₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة السادسة والثلاثون

Leave a Comment

تنهدتُ بقوه ورميتُ بالهاتف على المقعد الأسفنجى ، فنظرت نهله إلىّ وقالت :





" لم يجيب عليك هذه المره أيضاً ؟ "







قلتُ :



" بلى ... لم يجيب علىّ . "









وصمتت قليلاً ثم عدتُ أقول بأنفعال :





" لستُ أدرى لما لا يتركنى أشرح له الأمر ؟ ماذا سيجنى من وراء تجاهله لى ؟ إننى أكاد أجن. "









نهله قالت :



" لا بد أنه الأن مستاء مما سمع لكنه لن يلبث أن يهدأ على أى حال. "









قلتُ :



" لا أظن يا نهله ..أنكِ لا تعرفين كم هو عنيد .. إنه لن يهدأ سوى بعدما يقلب كل شئ على رأسى و رأس ساره .. تباً لكِ يا ساره .. أنتِ السبب فى كل هذا. "









وعلى غير توقع ، فوجئتُ بنهله تسألنى :





" لماذا قبلت ساره الزواج من هانى ؟ "









تعجبتُ من سؤال نهله فأستدرت لأنظر إليها بأستنكار ، و قلتُ : " ماذا قلتِ ؟ "







نهله عادت تسأل :





" لماذا قبلت ساره الزواج من هانى ؟ "







هذا هو السؤال كان يشغلنى منذ فتره ولا أجد له أجابه واحده .. فلماذا تتركنى ساره وتتزوج من هانى ؟







إذا كانت تسعى إلى المال فإن ظروفى الماليه أفضل كثيراً من ظروف هانى الماديه !







أذن لماذا تركتينى يا ساره ؟ لمــــــــــــاذا ؟ ؟ ؟ !









قلتُ :



" أسألى ساره .. قد تجدى عندها إجابه لهذا السؤال ؟ "









نهله سألتنى بحيره :





" ألا تعرف لماذا ؟ ألم تسألها ؟ "









قلتُ :





" لم أسألها. "







نهله قالت بدهشه : " لماذا ؟ ؟ "









أجبتُ ثائراً :





" لأنه لا يهمنى أن أعرف السبب .. "









نهله صمتت لبرهه وبدت عليها علامات التفكير ، قبل أن تعود لتقول :





" رُبما كنت قد فعلت ما أغضبها. "









عدتُ بذاكرتى إلى الخلف وحاولتُ أن أتذكر أى شئ يمكن أن يكون قد أغضب ساره وجعلها تفعل ما فعلته ولكن بلا جدوى ..





إننى لم افعل ما يغضبها أبداً .. على العكسِ تماماً لقد كنتُ أفعل كل شئ لأرضاءها ..







قلتُ لنهله:





" لم أفعل أى شئ يغضبها. "









وصمتت قليلاً ثم عدتُ أقول :





" حتى لو كنتُ قد فعلت ما يغضبها .. هذا ليس عذراً لأن تتزوج من هانى. "









نهله تنهدت بقوه وقالت :





" أذن .. كان يجب عليك أن تسألها. "









تهاويتُ فوق إحدى المقاعد ، وأخذتُ أحدق فى اللا شئ ثم قلتُ :





" حين أخبرنى هانى بأنه عرض على ساره الزواج و أنها قبلت الزواج منه ، قالت لى ساره يومها أنها تريد أن تشرح لى كل شئ ، لكننى لم أعطها الفرصه لأن تشرح لى أى شئ. "









نهله قالت :



" رُبما لو كنتُ تركتها تشرح لك الأمر ، لكنتُ عرفت على الأقل عذرها .. "







بالفعل كانت نهله مُحقه فيما قالته ، لكننى كنتُ ثائراً جداً هذا اليوم ، لذا لم أدعها تشرح لى أى شئ ..







و لكن .. حتى لو تركتها تشرح لى كل شئ ؟ هل كان هذا ليغير شئ ؟







لقد كانت ساره قد قبلت الزواج من هانى وأنتهى الأمر ..







