الحلقة السابعة عشر
ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ
=======================
بعد أن صفعت نهله الباب فى وجهينا ، لحق بها طاهر والشرر يتطاير من عينيه ثم أغلق الباب خلفه..
برغم أننى لا أطيق نهله ، إلا أننى أشفقتُ عليها خاصه حين سمعتُ صوت طاهر وهو يوبخها..
طاهر والذى أحياناً ما يكون لطيف جداً ، ورقيق جداً جداً ، ومتفاهم جداً جداً جداً..
فإنه أحياناً أخرى يكون عصبى جداً ، وغليظ جداً جداً ، و فظ جداً جداً جداً..
لكنى وبرغم هذا.. أحبه.. وأعشقه.. ولا أتمنى سواه..
أفقتُ من تأملاتى على صوت الباب وهو يفتح ، ورأيتُ نهله وهى تغادر الحجره قاصده باب الشقه..
كانت تبدو مستاءه جداً ، كما أن عيناها كانتا متورمتان من شدة البكاء ، ومازالت بعض الدموع عالقه برموشها..
وقفتُ وناديتها ، إلا أنها لم تعيرنى أهتماماً وغادرت مسرعه..
توجهتُ نحو الحجره حيث يجلس طاهر ، وكان الباب مفتوحاً ، فأستطعتُ أن أرى طاهر وهو جالساً فوق إحدى المقاعد ، وقد دفن وجهه بكفيه..
أنتابنى القلق عليه ، فأقتربتُ منه وقلتُ: "طاهر."
أبعد طاهر كفيه عن وجهه ، ورفع بصره إلىّ قائلاً: "ما الأمر يا ساره؟"
قلتُ: "أسفه ؛ لأننى كنتُ السبب فيما حدث.. لكننى لم أكن أقصد هذا.. لقد كان حادثاً عفوياً."
أومأ طاهر برأسه متفهماً وقال: "لم يحدث شئ يا ساره."
قلتُ: " لكن.. نهله قد أنصرفت."
قال: "أعلم هذا."
قلتُ: "كانت تبدو مستاءه جداً."
لم يُعلق طاهر على جُملتى ، فقلتُ: " ألن تلحق بها؟"
بدت أمارات التفكير واضحه على وجه طاهر قبل أن يحسم أمره ويقول: "بلى.. سألحق بها."
طاهر أتجه نحو باب الحجره ليغادر ، فأستوقفته قائله: "طاهر."
كان قد تجاوزنى ببضع خطوات ، فتوقف فى مكانه وألتفت إلىّ فقلتُ: "هذه الحجره.. أقصد.. هل نهله.. ستعمل معنا؟"
كان هذا ما أستنتجته حين رأيتُ الحجره ، والذى أكده لى طاهر بإيماءه من رأسه قبل أن يغادر الشقه..
*************************
أستقليتُ سيارتى وأخذتُ أبحث فى موقف السيارات القريب من المكتب عن نهله ، لكننى لم أجد لها أثراً..
ظللتُ أدور بسيارتى فى مناطق قريبه من المكتب دون أن أعثر عليها..
يأستُ وفقدت الأمل فى أن أجدها بعد نصف ساعه كامله من البحث ، فسلكتُ طريق العوده..
وبينما كنتُ فى طريق العوده ، لمحت بطرف عينى فتاه تجلس وحدها على إحدى المقاعد العامه المواجهه لشاطئ البحر ، وكان ظهر الفتاه مولياً لى..
لم يكن من العسير علىّ أن أعرف أن هذه الفتاه هى نهله..
توقفتُ بسيارتى على جانب الطريق ، وترجلتُ منها حتى وصلت إلى حيث تجلس نهله وجلستُ بجانبها..
نهله ألقت علىّ نظره لا مباليه ، ثم عادت لتنظر نحو مياه البحر دون أن تتبادل معى كلمه واحده..
قررتُ أن أبدأ أنا الحديث فقلتُ: "بحثتُ عنكِ كثيراً."
لم تُعلق على جُملتى ، بل ولم يبد عليها أنها قد سمعت جُملتى ، فعدتُ أقول:
"لما أنتِ هنا الأن؟"
نظرت نهله إلىّ وقالت بأستياء:
"ليس هذا من شأنك.. أنا أذهب إلى أى مكان وقتما يحلو لى.. لا سلطه لك علىّ."
