₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة الاربعون

1 comment


هانى أخذ يتأملنى ملياً ، قبل أن يقول بصوت خافت و حنون :





" أنت ِ لصه و مُحتاله يا حبيبتى .. "





و أبتسم متابعاً :



" لستُ أدرى كيف أستطعتِ سرقة قلبى من بين ضلوعى بهذه الفتره البسيطه ؟ ! أخبرينى كيف ؟ "







تصاعدت الدماء إلى وجهى فجأه ، و أطرقتُ برأسى بخجل ، فأمتدت يد هانى إلى ذقنى و رفع وجهى إليه لأواجهه ، ثم قال :





" أنا أحبكِ يا ساره .. أحبكِ أكثر مما تتخيلين .. و أتمنى ألا تغيبين عن عينى للحظه واحده . "







لو أن كلمات هانى موجهه لأى فتاه بالكون ، ستكون هذه الفتاه أسعد فتاه على سطح الكره الأرضيه بأكملها ، و رُبما طارت من فرط سعادتها ..





لكن .. لأن هذه الكلمات موجهه لى أنا .. فقد أصابت قلبى كسهام قاتله ، و طعنتنى فى صميم قلبى ..





ليتنى أستطيع أن أبادلك مشاعرك هذه يا هانى ! بل ليتنى أولاً أستطيع أن أنسى حبى لطاهر الذى لازال يحتل حجرات قلبى الأربعه !







" أننى أحلم بذلك اليوم الذى ستصبحين فيه زوجتى يا ساره . "





نظرتُ إلى هانى بأضطراب و قلق و ترقب ..





أريد أن أضع يدى على شفتيه ليتوقف عند هذا الحد ..





يكفى هذا يا هانى .. أنا لا أحتمل كل هذا .. إن ضميرى يكاد يقتلنى من أجلك ..





أرأيت يا طاهر ما فعلته بى ؟ أرأيت إلى أين أوصلتنا ؟ أرأيت كيف أتعذب بسببك ؟





إننى أتمنى الموت .. أتمنى أن ألحق بأمى و لا أكون زوجه لأحد سواك ..





لماذا فعلت بى هذا ؟ لماذا ؟





" ألم يأن لنا لنتزوج و نكون معاً ببيتٍ واحد ؟ "





**********************







لو ترون الهلع و الفزع اللذان أرتسما على وجه ساره حين قلتُ هذه الجُمله ..







و لو ترون شلالات الدموع التى أخذت تتساقط على خديها ..







و لو تشعرون بقلبى الذى تمزق مع كل دمعه فاضت من عينيها ..







" أرجوكِ لا تبكين .. أنا لا أحتمل رؤية هذه الدموع . "







توسلتُ لساره بأن تكف عن البكاء و تناولت منديلاً و أخذتُ أجفف لها دموعها ، و أربت على ظهرها ، و أمسح على شعرها ، و أهدأ من حالها ..







"أرجوكِ يا ساره لا تفعلين بى هذا .. هذه الدموع تقتلنى . "









ساره نظرت إلىّ من بين دموعها ، وقالت بنبره حزينه :





" أنت لا تستحق فتاه مثلى يا هانى .. أنت تستحق من هى أفضل منى . . أنا . . . "









وضعتُ يدى على شفتيها لأمنعها من مواصلة الحديث ، و ضممتها إلىّ ، فأستجابت لى و أخذت تبكى فى احضانى بمراره ..







" أنا لا أريد و لا أحب سواكِ .. أنتِ حبيبتى و زوجتى التى سأقضى معها ما تبقى من حياتى .. طال عُمرى أو قصر يا ساره .. ستكونين أنتِ رفيقتى و حبيبتى .. و أنا لن أتوقف عن حبكِ طالما قلبى هذا ينبض . "







أبعدتُ ساره عنى قليلاً ، و أخذتُ أنظر إلى عينيها مباشرة ، و قلتُ لها برجاء :





" قولى أنكِ موافقه على أتمام الزواج فى أقرب وقت ، و أعدكِ بأن تكوني أسعد زوجه فى الدنيا .. فقط قولى أنكِ موافقه . "









ساره أخذت تنظر إلىّ للحظات بأضطراب وتشتت ، و أخيراً قالت :





" أنا .. لا أدرى يا طـــاهــ.. . . . . "









و أنتبهت فجأه لزلة لسانها ، فبترت جُملتها بغته ، و أزدردت لعابها بصعوبه ، و أخذت تنظر إلىّ فى أنتظار رد فعلى ..