نهله عادت تقول :





" لقد كانت ساره تبدو حزينه جداً بالأمس .. ألم ترى كيف بكت بعد عقد القران ؟ أظن أن هناك شيئاً غامضاً فى الأمر .. كان لابد أن تعرف ما هو دافعها لهذا قبل أن تحكم عليها يا طاهر. "









هززتُ رأسى بقوه لأنفض عن عقلى كل تلك الأفكار التى وضعتها نهله برأسى .. فلم يعد هناك جدوى من الحديث عن هذا الأمر ..







لقد تزوجت ساره من هانى وأنتهى الأمر ..







قلتُ :



" أنا لا يهمنى معرفة أسباب ترك ساره لى .. لقد تركتنى وأنتهى الأمر .. أنا لا يهمنى سوى هانى الأن. "







نهضتُ من مكانى وألتقطتُ الهاتف ثم عدتُ لأجرب الأتصال بهانى ، إلا أننى هذه المره وجدته مشغول ..







***************************





بالأمس عرضت أمى على هانى أن يأتى إلينا غداً ليتناول وجبة الغداء معنا ، و قد رحب هانى بهذا كثيراً ..





و اليوم أعتكفتُ أنا وإيمان فى المطبخ لنعد طعام الغداء و الذى كان عباره عن أصناف عديده أعجز عن عدها ..







إيمان أخرجت بعض الأوانى من الفرن ووضعتها على المنضده ثم همت بألتقاط واحده من ورق العنب المحشو بالأرز ، فضربتها على يدها برفق وقلتُ :





" أياكِ أن تلمسى واحده منهم .. إن هذا الطعام من أجل هانى. "







إيمان رفعت حاجبيها بدهشه وقالت :





" هكذا ؟ أذن لا داعى لأن أساعدك فى إعداد الطعام طالما أننى لن أتناول منه شئ. "







وهمت إيمان بمغادرة الحجره ..







نظرتُ إلى الأطباق المُتسخه وقلتُ لإيمان :





" لو قمت بغسيل كل هذه الأطباق فسوف أترككِ تتذوقين الطعام كما تشائين . "









إيمان عادت إلى المنضده وألتقطت أصبع الورق المحشو ثم قالت :





" أضمن حقى أولاً ثم أغسل الأطباق بعد ذلك. "









قى هذه اللحظه سمعتُ صوت رنين هاتفى فذهبتُ لأجيب عليه وكان هانى هو المتصل ..







قلتُ :



" السلام عليكم .. "







أتانى صوت هانى و هو يجيب تحيتى قائلاً :





" وعليكم السلام .. كيف حالك يا ساره ؟ "







قلتُ :



" بخير .. الحمد لله. "







هانى صمت قليلاً ثم قال :





" ما رأيك لو مررتُ عليكِ اليوم لنخرج معاً ؟ أريد أن أتحدث إليكِ بأمر ما. "









تعجبتُ و قلتُ :



" ألن تأتى أذن لتناول طعام الغداء معى ؟ ؟ ؟ ! لقد أعددتُ الطعام من أجلك ! "







بدا أن هانى كان قد نسى هذا الأمر برمته ، فقال :





" لقد نسيت هذا تماماً .. على كل ٍ سأتى إليك فى تمام الساعه الرابعه. "









قلتُ :



" حسناً .. سأنتظرك .. أرجو ألا تتأخر .. "







عدتُ بعد ذلك إلى المطبخ و بعد قليل كنا قد أنتهينا من إعداد الطعام كاملاً ، فذهبتُ لأعد المائده وأضع عليها المفرش و الأطباق الفارغه ، ثم ذهبتُ بعد ذلك لأرتدى ملابسى ..







بعدما أنتهيتُ من أرتداء ملابسى ، وضعتُ القليل من مُستحضرات التجميل ، ثم جلبتُ حجابى وأخذتُ ألفه حول رأسى ..







"ساره ! لا تقولين أنكِ تنوين أرتداء الحجاب أمام هانى ! "







ألتفتتُ إلى إيمان بذعر و قلتُ : " أفزعيتنى يا إيمان. "







إيمان عادت تقول مُستهجنه :





" بالله عليكِ ما الذى تفعلينه الأن ؟ "







قلتُ ببساطه :





" إننى أرتدى حجابى كما ترى. "







إيمان صاحت بأستنكار :





" هل جننتِ ؟ أتريدين أن ترتدى الحجاب أمام زوجكِ ؟ ؟ ! "







وضغطت على حروف زوجكِ ، مما جعلنى أستاءُ كثيراً ، فقلتُ :





" نحن لم نتزوج بعد يا إيمان .. لقد تم عقد قراننا فقط. "







إيمان قالت :



" بلى .. تم عقد قرانكما .. وهذا يعنى أنه قد صار زوجكِ. "







أستأتُ كثيراً من وصف إيمان لهانى بزوجى ، فقلتُ بحنق :





" كفى يا إيمان .. كفى. "







وما كان من إيمان إلا أن أقتربت منى وأخذت تنزع عن رأسى الحجاب قائله :





" لا تحرجينا مع الرجل يا ساره. "







قلتُ بأنفعال :



" و ما شأنكِ أنتِ .. إذا كان هانى سيغضب من أحداً ، فسيغضب منى أنا. "







وأزحتُ يدها عن حجابى و عدتُ لألفه حول رأسى قائله :





" أنا لا أريده أن يرى شعرى .. وليس شعرى فقط .. لو كان الأمر بيدى لأرتديتُ نقاباً كى لا يلمح منى أى شئ. "









إيمان وضعت يدها فى جانبيها قائله :





" ما هذا الهراء يا ساره ؟ ! "







قلتُ بحده :



" قولى ما تشائين يا إيمان .. لقد طلب منى طاهر أن أرتدى الحجاب كى لا يرانى أحداً بشعرى .. وأنا فقط أنفذ ما طلبه منى. "







إيمان قالت بحده مماثله لحدتى :





" لكن هانى ليس أحداً يا ساره .. إنه زوجكِ .. أتفهمين معنى هذه الكلمه ؟ "









قلتُ ثائره :



" أنا لا أفهم إلا شيئاً واحداً .. و هو أننى أحب طاهر .. و طاهر فقط .. و لا أريد أن يرانى أحداً بشعرى سواه."









و تهاويتُ فوق أحد المقاعد و أخفيتُ وجهى بكلتا يداى ثم أجهشتُ فى البكاء ..







إيمان أقتربت منى وأخذت تربت على ظهرى برفق قائله :





" لا تفعلى هذا بنفسك يا ساره .. هذه ليست نهاية العالم .. ثم أنكِ بمرور الوقت ستنسين طاهر .. هذا غير أن هانى شاب رائع وأظن أنكِ سرعان ما ستحبينه. "









أبعدتُ يداى عن وجهى وقلتُ : " أ تظنين هذا يا إيمان ؟ "









إيمان قالت مؤكده : " طبعاً. "







وأخذت تنزع الحجاب عن رأسى قائله :





" أذهبى لتغسلى وجهكِ .. لابد أن هانى فى طريقه إلى هنا الأن. "







ذهبتُ لأغسل وجهى و طبعاً لم أعيد وضع مستحضرات التجميل ، و بناءً على رغبة إيمان لم أرتد ِ حجابى ..





***********************





كانت ساره قد أعدت من اجلى مائده طويله عريضه ، و تحوى أصنافاً شهيه ..







و قد أخبرتنى أنها من قامت بإعداد هذه الأصناف كاملة !







يبدو أن ساره طاهيه مُمتازه !







لو لم أكن لازلتُ متاثراً بما سمعته اليوم ، لكنتُ تناولت أكبر قدر من هذا الطعام ، إلا أننى كنتُ قد فقدتُ شهيتى تماماً بعدما سمعته اليوم من طاهر ..







أنتظرتُ حتى أنتهينا من تناول الطعام ، و قامت ساره برفع الأطباق عن المائده ثم ذهبنا إلى حجرة الجلوس لنشرب الشاى ..







و طبعاً كنا وحدنا بالحجره ..







أنتهزت الفرصه و قررتُ أن أتحدث إلى ساره عن الأمر ، فقلتُ :



" نهله تبعث إليك بسلامها. "









ساره أبتسمت و قالت : " سلمها الله. "









بينما تابعتُ أنا :



" وكذلك طاهر.. يبعث إليكِ بسلامه. "







وراقبتها لأعرف رد فعلها على هذا الأمر ، فإذا بها تضطرب و تهتز يدها و تكاد توقع بالفنجان من يدها !







أسرعتُ لأمسك بالفنجان قبل أن يسقط منها ، و كانت ساره قد أوقعت بعض الشاى على يدها ، فتناولتُ محرماً من جيب سترتى وأخذتُ أمسح قطرات الشاى عن يدها ..







ساره سحبت يدها من يدى بسرعه وسألتنى متلعثمه :



" هل .. كنت تقول أن طاهر .. يبعث إلىّ بسلامه ؟ "







قلتُ : " بلى. "







ساره قالت ببرود مصطنع لم يخيل علىّ :



" سلمه الله .. كيف يسير العمل بالمكتب ؟ "

قلتُ :



" لا أعرف. "


ساره سألتنى :

" ألم تذهب اليوم ؟ "



قلتُ :

" بلى ذهبتُ. "


ساره قالت بحيره :



" أذن .. كيف لا تعرف ؟ "

قلتُ :" لقد ذهبتُ إلى المكتب لدقائق ثم أنصرفت. "

ساره عقدت حاجبيها بشده ثم قالت : " لماذا ؟ "

قلتُ :" و أظن أننى لن أذهب إلى المكتب بعد اليوم. "



ساره دُهشت لما سمعت و أخذت تحدق بى بذهول ، ثم قالت : " لماذا ؟ ؟ ؟ ! "






ترددتُ قليلاً قبل أن اقول :



" لأننى عرفت كل شئ يا ساره. "







و لم يبد لى أن ساره قد فهمت قصدى ، فقالت بحيره :



" و ماذا عرفت ؟ "







تنفستُ بعمق ثم قلتُ :



" عرفت أن طاهر يحبك. "







ساره كانت ترفع الفنجان لترتشف منه ، فإذا بيدها تتوقف فى منتصف الطريق ، و إذا بها تحدق بى بذهول ما مثله ذهول ..







" و عرفتُ أنك أيضاً تبادلينه مشاعره. "







ساره تراجعت فى مقعدها كالمصعوقه و هى لا تزال تحدق بى و قد أتسعت حدقتا عيناها إلى أقصى حد ، و أنفغر فاها من شدة ذهولها ..







قلتُ :



" أذن .. أنتِ لا تنكرين هذا. "







ساره فتحت فمها لتقول شيئاً ما ، إلا أن صوتها أختنق و لم يصدر عنها سوى همهمه خافته ..







أقتربت منها وجلستُ بجانبها ثم قلتُ :



" ساره ! ردى علىّ. "







هذه المره أطرقت ساره برأسها أرضاً وتحاشت النظر إلىّ تماماً !







و لما لم أجد منها أجابه هذه المره أيضاً تناولتُ منها فنجان الشاى ووضعته على المنضده ، ثم مددتُ يدى إلى ذقنها ورفعت وجهها لتواجهنى ..









" أ أفهم من هذا أنكِ .. مازلتِ تحبينه ؟ "



بدأت الدموع تتجمع فى عينيها وتنسكب على وجنتيها فى صمتٍ تام ..







و قد أعتبرتُ صمتها بمثابة أعتراف بحبها لطاهر !







و هنا تفجر غضب هادر فى أعماقى ، و رأيتُ ألسنة اللهب تتراقص أمام عينى وتزيدنى جنوناً و ثوره و أشتعالاً ، و لم أشعر بنفسى إلا و أنا أقبض على يديها بكل قوه و أوقفها لتواجهنى ..







" لماذا لم تخبرينى بهذا ؟ بل و لماذا تزوجتينى أصلاً ؟ لماذا يا ساره ؟ "









ساره نظرت إلىّ بأسى من خلال دموعها ، وقالت بصوت أقرب منه النحيب :





" أنا .. أنا .. "









أتممتُ لها جُملتها قائلاً :



" أنتِ مخادعه .. كيف تفعلين هذا ؟ ألا تعرفين أن طاهر هو أقرب صديق إلىّ ؟ لماذا لم تخبرانى بهذا ؟ تباً لكما أنتما الأثنان .. "









وحررتُ يدها من قبضتى بحركه عنيفه جعلتها ترتد إلى المقعد بعنف ، وتحدق بى بذهول ممزوج بالأسى بينما تابعتُ أنا :





" غداً سأبدأ فى أجراءات الطلاق .. لا داعى لأن نستمر فى هذا المسلسل أكثر من هذا. "







وأسرعتُ بمغادرة المنزل ..