حبستُ أنفاسى كى لا أتفوه بما قد يزيد الأمر تعقيداً ، وأنتظرتُ قليلاً ثم قلتُ متجاهلاً عبارتها تماماً:
"ألا تعرفين أن تواجدكِ هنا بمفردكِ قد يعرضك للمضايقات من قبل الشباب العاطل."
قالت بسخريه: "أهكذا فجأه أصبحت تهتم بى؟!"
قلتُ: "نهله.. أنتِ أبنة خالى و........."
قاطعتنى نهله حين أستدارت إلىّ بجسدها كله قائله بعصبيه:
"ومثل شقيقتك.. أعرف هذا جيداً جداً.. بل لقد أصبحتُ أحفظ هذا الكلام عن ظهر قلب.. لا تعذب نفسك بألقاء هذه المحاضره الطويله ؛ فقد فهمتُ أن مشاعرك نحوى لا تتخطى مشاعر الأخ نحو أخته ، كما فهمتُ أيضاً أنك تحب تلك الطفله التافهه ساره."
للمره الثانيه لم أتمالك نفسى حين سمعتها تقول هذا الكلام عن ساره ، فصرختُ بها قائلاً:
"حذارِ أن أسمعكِ تتحدثين عن ساره بهذه الطريقه.. هل تسمعين؟"
تفاجأت نهله من حديثى ، وظلت صامته للحظات قبل أن تقول بتهكم: "أوه.. أسفه.. كنتُ قد نسيتُ أنها زوجتك المستقبليه."
قالت نهله جُملتها وهبت واقفه ثم تابعت: "مبارك لكما."
أنهت جُملتها وأبتعدت عنى لتستقل سياره أجره.
********************
عاد طاهر إلى المكتب بعد ساعه كامله ، وكان مكفهر الوجه ، وقد بدا الحزن واضحاً على مُحياه..
توجه طاهر إلى حجرته مباشرةً وأغلق بابها خلفه ،، وبعد فتره من الزمن قررتُ أن أذهب إليه لأتفقد حاله..
طرقتُ بابه ، فقال: "تفضلى يا ساره."
فتحتُ الباب ودلفتُ إلى الحجره ، كانت الحجره معبقه برائحه السجائر ، وكان طاهر جالساً خلف مكتبه يدخن..
سعلتُ بقوه لدى دخولى إلى الحجره ، فأسرع طاهر ليفتح النافذه..
أقتربتُ من النافذه وأستنشقتُ الهواء النقى ، وحينئذ ألتفتتُ إلى طاهر وقلتُ: "كيف تتحمل رائحه السجائر؟"
هز كتفيه وقال: "أعتدتُ عليها ، فلم تعد تفرق معى."
قلتُ: "لكنها ضاره جداً.. ألم تحاول الأقلاع عن التدخين؟"
قال بلا أكتراث: "حاولت وفشلت." ، ثم قال مُغيراً الحديث: "أخبرينى ماذا كنتِ تريدين؟"
تلعثمتُ وقلتُ: "كنتُ أريد... أقصد.. فى الحقيقه.. لقد أتيتُ للأطمئنان عليك.. فقد كنت تبدو مستاءً جداً."
أبتسم طاهر وقال: "هل أتيتِ لتطمئنى علىّ فعلاً؟!"
أومأتُ برأسى إيجاباً ، فقال طاهر: "أجلسى ودعينا نتحدث قليلاً."
أطعته دون مناقشه وجلستُ على أقرب مقعد ، فأتى طاهر ليجلس فى مقابلى وقد ثنى جدعه إلى الأمام ، مسنداً وجهه إلى كفيه ، وزراعيه إلى ركبتيه ، فيما كانت عيناه تتأملنى ملياً..
سألته: "ما الأمر؟"
صمت قليلاً ثم قال: "أعتقد أن نهله لن تعود ثانيه."
عظيم..
أذن فقد أصبحتُ أنا وطاهر وحدنا فى المكتب من جديد..
قال طاهر: "أنتِ تعرفين بالطبع بأن نهله تحبنى."
أومأتُ برأسى إيجاباً ، فتابع: "ما لا تعرفينه هو أننى كنتُ أحب نهله ، لكننا أنفصلنا منذ خمس سنوات مضت."
تفاجأتُ بهذه المعلومه الجديده ؛ وبصراحه أستأتُ كثيراً ؛ فليس سهلاً أن أعرف أن حبيبى كان يحب تلك السخيفه ، بل ورُبما مازال يحبها حتى الأن..