أما أنا فوقع علىّ هذا الأسم الذى لم تتمه ساره وقوع الصاعقه ..







فأبعدتُ ساره عنى بدفعه قويه من يدى ، و أغلقتُ عينى بمراره الدنيا ، و أخذتُ أقبض يدى و أبسطها فى محاوله يائسه لأسيطر على أعصابى ..









لكنى حين عدتُ لأفتح عينى ، و وقع بصرى على ساره التى كانت تنظر إلىّ بوجل ، رأيتُ ألسنه النار تتراقص أمام وجهى ، و الشياطين تتلاعب أمامى ، فتفجر غضبى على هيئه زمجره غاضبه ، و كلمات مشتته تائهه :







" أبعد كل ما فعلته لأجلكِ تذكرين أسمه أمامى ؟





ألأننى أحببتكِ بصدق تدهسين قلبى تحت قدميك ؟





لقد خسرتُ صديق عُمرى بسببك أنت ..





ماذا تريدين أكثر من هذا لتتأكدى من حبى لك و لتنسين طاهر ؟ "









قلتُ جُملتى هذه و هببتُ واقفاً ، و غادرتُ المنزل صافعاً الباب خلفى و بمنتهى العنف ..





****************











ظللتُ لفتره لا أعلمها أنظر لفتحة الباب التى عبرها هانى منصرفاً صافعاً الباب خلفه بقوه ، و أنا عاجزه عن أدراك أى شئ ..



و لا أصدق ما أنا فيه ..



أحقاً كان هانى هنا ؟ أحقاً أخطأتُ بأسمه ؟ أحقاً قلتُ له طاهر ؟



كم أنا غبيه ! لقد خسرتُ هانى بهذا إلى الأبد .. و لا أظن أنه سيقبل العوده لى بعد ما فعلته ..



يا رب .. ألا يكفى ما فقدته و ما خسرته .. بداية بطاهر ، و مروراً بأمى الحبيبه ، و أخيراً بهانى ..



من تبقى لى بهذه الدنيا ؟ لماذا أعيش ؟ و من أجل من ؟ و ما هدفى من الحياه ؟



ماذا جنيتُ بحبى لطاهر سوى الحزن و الألم و التعاسه ؟



و ماذا فعل طاهر من أجلى سوى أنه تخلى عنى ، و تركنى أسيرة حبه و أسيرة ذكرياتى معه ؟



ألم يكن الأجدر بى أن أصرف مشاعرى عن طاهر الذى تركنى بكل بساطه ، و أوجه مشاعرى إلى الرجل الذى أحبنى بصدق ، و الذى فعل الكثير من أجلى ؟ !



ليت مشاعرى كانت بيدى أصرفها عمن أشاء و أوجهها لمن أشاء !



ليتنى ما أحببتك يا طاهر ! وليتنى أحبك يا هانى !



*******************



كنتُ فى قمة غضبى و أستيائى حين غادرتُ منزل ساره ، فأخذتُ أقود سيارتى بسرعه ، و أدوس على كل شئ يقابلنى بغيظ ..



و أخيراً توقفتُ أمام البحر .. و ترجلتُ من سيارتى ، و جلستُ على رماله الناعمه ..



و هنا فقط تفجرت أنهاراً من الدموع من عينى كنتُ أظننى قد أستنفذتها جميعاً بعد وفاة زوجتى ..



آه يا حلا لو تعلمين ما الذى حدث لى بعد وفاتك ؟ لو تعلمين كيف صرتُ بعدكِ ؟



ليتك تخرجين من قبرك و تأتين إلىّ لتأخذينى فى أحضانك كما كنتِ تفعلين حين أكون حزيناً ..



بل ليتك تأخذيننى معكِ تحت التراب .. فأنا لا أريد أن أحيا للحظه واحده بعد الأن ..



أبعد كل ما فعلته لكِ يا ساره لازلتِ تفكرين بطاهر ؟ !



أبعد كل الحب الذى أحببته لكِ مازلتِ تحبينه ؟



ماذا أفعل لكِ أكثر مما فعلت خلال الشهور الماضيه لكى تحبيننى ؟



لقد كنتُ بجانبكِ فى أصعب أيامكِ .. و كانت يدى هى اليد التى تربت عليكِ ساعة حزنك .. وكانت يدى أيضاً هى اليد التى أخرجتكِ من حزنكِ ..



أما طاهر ، فتخلى عنكِ وترككِ ..



