقرب صديق إلىّ ..







 و ببساطه أيضاً .. كان طاهر بدوره يحبها ..





 و نهله تعلم بهذا ايضاً ..







 أما أنا . . . فأخر من يعلم !







 ألا يقولون عادة أن الزوج هو أخر من يعلم ؟







 هذه هى الحقيقه التى لم أدركها إلا بعد فوات الأوان !







 لكن .. بقى سؤالاً واحداً لم أجد له أجابه .. و هو . . . لماذا وافقت ساره على الخطبه ؟









 حين سمعتُ طاهر ونهله وهما يتحدثان بدون قصد لم يذكر أياً منهما السبب الذى جعل ساره تقبل بى .. كل ما أستطعت أن أفهمه أن طاهر لازال يحب ساره بجنون .. و أن ساره بدورها تحبه !







 كم أنا مُغفل ! كيف لم أستنتج هذا حين طلبت من طاهر أن أخرج مع ساره ورفض بحجة أنه يريدها أن تبقى مع لتساعده فى العمل؟







 كيف لم ألاحظ نظراتهما لبعضهما ؟







 كيف لم أدرك أنه يحبها وأنها تحبه ؟







 فى هذه اللحظه أرتفع رنين هاتفى ، وحين نظرتُ إلى رقم المُتصل وجدت رقم طاهر ..







 طبعاً لم تكن حالتى تسمح لى بأن أتحدث إلى أى شخص و خاصة طاهر .. لذا فقد تركتُ الهاتف يرن كيفما يشاء دون أن أجيب عليه







0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا

المتابعون