₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة السابعة والثلاثون

Leave a Comment


 
قلتُ : " بلى . "







قالت : " و ماذا قلتما ؟ "







أنطلقتُ بالسياره ، و قلتُ :



" لا شئ .. ألم أخبركِ كم هو عنيد ؟ لقد طلبتُ منه أن يأتى إلى المكتب لكنه رفض و أخبرنى بأنه لن يعمل معى ثانيه. "







نهله مطت شفتيها قائله :



" أنا واثقه من أنه سيهدأ بمرور الوقت و تعود المياه إلى مجاريها. "







زفرتُ بضيق و ألزمتُ الصمت لفتره ..





كنتُ أريد أن أسأل عن ساره و أن أطمئن عليها ..





و لا أريد أكثر من أن أعرف أنها بخير ..





أليس هذا من حقى ؟





هل أصبحتُ ممنوعاً حتى من السؤال عنها ؟





" فيما تفكر ؟ "







سألتنى نهله ، فقلتُ مباشرة :



" أفكر بساره. "







و أختلستُ النظر إلى نهله فوجدتها تنظر لى مُستنكره و معاتبه ..





تجاهلتُ نظراتها تماماً ، و قلتُ :



" كيف حالها يا نهله ؟ أريد فقط أن أطمئن عليها. "







نهله تنهدت و قالت بنبره حزينه :



" إنها مريضه جداً يا طاهر .. "





و كان رد نهله كفيلاً بأن يقضى علىّ تماماً !





***********************





بالأمس حين أخبرت ساره بأننى سأبدأ فى أجراءات الطلاق ، لم أكن أهذى ، و لم أكن أقول هذا من شدة غضبى .. لقد فعلاً أنوى أن أنفصل عن ساره ..







فبعد ما علمته بالأمس عن مشاعر ساره نحو طاهر ، لم يكن هناك مجال لأن أستمر معها ..







أما الأن .. وبعد وفاة والدتها .. و مرض ساره .. أظن أننى سأعدل عن هذه الفكره تماماً ..







فإن ساره الأن أصبحت فتاه يتيمه و وحيده ، و لا أظن أن ضميرى سيسمح لى أن أتخلى عنها .. مهما حدث .. و مهما كانت الظروف ..









حين رأيت طاهر اليوم ، كنتُ على وشك أن أفجر جام غضبى به ، على هيئه لكمات و ركلات و صفعات قويه ، و أشك فى أنه كان سيخرج من بين يدى سالماً !







إلا أننى طبعاً لم أملك وقتها إلا أن أكتم غيظى ، و أتظاهر بالبرود الشديد ، بينما فى أعماقى تشتعل النيران و تكاد تحرق كل شئ أمامى ..









و كم كنتُ أشعر بالأسى على صداقتى بطاهر التى أستمرت لسنوات طويله ، و أنتهت - على الأقل بالنسبة إلىّ - بهذه الطريقه !









حين طلب منى طاهر أن أتى إلى المكتب رفضتُ بشده .. فقد كنتُ أنوى أن أبدأ غداً فى البحث عن عمل .. و أظن أن شهادتى تغنينى عن العمل لدى طاهر ..









و باليوم التالى بدأتُ فى البحث عن عمل ، و لم يكن الأمر سهلاً كما توقعت ..







و فى إحدى الأيام ، بينما كنتُ أجرى مقابلة عمل بإحدى البنوك ، و كان هذا البنك مجاوراً للبنك الذى كنتُ أعمل به فيما مضى ، قابلتُ أحد زملائى وأخبرنى بأن جميع العاملين بالبنك قد قدموا شكوى ضد صالح - رئيسى بالعمل الذى تركتُ العمل بسببه - و بأنه قد طرد من عمله ، و هكذا عدتُ إلى عملى فى البنك ..







و تحسنت ظروفى الماديه شيئاً فشيئاً ، و أشتريتُ سياره حديثه بثمن باهظ ..







أما عن ساره ، فقد تحسنت صحتها كثيراً ، إلا أنها لم تخرج بعد من حالة الحزن التى تسيطر عليها ..







و بمرور الوقت بدأتُ أشعر نحوها بالمسئوليه الكامله .. و أعتقد أننى تعلقتُ بها أيضاً ..







أما عن مشاعرها نحوى فلا أدرى هل بدأت تألفنى وتعتاد علىّ أم لا ؟







و أيضاً لا أدرى إذا كانت لاتزال تحب طاهر ، أم أنه قد أصبح ماضٍ بالنسبة لها ، كما أصبح بالنسبة لى ؟ !







******************







مرت الأيام التاليه ببطء شديد .. وكانت الكآبه تغلف كل شئ .. و أضطررتُ لأن أظل أنا و أمى مع ساره بمنزلها ..





على أى حال أنتم تعلمون جيداً ، أننى حتى الأن لم أعد إلى زوجى و لا يوجد من يهتم بشأن مبيتى خارج المنزل ..





لا أدرى إلى متى سيظل أحمد باقياً على عناده ؟ !