بالله عليكِ أياً منا أحق بحبكِ ؟ أنا أم هو ؟



ظللتُ لوقت لا أعلمه جالساً على الرمال ، أبث همومى للبحر ، و أبكى كطفل صغير ، إلى أن أتت موجه عاليه و نثرت بعض المياه المالحه على وجهى ، وجعلتنى أفيق مما كنتُ فيه ، فألقيتُ نظره على ساعتى فوجدتها تشير إلى الواحده ليلاً ..



و ما كان منى لحظتها إلا أن نزعتُ ساعة ساره عن معصمى وأستبدلتها بساعة حلا المكسوره ..



ثم نهضتُ عائداً إلى منزلى .. و منزل حلا ..



عندما وصلت إلى المنزل وجدته موحشاً كئيباً ، و ظللتُ ممسكاً بمفتاح الباب لفتره دون أن أقوى على أدارته و فتحه ..



و بعد فتره طويله من التردد حسمت أمرى و فتحتُ الباب و دلفت إلى الشقه ..



كل ركن فى المنزل ذكرنى بلحظات السعاده التى قضيتها بصحبة زوجتى فيه .. كل ركن بالمنزل كان يحمل فى ثناياه شيئاً منها و كان يشعرنى بوجودها بجانبى .. حتى سريرها كان مازال يحمل فى طياته رائحة عطرها !



هل ستصدقوننى لو قلتُ لكم أننى شعرتُ بيدها تربت على كتفى و تمسح ما كان عالقاً برموشى من دموع ؟ !



لكن هذا ما شعرتُ به بالفعل ..



و كان هذا أخر شئ شعرتُ به ؛ فقد رحت بعدها فى سُباتٍ عميق ..



و تمنيتُ ألا أستيقظ من نومى أبداً !



*******************



مرت ستة أيام على ذلك اليوم المشؤوم ، ولم يحاول هانى طوال هذه الفتره أن يتصل بى ليعرف اخبارى ..



و أنا أيضاً لم أحاول أن أتصل به من شدة خجلى منه .. فلم يكن ما فعلته بالشئ البسيط .. لقد جرحته وطعنته فى صميم قلبه ..



و أنا فعلاً نادمه على ما فعلته ..



و لكن . . . هل يجدى الندم الأن ؟ و هل سيسامحنى هانى على ما قلته ؟



" آه يا أعصابى .. لما جعلوننا ننتظر كل هذا ؟ لما لا يعطوننا نتائج التحليل و ينتهى كل شئ ؟ "



أفقتُ من شرودى على صوت إيمان التى قالت العباره السابقه ، فنظرتُ إليها و قلتُ :



" تمالكى أعصابك .. فات الكثير و لم يتبق سوى القليل . "



إيمان تنهدت ببطئ و أخذتُ تهز قدميها بحركه عصبيه توحى بمدى قلقها ..



كنا نجلس فى الأستقبال بالمستشفى ، ننتظر نتائج التحاليل الخاصه بإيمان لندلف إلى الطبيبه و نعرضها عليها .. إلا أنهم تأخروا كثيراً ، فها نحن جالسين منذ أكثر من نصف ساعه دون أن تظهر هذه النتائج ..



" مدام إيمان . "



ألتفت كلا منا إلى الممرضه التى قالت هذه الجمله ، لكن إيمان لم تلبث أن قفزت من مكانها و قالت بلهفه :



" هل ظهرت النتائج ؟ "



قالت الممرضه وهى تمد لها يده بملف :



" ها هى النتائج .. تفضلى بالدخول إلى حجرة الطبيبه . "



إيمان أخذت تنظر إلى الملف وتقلب صفحاته دون أن تتحرك من مكانها ..



قلتُ لها :



" لن تفهمى منه أى شئ .. تعالى لندلف إلى حجرة الطبيبه . "



و أمسكتُ بيدها و قدتها إلى الحجره ..



و هناك ظلت الطبيبه تقرأ الملف لفتره ، قبل أن ترفع بصرها إلينا أو تحديداً إلى إيمان ..



إيمان قالت و قد بدأ صبرها ينفذ :



" خيراً ؟ ما نتيجة التحاليل ؟ "



أجابت الطبيبه بهدوء :



" خيراً إن شاء الله .. أخبرينى يا إيمان .. منذ متى تزوجتِ ؟ "



إيمان قالت :



" منذ حوالى سبعة أشهر أو ما يزيد . "



الطبيبه قالت :



" حسناً يا إيمان .. أنتِ ليس لديكِ أى مانع للحمل . "



فى هذه اللحظه رن هاتفى ، فأخرجته من حقيبتى بلهفه و حين نظرتُ إلى رقم المتصل و جدته هانى !



********************:::





منذ ذلك اليوم المشؤوم الذى أخطأت ساره فيه و نادتنى بطاهر ، أى منذ ستة أيام ، و لم يتصل أحدنا بالأخر . . أو بالأدق لم تكلف ساره نفسها عناء الأتصال بى و مصالحتى و كأن أستيائى و غضبى منها لا يشغل بالها و لا يهمها أطلاقاً . .







لذا قررتُ أن أتصل بها بنفسى و أتحدث إليها ، فلم يعد يجدى الهروب من الأمر . .







و لابد من مواجهة الأمر و إيجاد حلاً له . .







فى الأيام القليله السابقه توصلتُ لحلاً رُبما ستعتبرونه تسرع أو تهور ، لكننى لا أجد حلاً سواه . .







و الحل هو أن أنفصل عن ساره . .







نعم . . إنكم لم تخطأون السمع . . لقد قلتُ بالفعل أن الحل هو أن أنفصل عن ساره . .







فإن ساره برغم كل شئ لازالت تحب طاهر و أنا لا أستطيع أن أتزوج منها و هى تحب شخصاً أخر . .







أعرف أنكم تتسألون لماذا لم أنفصل عن ساره مباشرة بعد معرفتى بحبها لطاهر ؟







لكنى حين علمتُ أن ساره تحب طاهر فى بداية أرتباطى بها ، لم أنفصل عنها لأننى كنتُ أأمل أن تبادلنى مشاعرى فى يوماً ما . .







و لكنى فقدتُ الأمل تماماً فى أن تنسى ساره حبها لطاهر و تبادلنى مشاعرى . .







فبمرور الأيام يهيأ لى أن المسافه بينى و بين ساره تزداد بعداً و أن الحاجز الذى بيننا يزداد سمكاً و قوه . .







بأختصار شديد أنا و ساره لا نصلح أبداً كزوج و زوجه ، و لهذا أتصلت بها و طلبتُ منها أن نتقابل لنتناقش . .







أو لننهى كل شئ . .







و كم يصعب علىّ بعد هذه الفتره أن ينتهى كل شئ بينى و بينها !





***************



بالأمس زارتنا عائلة عابد ، و أتفق عابد مع والدى على أن يتم عقد القران و الزفاف فى ليله واحده بعد أسبوعين ..





أنا فعلاً أشعر بالسعاده من أجل هذا .. بل إننى أكاد أطير من فرط سعادتى .. و كذلك عابد .. مسرور جداً بهذا لدرجة أنه يتصل بى كل دقيقه و . . . .





أرأيتم ؟ ها هو ذا يتصل بى الأن ..





ألتقطتُ هاتفى و أجبت عليه قائله :



" نعم حبيبى . "







أتانى صوت عابد و هو يقول :



" أنا تحت منزلكِ الأن .. أمامكِ دقيقتان فقط لترتدى ملابسك و تنزلى لتقابليننى . "







تفاجأتُ و قلتُ : " لماذا ؟ ما الأمر ؟ "







عابد قال :



" قلت دقيقتان .. هيا أبدأى بتبديل ملابسك حالا ً. "







و أنهى الأتصال على هذا ..





هرولت نحو خزانه ملابسى ، و أنتقيتُ ملابسى بسرعه و عنايه ، ثم نزلتُ إليه و أستقيلتُ سيارته ، فأنطلق بها على الفور ..





سألته بذهول :



" إلى أين ؟ لما أنت متعجل هكذا ؟ "







عابد أختلس النظر إلىّ و قال :



" هششششش .. لا تتكلمى . "







قلتُ : " لماذا ؟ ما الأمر ؟ "







عابد قال : " أنتظرى لتعرفى .. " و أبتسم متابعاً : " إنها مفاجأه . "







حاولت أن أتمالك نفسى ، و ألا أنهال على رأس عابد بالكثير من الأسئله التى تشبع فضولى قليلاً ، فأخذتُ أراقب الطريق بشغف إلى أن توقف عابد على جانب الطريق و غادر السياره ثم دار حولها نصف دوره وأتى ليفتح لى الباب قائلاً :



" هيا .. أنزلى . "





غادرتُ السياره ، و أخذتُ أتأمل الفلل و المبانى التى حولنا بذهول ما مثله ذهول ..





" لماذا أتيت بى إلى هنا ؟ "





عابد أمسك بيدى وقادنى إلى إحدى الفلل دون أن يجيب على سؤالى ، ثم فتح بابها قائلاً :



" أدخلى بقدمكِ اليمنى إلى عشنا الصغير . "





دلفتُ إلى المنزل بقدمى اليمنى كما آمرنى ، و ظللتُ أتأمل المنزل الجميل و أنا عاجزه عن النطق !







" ما رأيك ؟ "







قلتُ مُنبهره : " رائــــــع . "







عابد قال :



" أشتريته اليوم .. و كتبته بأسمكِ . "







فتحت عيناى على وسعهما بدهشه و قلتُ :



" لا ! غير معقول ! لكن هذا كثير يا عابد ! "







عابد قال :



" إنه أقل ما يمكننى تقديمه لحبيبتى التى ستصبح زوجتى و أم أولادى . "





*****************





تهالكتُ فوق أقرب مقعد بمنزل ساره قائله :



" لا أصدق يا ساره أننى ليس لدى مانع للحمل .. لقد كنتُ بدأتُ أشك فى نفسى . "







ساره قالت :



" الحمد لله .. على أى حال لابد أن تفعلى أى شئ لتقنعى زوجك بالذهاب إلى الطبيب . "







تنهدتُ ببطئ و قلتُ :



" لا أظن .. أعتقد أننى لن أخبره حتى عن ذهابى إلى الطبيبه اليوم . "







ساره نظرت إلىّ بدهشه و قالت : " لماذا ؟ "







قلتُ :" لأننى إذا أخبرته بهذا .. سأقضى على علاقتنا تماماً .. فلا شيئاً يجرح الرجل أكثر من معرفته بأنه لا يستطع الأنجاب . "







ساره سألتنى :



" أذن . . ماذا ستفعلين ؟ "







أبتسمت و قلتُ بغموض : " سترين . "







فى هذه اللحظه رن هاتف ساره ، فقفزت ساره من مقعدها قائله :



" رُبما كان هانى يتصل بى ليلغى الموعد . "





إلا أنها حين ألتقطت الهاتف من فوق المنضده و نظرت برقم المتصل قالت بحيره : " إنها نهله . "





سألتها : " لماذا تتصل ؟ "





هزت كتفيها قائله : " لا أعلم . "





و ضغطت زر الأجابه قائله :



" السلام عليكم . "





" ..................... "





" أهلاً نهله .. كيف حالك ؟ "





" ................."





" أنا بخير .. الحمد لله . "





" ................... "





" حقاً ؟ ! مبارك لكِ . "





" ....................... "





" لا أدرى .. سأسأل هانى .. رُبما لن يوافق بسبب . . . . طاهر. "





" ................... "





" حسناً . . أتصلى به و أنا أيضاً سأحاول أن أقنعه بالذهاب إلى الحفل .. إلى اللقاء . "





ساره أنهت الأتصال و ظلتُ واقفه لفتره و قد بدت عليها إمارات التفكير و الحيره . .





سألتها : " ما الأمر ؟ "







ساره ألقت الهاتف على المقعد الأسفنجى ، و تهاوت على إحدى المقاعد قائله :





" كانت تدعونى لحضور حفل زفافها . "







سألتها : " هل ستذهبين ؟ "







قالت :" لا أدرى .. كل شئ متوقف على هانى . "





و أعقبت جملتها بتنهيده قويه ..





قلتُ :



" فاتحيه فى الأمر حين تتقابلا اليوم . "





و نهضتُ من مكانى قائله :



" أنا سأنصرف الأن . . لدى مشوار هام . "







ساره قالت : " إلى أين ؟ "







أبتسمت و قلتُ :



" سأتصل بكِ غداً و أخبركِ بكل شئ . "





**************



" ها هى الأوراق الخاصه بالمتقدمات إلى العمل .. أختار أى واحده منهن و قم بتعيينها . "





قالت نهله الجمله السابقه وهى تقلب صفحات الملف التى تمسك به ..







أما أنا فهززتُ كتفاى بلا أكتراث و قلتُ :



" حسناً . . أختارى من ترينها مناسبه . "







نهله وضعت إحدى ساقيها على الأخرى و قالت :



" بل أنت من يجب عليه أن يختار السكرتيره ؛ لأن .... أقصد .. لأننى .. سأخذ أجازه طويله جداً . "







تفاجأتُ و قلتُ : " تأخذين أجازه ؟ ! لماذا ؟ "







نهله أبتسمت بخجل و قالت :



" لأننى سأتزوج بعد أسبوعين . "







تفاجأتُ و أبتهجتُ لهذا الخبر فى آن واحد فقلتُ مازحاً :



" ستتزوجين بعد أسبوعين ؟ لا أصدق نفسى . . . أخيراً سنتخلص منكِ . . "







نهله رفعت حاجبيها بشده و قالت : " هكذا ؟ ! "







ضحكتُ و قلتُ :



" أخبرينى متى تحدد هذا ؟ "







نهله قالت بخجل : " بالأمس فقط . "







قلتُ :" مباركِ لكِ يا نهله .. عابد شاب رائع و أنتِ تستحقين كل خير . "







نهله أبتسمت و قالت :



" العقبه لك .. فأنت أيضاً تستحق كل خير .. "







تنهدتُ بقوه . . ليس هذا بالوقت المناسب أبداً لهذا الحديث يا نهله . . أرجوكى توقفى عند هذا الحد . .





إلا أن نهله تابعت :



" متى ستتزوج يا طاهر و تبهج قلوبنا ؟ "







أبتسمت بمراره و قلتُ :



" لا أظن أننى سأقدم على هذه الخطوه أبداً . "







نهله عقدت حاجبيها بشده و حزن و قالت :



" لماذا يا طاهر ؟ "







نظرتُ إليها لوهله ثم قلتُ :



" قبل أن أقدم على خطوه كهذه لابد أن أنسى الفتاه التى تحتل حجرات قلبى الأربعه . "







و أشرتُ إلى قلبى متابعاً بأسى :



" و لا أظن أننى قادر على نسيانها . "







نهله ظلت تنظر إلىّ للحظات بتردد ، قبل أن تقول : " طاهر .. "







قلتُ : " نعم ؟ "







نهله ترددت للحظه ثم قالت :



" هناك ما أريد أخبارك به. "





*******************





لم أكن لأصمت فى هذه اللحظه بالذات ..





كان لابد أن أخبر طاهر بكل شئ ؛ فأنا لن أستطيع أن أقف صامته و أنا أراه يتعذب ، و يعانى من شبح حبه لساره الذى لا زال يطارده بإصرار !





فأخذتُ أتكلم و طاهر يستمع إلىّ بكل حواسه .. و ينظر إلىّ بتمعن و لهفه . .





و من شدة لهفته بدا لى كأنه يريد أن ينتزع الكلام من لسانى قبل أن أنطق به !





و بعد ما أنتهيتُ من كلامى ، ظل طاهر للحظات مُتسمراً فى مكانه ، و عاجزاً عن أستيعاب أى شئ و قول أى شئ ..







قلتُ :" هذا ما حدث يا طاهر .. لقد ظننا بساره سوءاً . . "







طاهر رفع بصره إلىّ و سألنى بصوت أجش :



" هل أنتِ متأكده يا نهله ؟ "







أومأتُ برأسى إيجاباً و قلتُ : " أجل . "







و مهما قلتُ لن أستطيع أن أصف لكم مدى الحزن والأسى اللذان شقا طريقهما إلى كل لمحه من ملامحه فى هذه اللحظه ..





ليتنى ما أخبرته بهذا بعدما أنتهى كل شئ .





**************



حين دلفتُ إلى الشقه ، و رأيت الشموع المضاءه و الورد المتناثر على كل شئ ، و البالونات الحمراء على شكل قلوب ، فهمتُ على الفور أنها إيمان المجنونه . .





هل عادت أخيراً ؟ ؟ ؟ !





يا ألهى . . كم أشتقتُ إليها . .





كان الورد المجفف موضوع على الأرض على شكل أسهم ، و كلما سرتُ بأتجاه الأسهم كلما أستوقفتى إحدى البالونات الحمراء التى كتب عليها " أنا أسفه " بكل لغات العالم !





يا لها من مجنونه !





أفعلت كل هذا لتصالحنى ؟





كم أنا محظوظ لأننى لدى زوجه مثلها !





ناديتُ عليها بشوق :



" إيمان . . حبيبتى . . أين أنتِ ؟ "







و أخيراً ظهرت زوجتى الحبيبه ، بكامل زينتها و أناقتها ، رأسها منحنى نحو الأرض و وجنتهاها مُحمرتان ، و نظراتها خجله !