*******************

كنتُ جالسه بحجرة ساره أراقب زينه وهى تلعب بألعابها ، حين سمعتُ صوت الباب الخارجى وهو يصفع بقوه ..







تعجبتُ كثيراً .. هل أنصرف هانى بهذه السرعه ؟







غادرتُ الحجره وذهبتُ إلى حجرة الجلوس فوجدتُ بابه نصف مفتوح ..







تملكنى الفضول فتقدمت من الحجره عدة خطوات إلى أن وصلتُ إلى باب الحجره فأطللتُ برأسى من فتحته ورأيت ساره تجلس على إحدى المقاعد وتبكى .. و لم يكن هانى معها بالحجره !





" ما الأمر ؟ ماذا حدث ؟ "





أنتفض جسد ساره بشده لدى سماعها لجُملتى ، إذ أنها على ما يبدو لم تشعر بى عند دخولى الحجره ..





" لماذا تبكين ؟ و لماذا رحل هانى ؟ "







ساره قالت من بين دموعها :



" لقد رحل بغير عوده .. سننفصل يا إيمان. "







دُهشتُ لهذا الخبر الغير متوقع ، لقد تم عقد قرانهما بالأمس ِ فقط !





" لماذا ؟ ماذا حدث ؟ "
 

ساره قالت :



" لقد عرف أننى أحب طاهر. "







تفاجأتُ ، بل صُعقت للخبر ، و قلتُ :



" كيف هذا ؟ من أخبره ؟ "







ساره قالت :" لا أعرف .. لم يخبرنى .. لكن .. أظن أن طاهر . "







قلتُ :" لكن ... لماذا فعل هذا ؟ "







ساره صمتت قليلاً وبدت عليها إمارات التفكير ، ثم قالت :



" لا أدرى يا إيمان .. لا أدرى .. أنا لم أعد أفهم أى شئ. "







وعادت لتجهش فى البكاء من جديد ..





أقتربت منها وأخذتُ أمسح على شعرها قائله :



" لا تبكى يا ساره .. رُب ضارة نافعه .. كان لابد أن يعرف هانى بهذا الأمر على أى حال .. ثم أنه لن يلبث أن يهدأ. "







ساره هزت رأسها نافيه وقالت :



" لا أظن .. لقد أخبرنى بأنه سيبدأ فى إجراءات الطلاق غداً. "







قلتُ :" لا أظن أنه سيفعل .. أنه فقط يثرثر بكلام لا يفهم مدى خطورته من شدة غضبه. "







ساره صمتت لبرهه ثم عادت تقول :



" على أى حال أنا لم يعد يفرق معى أى شئ .. لقد راح من كنتُ أحيا لأجله ولم يعد يهمنى من راح وسيروح بعده .."





*********************





فى تمام الساعه العاشره صباحاً أستيقظتُ و أنا أشعر بعدة مطارق تضرب رأسى بقوه ؛ فلم أكن قد نلت من النوم ما يكفى بعد .. فقد ظللتُ ساهره أنا و إيمان نتحدث طوال الليل و لم نستطع النوم إلا بعد صلاة الفجر !





كنتُ أنام مُفترشه بطانيه على الأرض ، بينما كانت إيمان تنام على سريرى ..





لم أشأ أن أزعجها فتسللت مغادره الحجره وأغلقتُ بابها خلفى ..





ذهبتُ إلى الحمام مباشرة وأخذتُ حماماً بارداً ثم غادرته وتوجهتُ إلى حجرة أمى التى كانت لاتزال نائمه ..





تعجبتُ وأنتابنى القلق عليها فى آن ٍ واحد ؛ فإن أمى عادة ما تستيقظ باكراً ..





ذهبتُ إلى حجرتها وتوجهتُ نحو سريرها مباشرة وأخذتُ أناديها ، إلا أنها لم تجيبنى !





تفاقم قلقى عليها أكثر فأخذتُ أهزها برفق ثم بعنف و بجنون ، و أيضاً لم تستجيب لى ..