صحيح أنه أتى ليعزينى يوم وفاة خالتى ، إلا أنه لم يأتى بذكر أى شئ عن عودتى إلى المنزل ، و كأنه قد أعتاد على أبتعادى عنه ، و وجد راحته فى البعد عنى !







على أى حال ، لقد خرج الأمر من يدينا الأن ، و المشكله التى كانت صغيره أزدادت أتساعاً بمرور الوقت خاصة بعد تدخل أبى ، وأبا أحمد !







دعونا نعود لنتحدث عن ساره التى بدأت أقلق بشأنها بالفعل ..







ساره كانت منهاره تماماً .. و بالرغم من أنه قد مر شهر كامل على وفاة خالتى ، إلا أن ساره لم تخرج بعد من دائرة حزنها .. بل يهيأ لى أنها بمرور الأيام تزداد حزناً وتعاسةً..







أننى أتذكر يوم علمنا بنبأ وفاة خالتى فى المستشفى أن ساره سقطت فاقدة الوعى ، و ظلت تلازم الفراش لمدة أسبوعان بعد ذلك من شدة مرضها ..







أننى لم أر ساره فى هذه الحاله من قبل حتى يوم وفاة والدها الذى كانت مُتعلقه به كثيراً !







لستُ أعلم إلى متى ستظل ساره بهذه الحال ؟ !







هانى يأتى لساره كل يوم ، و يحاول جاهداً أن يخرجها مما هى فيه ، و لكن بلا جدوى !







و اليوم أقترح هانى علينا أن نذهب جميعاً فى نزهه إلى شاطئ البحر ..







أنا و أمى راقت لنا الفكره كثيراً و شجعناه على هذا .. إلا أن ساره رفضت الفكره تماماً و حين تدخلتُ أنا وأمى لنشجعها على ذلك قالت :





" إذا كنتم تريدون الذهاب فلتذهبوا جميعاً .. أما أنا وزينه فسنظل بالمنزل . "







أمى ردت عليها قائله :



" إذا كنا نريد الخروج فهذا من أجلكِ أنتِ يا ساره .. "









ساره قالت :" إذا كنتم تريدون راحتى فدعونى وحدى . "









أمى قالت بعطف :



" و لكن يا ساره .. لابد ألا تستلمى للحزن. "







ساره قالت بأنفعال :" و هل المطلوب منى أن أبتسم و أكمل حياتى بشكل طبيعى جداً و كأن شيئاً لم يكن ، و كأن أمى لم تمض ِعلى وفاتها سوى شهر واحد ؟ "







أمى قالت :" لا يا ساره .. ليس هذا هو المطلوب .. أنا لم أقل هذا .. فراق والدتك أثر بنا جميعاً و لكن . . لا يجب أن تدعى الحزن يسيطر عليكِ هكذا حتى لا تمرضى ثانيه. "







ساره قالت بحزن :" أمرض أو أموت .. أنا لم يعد يفرق معى هذا أبداً .. لقد أصبحت يتيمه الأن و لن أجد من يحزن لفراقى . "







و بدأت فى البكاء ..





و طبعاً قضينا وقتاً عصيباً فى تهدأتها ..





لقد أصبح أمر ساره غريباً حقاً !





***********************





فى اليوم التالى حين ذهبتُ إلى ساره ، و جدتها تجلس فى حجرة المائده وتتناول طعامها ..







حين دعتنى خالتها إلى مشاركتهم الغداء ، فى الحقيقه كنتُ أشعر بالخجل ، فقلتُ :





" فى الحقيقه .. لقد تناولت غدائى منذ قليل. "







بينما فى الحقيقه أنا لم أتناول أى شئ منذ الصباح الباكر و معدتى تصرخ مطالبه بحقها من هذا الطعام الشهى !







خالتها نظرت إلىّّّّ بشك وقالت :



" هل تناولت غداءك بالله عليك ؟ "







ولأنها قالت ( بالله عليك ) فطبعاً لم أستطيع التمادى فى الكذب ، فقلتُ :



" فى الحقيقه .. كلا . "







و فى هذه اللحظه سمعتُ ضحكه خافته بالكاد ألتقطتها أذنى ، و حين نظرتُ إلى ساره ، أدركتُ أنها صاحبة هذه الضحكه !







شعرتُ حينئذ بأن الشمس قد أشرقت أخيراً بعد غياب طال لمدة شهر كامل ..







و طبعاً أنضممتُ إليهم ، و تناولتُ وجبة الغداء بشهيه مفتوحه ..







و فى المساء حين أقترحتُ على ساره أن نذهب لنتناول عشاءنا بالخارج و جدتُ منها أستجابه ، فذهبتُ لترتدى ثيابها و عادت بعد قليل و قد ارتدت ثيابها كامله ..







حين غادرنا المنزل ، أتجهتُ معها نحو سيارتى ، و فتحتُ لها الباب المجاور لمقعدى و قلتُ لها وأنا أنحنى نصف أنحناءه :



" تفضلى أنستى. "









ساره نظرت إلى السياره بحيره ، إذ أنها لم تشاهدها من قبل ، بل و لم أخبرها بأننى أشتريتُ سياره ؛ فقد أردت أن أفاجئها بها ..