أقتربت منها و طبعتُ قبله على جبينها ثم قلتُ :



" أنتِ فعلتِِ كل هذا من أجلى . "







إيمان أومأت برأسها إيجاباً و أبتسمت بخجل . .





و كانت ليله من أجمل ليالى العمر ، أكتشفتُ خلالها أننى أحب زوجتى حباً جماً ، و أكتشفتُ أيضاً أن زوجتى تعشقنى . .





لن أنكر أننى تماديتُ كثيراً فى غضبى حين طلبت منى الذهاب إلى الطبيب . .





لكنى أنوى أن أعوضها عن ذلك . .





و أعتقد أننى سأفكر فى الذهاب إلى الطبيب . . و عساه خيراً . .





ياااااااارب أرزقنا بالزريه الصالحيه . . هيا أدعوا معى . .





******





" نحن لا نصلح لبعض يا ساره . "





نظرتُ إلى هانى مصدومه بجملته تلك و قلتُ مُستهجنه : " ماذا ؟ ! "







هانى تنفس بعمق ثم قال :" هذا ما أكتشفته مؤخراً يا ساره . . نحن لا نصلح كزوج و زوجه . "







أذهلتنى المفاجأه و أعجزتنى عن الرد لعدة ثوانى ، إلا أننى لم ألبث أن أنتزعتُ نفسى من دهشتى و قلتُ فى عجب :" أنت تقول هذا لأننى . . . . . أخطأتُ بأسمك ؟ ! "







هانى هز رأسه نافياً و قال :" ليس هذا فقط . . إننى أقول هذا لأسباب عديده . "







سألته مباشرة :" و ما هى هذه الأسباب ؟ "







هانى تنهد و قال :" لأنكِ لا تحبيننى يا ساره . . أنكِ . . . . . لازلتِ تحبين طاهر . "





شعرتُ فى هذه اللحظه كأن أحداً قد سكب على رأسى مياه مثلجه ، أثلجت ظهرى و جمدتنى بمكانى !





بينما تابع هانى بأسى :" هذه هى الحقيقه التى كنتُ أحاول تجاهلها طوال الأيام السابقه . "







و صمت لبرهه ثم أسترسل :" لكن بعد ماحدث . . لم يعد بأستطاعتى تجاهل الأمر . "







تنهدتُ و قلتُ :" ما حدث لا يتعدى كونه ذلة لسان غير مقصوده يا هانى . . من منا يسلم من زلة اللسان ؟ ! "







هانى أخذ يهز رأسه رافضاً قبل أن يقول :" لا يا ساره . . ذلة اللسان هذه كانت لأنكِ . . . تفكرين بطاهر . "







فى هذه اللحظه أتى النادل ليقدم لنا العصير الذى طلبه هانى ، فأنتظرتُ حتى أنصرف و قلتُ لهانى :" لماذا لا تريد أن تصدق أن طاهر كان ماضى و أنتهى ؟ "





هانى قال مباشرة :" رُبما كان طاهر ماضى ، لكنه لم ينتهِ . . إنه يعيش بداخلك . . إننى أراه فى عينيك . . و أشعر بحبك له . . لا تعتقدين أن نظراتكِ له ذلك اليوم خالت علىّ . "





كلامه ألجم لسانى ، فظللتُ أحدق به دون أن أقوى على النطق بكلمه واحده !



أما هانى فقد تابع :" لذا ، فلابد من الأنفصال . "





هنا لم أتفاجأ فقط ، لقد صُدمتُ . .



هل قال ننفصل بالفعل أم أننى سمعتُ شيئاً خاطئاً ؟ !





لا . . أنا لم أسمع شيئاً خاطئاً . . لقد سمعت جُملته الأخيره بكل وضوح ، بل لقد ثقبت جملته طبلة أذنى و أصابتنى بالصم !