ذهبتُ إلى حجرتى كالمجنونه و أيقظتُ إيمان من نومها ، وعدنا لحجرة أمى وحاولنا إيقاظها و لكن دون جدوى ..





أدركنى الهلع والرعب ، و لم أكن أدرى ماذا أفعل ؟ إلا أن إيمان أقترحت أن أتصل بهانى .. و على الفور تناولت هاتفى وطلبتُ هانى إلا أنه لم يجيبنى ..





أرتديتُ ملابسى بسرعه وذهبتُ لأحضر سياره أجره فيما بقيت أيمان مع أمى إلى أن عدتُ فحملنا أمى برفق و أنزلناها إلى الأسفل و وضعناها بالسياره و توجهنا إلى المستشفى ، بينما ظلت زينه برفقة أحدى جيراننا ..





حين وصلنا إلى المستشفى أستقبلنا فريق الأسعاف بنشاط ، و وضعوا أمى على السرير المُتحرك ثم ساروا بها إلى حجرة الفحص و بقيتُ أنا و إيمان بالخارج و لساننا لا ينقطع عن الدعاء لها ..





بعد دقائق غادر الطبيب حجرة الفحص وتوجه إلينا ، إلا أننى لم أنتظر حتى يصل إلينا فأسرعت إليه ، وأمطرته بالأسئله بلهفه :





" كيف حال يا أمى ؟ هل أفاقت ؟ هل تحسنت ؟ أهى بخير ؟ أخبرنى يا دكتور كيف حالها ؟ لما لا تتكلم ؟ "







إيمان ربتت على كتفى وقالت :



" ساره .. أهدأى و دعى الطبيب يتكلم. "







الطبيب نظر إلى إيمان ثم عاد لينظر إلىّ قائلاً : " أأنتم بناتها ؟ "







من نبرة صوته أدركت خطورة ما سيقوله ، فقلتُ أحثه على الكلام وقد بدأ صبرى ينفذ ، وقلقى يتفاقم :



" بلى .. أنا أبنتها .. أخبرنى ماذا بها ؟ "







الطبيب قال بأسف : " البقاء لله. "





********************



فيما كنتُ جالساً بمكتبى فى اليوم التالى أتت نهله لتخبرنى بأن والدة ساره قد توفت ..





هذا الخبر أحزننى كثيراً برغم أننى لم ألتق بأم ساره سوى مرتين فقط ..





" ماذا سنفعل يا طاهر ؟ "







سألتنى نهله فيما كنتُ مُستغرق فى التفكير ، فرفعتُ بصرى إليها وقلتُ :



" ماذا تقصدين ؟ "







نهله مطت شفتيها ثم قالت :



" ألن نذهب لنشارك فى العزاء ؟ لابد أن هانى سيكون بمنزلها. "







تنهدتُ ببطئ وقلتُ :



" أتظنين أنه لن يستاء من وجودنا ؟ "







نهله قالت :



" طبعاً لن يستاء .. إننا ذاهبان لتأدية الواجب. "







قلتُ بتردد :



" لكن .. أنا .. أقصد .. أن وضعى .. حرجاً. "







نهله هزت كتفيها قائله :



" بهذه الظروف .. لا أظن .. ثم أنك لابد أن تقف بجانب هانى فى ظروف كهذه. "





وفى النهايه قررتُ أن أذهب مع نهله إلى منزل ساره ..





و كانت هذه هى أول مره أصعد فيها إلى منزلها .. و كانت الشقه مكونه من أربعة غرف و صاله صغيره بالكاد تتسع لعدة مقاعد صغيره ، و كان أثاث المنزل بسيط للغايه و يوحى بالمستوى المادى البسيط الذى تحيا به هذه الأسره و التى أصبحت مُقتصره على ساره و زينه الصغيره !





كم أشعر بالأسى على هاتين الفتاتين الذى قدر لهم أن يذقوا مرارة اليتم فى هذا السن الصغير !







كان الرجال يجلسون بالصاله وبحجرة الجلوس ، و النساء يجلسون فى الحجرات الأخرى ..







أول شخص وقعت أنظارى عليه حين وطأتُ بقدمى المنزل كان هانى الذى أنتصب واقفاً حين رأنى أدلف إلى الشقه ، و كانت تعبيرات وجهه غريبه ، و نظراته مُبهمة المعانى ..