"نهله مازالت تأمل فى أن عودتنا من جديد.. لكننى لن أعود إليها."
قال طاهر العباره السابقه ، فسألته: "ولم لا تعودان؟"
أطال طاهر النظر إلىّ ثم قال: "مشاعرى نحوها ماتت يا ساره."
أراحتنى جُملته الأخيره كثيراً ، وجعلت الأمل ينتعش فى قلبى ، فى حين تابع طاهر:
"وكل ما حدث اليوم كان سببه أنها تعرف بحبى لكِ." !
********************
"كل ما حدث اليوم كان سببه أنها تعرف بحبى لكِ." !!!!
كانت هذه هى الجمله التى قالها طاهر ، وكانت هذه أيضاً هى الجمله التى فجرت فى نفسى دهشه بلا حدود..
فظللتُ أحدق بطاهر للحظات شبه ذاهله ، وأنا أحاول أن أستيعاب جُملته الأخيره..
هل سمعتم جُملته بوضوح كما سمعتها؟!
هل قال أنه يحبنى فعلاً؟!
آه يا طاهر.. آه يا حبيبى..
هل كنت تبادلنى مشاعرى دون أن أدرى؟!
هل كنت غارقاً فى حبى كما أنا غارقه فى حبك؟!
حين لاحظ طاهر دهشتى ، قال: "ماذا دهاك يا ساره؟ لما أنتِ ذاهله هكذا؟"
أبتلعتُ ريقى بصعوبه وقلتُ: "لست ذاهله.. لكن ما قلته.. أقصد.. يبدو أننى لم أسمع جُملتك الأخيره جيداً.. هل لا أعدتها على مسامعى مجدداً؟"
هز طاهر كتفيه وقال ببساطه: "لقد قلتُ أن ما حدث اليوم كان سببه أن نهله تعرف بحبى لكِ."
رددتُ ورائه فى ذهول: "حـ.. حـــ... حـــ بــــ كــ لـــــ ـى؟!"
قال: "بلى.. فهى مازالت على أعتقادها بحبى لكِ منذ يوم الحفل.. بالطبع تذكرين حين زعمتُ ذلك أمامها ذلك اليوم."
**********************
أنتهى العمل اليوم ، وحان موعد العوده إلى المنزل..
أستقليتُ سيارتى أنا وساره لأوصلها إلى منزلها كالعاده..
وكالعاده كانت ساره تجلس بجانبى فى السياره ، إلا أنها كانت صامته على غير عادتها ، فهى دائماً ما كانت تتحدث وتمزح طوال الطريق وبلا أنقطاع ..
رغم أننى كنتُ سعيداً بهذا التغيير الذى سمح لى بأن أقوم بتشغيل الراديو وأستمع إلى الأخبار كما أحب ، إلا أننى شعرتُ بالقلق على ساره التى كانت تبدو حزينه جداً منذ أن كنا نتحدث فى حجرتى عن نهله..
برأيكم.. ما الذى فعلته أغضبها إلى هذه الدرجه؟!
قررتُ أن أبدأ بالحديث ، فقلتُ: "ما الأمر يا ساره؟ لما أنتِ صامته هكذا؟"
أجابت بأقتضاب ، ودون أن تلتفت إلىّ: "لا شئ.. فقط أشعر بالدوار."
أنتابنى القلق عليها ، وخشيتُ أن تكون مريضه لا قدر الله ، فقلتُ لها: "أتريدين أن نذهب إلى الطبيب ليفحصكِ؟"
هذه المره ، ألتفتت ساره لتنظر إلىّ ملياً ، قبل أن تقول: "كلا.. أنا بخير.. كل ما فى الأمر هو أننى لم أتناول شيئاً منذ الصباح."
كنا نمر على مطعم خاص للبيتزات فتوقفتُ على جانب الطريق قائلاً بحسم: "فلنذهب إلى هذا المطعم لنتناول طعامنا."
أعترضت ساره وقالت: "كلا.. لا.. لم أقصد هذا.."
أبتسمت وقلتُ: "أعرف أنكِ لم تقصدى هذا.. لكننى فعلاً أشتهى البيتزا.. هل لا تعطفتِ علىّ وتكرمتِ بأن تقبلى دعوتى؟"
***********************
تتبع ان شاء الله
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا