ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ....... الحلقة الثانية عشر

Leave a Comment


الحلقه االثانية عشر

ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ

=====================

كنتُ منهمكه فى تحضير وجبة الغداء حين تعالى بكاء ملك فجأه.. نظفت يدى بسرعه وكدتُ أهرع إليها لولا أنها بدأت تهدأ شيئاً فشيئاً.. 





رُبما ذهبت أمى لتهدأتها.. 





تابعتُ عملى وتجاهلت بكاءها الذى لم يلبث أن أنقطع تماماً.. إنها أمى بلا شك.. 





بعد لحظات سمعتُ صوت خطوات زينه الصغيره تقترب من المطبخ وهى تلهث كأنها تحمل على عاتقها الكره الأرضيه بأكملها.. 



وبعد قليل دلفت زينه إلى المطبخ.. 



وكم كانت دهشتى حين رأيت زينه التى كانت تحمل ملك التى أستكانت بين زراعيها ! 



أسرعتُ لأحمل ملك قبل أن تفلت من زينه وتسقط أرضاً.. 



أطلقتُ تنهيده أرتياح حين ضممتُ ملك إلىّ وألتفتتُ إلى زينه لأحذرها قائله: 





"أياكِ أن تحملى ملك ثانيه." 





لم يبد على زينه أنها فهمت تحذيرى.. أو رُبما فهمت تحذيرى ولم تعيريه أهتماماً فعدت أقول بصوت أعلى: 





"إذا تكرر هذا الأمر ثانيه فرُبما أفقد صوابى." 





تجاهلت زينه جُملتى وأشارت إلى ملك قائله: "نونو؟" 





**************** 



ظللتُ واقفاً وحدى فى الممر بعد إنصراف الطبيب الجراح الذى أخبرنى دون الخوض فى التفاصيل بأنه حاول إنقاذ الجنين بشتى الطرق لكنه للأسف لم يتمكن من ذلك وأضطر للتضحيه بالجنين.. 





كما أنه أخبرنى بأن حالة زوجة هانى غير مستقره وبأنه يتوقع أن تعاود النزيف من جديد.. 



تفاجأتُ من كلام الطبيب ؛ لأننى لم أكن على علم بأن زوجة هانى حامل وربما كانت زوجة هانى نفسها لا تعرف أنها كانت تحمل جنيناً فى رحمها ؛ لأن الطبيب أخبرنى أنها كانت فى شهرها الأول ! 





أتمنى أن تشفى زوجة هانى بسرعه ؛ فإن هانى يعشق زوجته بجنون ورُبما يفقد عقله لو أصابها مكروه لا قدر الله و......... 





تعالى صوت رنين الهاتف فى هذه اللحظه وأنتزعنى من شرودى فنظرتُ إلى الرقم المتصل فإذا بى أجده رقم نهله.. 





تجاهلت الرنين تماماً حتى أنقطع للحظات لكن الرنين لم يلبث أن تعالى من جديد فى ألحاح.. 





أجبتُ قائلاً بحنق وأستياء ونفاذ صبر: "نعم يا نهله." 





أتانى صوتها مستاءً وهى تقول: "لماذا لم تعد حتى الأن يا طاهر؟" 



قلتُ: "لم أعد.. هذا شأنى يا نهله.. أنا حر أعود وقتما أشاء.. رجاءً لا تتدخلى فيما لا يعنينكِ." 



ظلت نهله صامته للحظات ووصلنى صوت نحيبها.. هذا ما كان ينقصنى فعلاً.. 





قلتُ ببرود: "حسناً يا نهله.. سأغلق الخط لأتركك تكملين البكاء كما تشائين." 





كدتُ أغلق الخط لولا أن أستوقفتنى نهله حين قالت: "لماذا تعاملنى هكذا؟ ما الذنب الذى أقترفته لتعاقبنى عليه؟" 





قلتُ: "أظن أنكِ تعرفين إجابة هذا السؤال جيداً يا نهله." 