ترددتُ قليلاً قبل أن أذهب لأصافحه ، إلا أن نهله شجعتنى على ذلك حين أقتربت من هانى وصافحته قائله :



" البقاء لله .. عظم الله أجرك. "





و سألت عن ساره ، فأشار لها بإحدى الغرف ، فأنصرفت نهله ، و بقيتُ و جهاً لوجهه مع هانى ..





أنا بنظراتى الخجلى المضطربه .. و هو بنظراته الجامده الصارمه !





تشجعتُ قليلاً و مددتُ يدى لأصافحه ..







فى البدايه لم يبد هانى عازماً على مد يده لى و مصافحتى ، إلا أنه لم يلبث أن حسم أمره و صافحنى ببرود !







كان هناك مقعداً شاغراً بجواره ، فجلستُ عليه و أخذنا نستمع إلى تلاوة القرآن الكريم دون أن يجرؤ أحدنا على النطق بأى كلمه ..







كنتُ أريد أن أسأل عن ساره .. و أطمئن عليها ..







لابد أن الصدمه كانت قويه عليها .. و لابد أنها الأن غارقه فى الحزن والدموع ..







إلا أننى طبعاً لم أجرؤ على السؤال عنها ، إلا أن هذا الأمر ظل يشغل تفكيرى طوال فترة جلوسى فى منزل ساره !







كم كنتُ أشعر بالضعف الشديد حين كنتُ أراها غارقه فى الدموع و الحزن ، و أتمنى لو أستطيع أن أخذها بأحضانى و أربت على ظهرها !







و الأن .. و أنا بمنزلها أشعر بمدى قربها منى .. و مدى شوقى إليها ..







آه يا ساره لو تعلمين ما بى ! آه لو تعلمين كم أشتاق لأن أراكِ و إن كان خلسه !







كم أتمنى لو تظهرين الأن أمامى لأطمئن عليكِ و أقر عينى برؤيتك !







و لكن التى ظهرت أمامى فى هذه اللحظه لم تكن ساره ، أنما كانت نهله ..







" هيا بنا يا طاهر .. لقد تأخرنا كثيراً. "







نظرتُ إلى ساعتى ، كان قد مر على وجودى بمنزلها ساعه كامله دون أن أشعر بها ..





هببتُ واقفاً ، فنهض هانى بدوره ، فأقتربت منه نهله لتودعه ، ثم أبتعدت عنا قليلاً مفسحه لنا المجال لنتحدث ..





قلتُ بخجل :



" عظم الله أجرك يا هانى. "







هانى قال :



" أجرنا و أجركم الله. "







و لم أجد أن الظروف مناسبه لأى حديث أخر ، إلا أننى وبرغم هذا خشيتُ أن يختفى هانى مره ثانيه ، و ألا أستطيع أن أتحدث إليه فقلتُ :



" ألن تأتى إلى المكتب غداً. "





هانى قال بحسم : " كلا. "





سألته بتردد :



" أذن .. هل ستأتى بعد الغد ؟ "







قال بهدوء لا يخلو من الحزم :



" كلا .. لن أتى إلى المكتب ثانيه. "







تفاجأتُ و قلتُ :



" وماذا عن العمل ؟ "







قال ببساطه :



" لن أعمل لديك بالمكتب. "







تنهدتُ و قلتُ :



" حسناً .. أحضر غداً إلى المكتب لنتحدث بهذا الأمر. "







هانى قال بنفاذ صبر :



" قلتُ أننى لن أتى غداً. "







قلتُ :" أذن .. تعالى وقتما تشاء .. ستجدنى فى أنتظارك .. هناك الكثير مما يجب علينا أن نتحدث بشأنه. "







هانى قال بصرامه :



" لا يوجد أى شئ يجب علينا التحدث بشأنه يا طاهر .. شكراً على مجيئك. "





وأعلن بهذا أنتهاء الحوار ، فلم أملك وقتها إلا الأنصراف..





نهله كانت تنتظرنى بالسياره ، وحين أقبلت سألتنى :



" هل تحدثتما ؟ "

0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا

المتابعون