" هل . . . هل . . . . . تعنى ما تقول ؟ "





سألته بتشتت و أنا لازلتُ غير مصدقه لما سمعت ، فقال هانى مباشرة :" هذا أفضل لنا نحن الأثنين ؛ فأنا لم أعد أستطيع الأستمرار معكِ و أنا أعرف بحبكِ لطاهر . . و أنتِ سيكون بأمكانك الزواج ممن تشائين بعدما ننفصل . "





قلتُ بسرعه :" لا . . مستحيل أن أتزوج من طاهر مهما حدث . . "







هانى نظر إلىّ بشك فتابعت :" لقد أنتهى طاهر بالنسبة إلىّ منذ أن تم عقد قراننا و إن أنفصلنا لن يغير هذا من شئ ؛ فأنا لن أعود إليه أبداً . . "







و أخذتُ نفساً عميقاً ثم قلتُ :" على أى حال لك مطلق الحريه فى الأنفصال عنى إذا كانت هذه هى رغبتك . "







هانى ظل صامتاً لفتره ثم قال بأسى :" هذا هو الحل الأمثل لوضعنا . . و أنا أفعل هذا من أجلك و . . . . . "





لم أحتمل أكثر من هذا فقاطعته قائله بأنفعال :" لا تعلق رغبتك فى الأنفصال عنى علىّ ؛ فأنا أخبرتك أننى لن أعود إلى طاهر و لا أريد العوده إليه . "







و صمتُ لبرهه ثم قلتُ :" حين تنتهى من أجراءات الطلاق أخبرنى بهذا . "







و نهضتُ و اقفه لأتابع :" أنا سأنصرف الأن . "





فهب هانى واقفاً هو الأخر و أخرج من جيب بنطاله عدة أوراق ماليه و وضعها على المنضده قائلاً :" أذن . . هيا بنا . "







وهم بالسير ، إلا أننى ظللتُ واقفه بمكانى أنظر إليه ، فتعجب هانى من موقفى هذا و قال : " ما الأمر ؟ "





قلتُ :" أريد أن أذهب وحدى . . "







هانى قال بصرامه :" لا . . مستحيل أن أتركك تذهبين وحدكِ . . لن أكون مطمئناً عليكى أبداً . "







قلتُ :" لا تخاف علىّ . . سأكون بخير . . "







هز هانى رأسه نافياً و قال :" أبداً . . لن تذهبى وحدك . . هل تعرفين كم الساعة الأن ؟ إنها التاسعه . "





قلتُ بتضرع و قد أختنقت الدموع بعينى و أوشكت على الأنهمار :" رجاءً دعنى على راحتى و لا ترغمنى على مرافقتك . "







هانى نظر إلى بمزيج من الحزن و الأسى و قال معاتباً :" و متى أرغمتكِ على شئ يا ساره ؟ "





أعتبرت جُملته بمثابة موافقه على ذهابى فقلتُ :" أذن وداعاً . "





غادرتُ الكافيتريا و أنا غارقه فى الحزن ، و هانى يتبعنى بخطوات بطيئه و يشيعنى بنظراته ، كنتُ قد أبتعدتُ عن الكافيتريا بمسافه لا بأس بها حين سمعتُ باب سيارة هانى يصفع ، أعقبه صوت محرك السياره . .





وقفتُ بمكانى و ألتفتت لألقى نظره أخيره على هانى ، فوجدته يجلس خلف عجلة القياده و ينظر نحوى ، ألتقت نظراتنا للحظه إلا أننى أشحتُ عنه بوجهى بسرعه و أشرتُ لإحدى السيارات الأجره ، إلا أن السائق لم يتوقف و تابع سيره . .





و فى هذه اللحظه توقفت إحدى السيارات أمامى ، و قد أطل سائقها من النافذه و أخذ يتأملنى مُبتسماً ثم قال :" السيارات الأجره لا تصلح للفتيات الجميلات . . تعالى لأوصلكِ بسيارتى ."





وليته ظهرى و سرتُ مُبتعده عنه عدة خطوات فإذا بى أسمع صوت باب السياره يفتح ، فأسرعتُ الخطى بل وركضت مبتعده عنه ، إلا أننى تسمرتُ فى مكانى حين سمعتُ صوت هانى يقول :" أيها الحقير . . أنزل من السياره لألقنك درساً لن تنساه ما حييتُ . "







أستدرتُ بسرعه عائده إلى هانى الذى أنهال على السائق بسيلٍ من اللكمات التى أفقدت السائق توازنه وجعلته يخر أرضاً . .كان هانى ينوى مواصلة ضربه إلا أننى أسرعتُ و أمسكتُ بيديه قائله : " يكفى هذا . . "





هانى لم يبد عازماً على ترك السائق فى البدايه ، إلا أنه لم يلبث أن رشق السائق بنظره ناريه و شد على يدى قائلاً :" تعالى معى . . "





أتجهتُ معه إلى سيارته وأستقلينا السياره عائدين إلى المنزل . .



تتبع ان شاء الله


هناك تعليق واحد:

اكتب تعليقك هنا

المتابعون