" ما هذه ؟ "







أبتسمت و قلتُ :



" سيارتى .. أشتريتها مؤخراً .. هل أعجبتك ؟ "









ساره أبتسمت بدورها و قالت :



" إنها رائعه .. مبارك عليك. "









و دلفت إليها ، بينما ذهبتُ أنا لأجلس بجانبها ، و قبل أن أنطلق بالسياره سألتها :



" إلى أى مطعم تريدين الذهاب ؟ "









ساره قالت :



" أى مطعم يعد البيتزا. "







و على الفور توجهتُ نحو أفضل مطعم يعد البيتزا بجمهورية مصر العربيه بأكملها ..







**********************





فى الأيام السابقه ، كان هانى يأتى لزيارتى بأستمرار و للأطمئنان علىّ ، إلا أننى لم أكن أعامله معامله حسنه ؛ فقد كنتُ حزينه بشكل لن يمكنكم تصوره ..





لقد فقدتُ أحب أنسانه ، وأقرب أنسانه إلىّ ، و أى شخص بهذه الدنيا لن يستطيع أن يعوضنى عن لحظه واحده أقضيها بجانبها ، حتى طاهر الذى كان ولا زال يحتل حجرات قلبى الأربعه !





نعم .. هذه هى الحقيقه التى لا أستطيع أن أنكرها .. و التى لم تستطع الأيام أن تنسينى أياها !





إلا أننى و برغم هذا ، بدأتُ فى التأقلم على حياتى الخاليه من طاهر ، و أيضاً بدأتُ أعتاد على وجود هانى فى حياتى ..





و أتمنى أن أستيقظ ذات يوم لأجد أن طاهر لم يعد له وجود بقلبى ، و لأجد هانى يحتل مكانه بقلبى ؛ فإن هانى يستحق هذا بالفعل ، فهو شخص جدير بالمسئوليه ، و هو يعالمنى برقه ولطف بالغين ..





و اليوم حين أقترح علىّ أن نخرج لنتناول عشاءنا بالخارج لم أعترض كالعاده ، بل على العكس لقد رحبت بذلك كثيراً ..





و حين سألنى هانى ( إلى أى مطعم أريد الذهاب ؟ ) ، قلتُ بلا تفكير ( إلى أى مطعم بيتزا )





فلم يكن ليمرؤ بمخيلتى أن هانى سيختار - من بين جميع محلات البيتزا - ذلك المطعم الذى ذهبت إليه أنا وطاهر من قبل ..





أتذكرون هذا اليوم ؟ !





كم كان يوماً رائعاً !





لقد أخبرنى طاهر يومها بأنه يرانى جميله .. وكم كنتُ سعيده بهذا ! بل كنتُ أكاد أطير من فرط سعادتى !





كل خطوه كنتُ أخطوها بداخل المطعم كانت تذكرنى بلحظات السعاده التى عشتها بجانب طاهر ، و التى لن تعود ..





هانى كان يمسك بيدى و يقودنى نحو إحدى الطاولات ، و التى كانت تجاور تلك الطاوله التى جلستُ حولها أنا و طاهر ذلك اليوم ..





كنتُ أحدق بشرود بهذه الطاوله و أتمنى أن يعود الزمن بى إلى هذا اليوم !





" ماذا ستتناولين ؟ "





أمسكتُ بقائمة الطعام ، ونظرتُ بها ..



حين أتيت إلى هنا مع طاهر طلبتُ بيتزا مارجريتا ..





و بشرود قلتُ :



" سأتناول بيتزا مارجريتا. "





هانى أبتسم وقال :



" وأنا أيضاً سأتناول نفس ما ستتناوليه "





وكم شعرتُ بوخز الضمير على ذلك !





بعد قليل أتى النادل حاملاً البيتزا الساخنه ، و فى الحقيقه كانت معدتى مُنقبضه و متقلصه بسبب الذكريات المؤلمه .. و بسبب الواقع الأليم ، إلا أننى لم أشأ أن أعرض عن الطعام ، كى لا يستاء هانى من ذلك ، فبدأتُ فى تقطيع البيتزا بالسكين ، و فيما كنتُ مُنهمكه فى ذلك ، إذا بيد هانى تمتد نحوى ممُسكاً بقطعة بيتزا و يريد أن يطعمنى أياها بيده ..





أبتسمتُ وتناولتها منه ، وأنهمكنا بعد ذلك فى تناول البيتزا ..





لم أتناول الكثير منها ، وأكتفيتُ فيما كان هانى لا يزال مُستمراً فى الأكل .. بل و قد طلب واحده أخرى ..





إن هانى على ما يبدو من هواة الطعام ، على الرغم من جسده النحيل على عكس طاهر الذى زاد وزنه فى الفتره الأخيره ، وأصبح عظيم البنيه ، مفتول العضلات !





فكرتُ فى أن أطعمه بيدى أنا الأخرى .. لابد أنه سيحب ذلك ..





وفى الحقيقه حين فعلتُ ذلك أبتهج هانى كثيراً ..





تتبع ان شاء الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا

المتابعون