قالت نهله فى ثوره عارمه: "كنتُ مراهقه.. لم أكن أدرى أننى أحبك هكذا يا طاهر.. لماذا لم تسامحنى حتى الأن وأنا التى أعبر لك عن ندمى وأسفى وأشتياقى إليك فى كل مناسبه.. وأنا التى أحاول أرضاءك بشتى الطرق ؟! لماذا يا طاهر؟ لماذا؟" 



قلتُ: "رُبما... لأننى لم أعد أبادلكِ مشاعركِ يا نهله." 



قالت: "كلا يا طاهر..ليس هذا هو السبب..أنا واثقه من أننى مازلتُ أحتل ولو جزءاً ضئيلاً فى قلبك و....." 





قاطعتها قائلاً: "لا تتوهمى أشياءً ليس لها وجود يا نهله." 





قالت نهله بإصرار: "أنا واثقه مما أقول يا طاهر.. أنت مازلتُ تحبنى لكن كرامتك تأبى التصريح بذلك.. وأنت تأبى أن تسامحنى لأننى تركتك وأرتبطتُ بشخص أخر.." 





كنتُ أعرف بينى وبين نفسى بأن كل ما تقوله نهله الأن صحيح عدا أننى أحبها كما تعتقد.. إلا أننى قلتُ نافياً:"لقد نسيتُ هذا الأمر تماماً يا نهله.. نسيته كما نسيتكِ أنتِ.. وأبداً لن أعود إليكِ.. هل تسمعين؟ لن أعود إليك حتى لو كنتِ أخر النساء فى هذه الدنيا." 



قالت نهله بتضرع: "أرجوك يا طاهر.. دعنا نتقابل فى الخارج ونتحدث.. دعنى أدافع عن نفسى أرجوك." 





قلتُ: "فات الأوان يا نهله.. لقد أنتهى كل شئ." 





قالت نهله بنره حزينه : "لم يفوت الأون بعد يا طاهر.. وأنا لن أبتعد عنك أبداً.. أننى أحبك أكثر من نفسى.. أنك جزء لا يتجزء منى.. أنا لن أستطيع أن أحيا بدونك.. ولن أتزوج من سواك.. أرجوك سامحنى ودعنا نعود من جديد.. دعنى أنعم بحبك من جديد.. إننى أحتاج إليك بشده." 





هممتُ بالرد عليها إلا أننى لم ألبث أن أطبقتُ على شفتاى حينما رأيتُ هانى وهو يغادر حجرة زوجته مسرعاً ومتجهاً إلى حجرة الطبيب فأصابنى الهلع وأغلقتُ الخط فى وجه نهله قبل أن أذهب خلفه إلى حجره الطبيب وهنا سمعتُ هانى وهو يصرخ بالطبيب قائلاً: "زوجتى تنزف بشده.. أرجوك أفعل أى شئ.. لا تجعلها تموت.." 



وبجنون ما مثله جنون أمسك هانى بالطبيب الجراح ليقوده إلى حجرة زوجته.. 



كان الطبيب متفاجأً من ردة فعل هانى إلا أنه أطاعه بهدوء هو وطبيب شاب كان جالساً معه فى الحجره ذاتها ، وحينما وصلنا إلى حجرة زوجته طلب منا الطبيب الشاب أن نغادر الحجره.. 





فى البدايه أعترض هانى بشده على مغادرة الحجره إلا أننى تدخلتُ وأفهمته أن تواجده فى الحجره لن يفيدها بل على العكس رُبما يضرها وبعد نقاش طويل أقتنع هانى وغادر معى الحجره لنقف فى الممر من جديد.. 





**********************

فوضتُ أمرى إلى الله وغادرتُ الحجره لأقف مع طاهر وقد ران الصمتُ علينا تماماً.. 





مرت نصف ساعه كامله ولم يغادر الطبيب حجرة زوجتى بعد ، تفاقم قلقى ونفذ صبرى فقررتُ أن أدلف إلى الحجره لأطمئن على زوجتى.. 



أتجهتُ نحو حجرة زوجتى بخطوات ثقيله وكلما خطوتُ خطوه كلما أزداد شعورى بأننى سأنهار فى الخطوه التاليه.. 





أعترض طاهر طريقى وسألنى: "إلى أين؟" 





قلتُ: "لا أستطيع الأنتظار أكثر من هذا.. سأدلف إلى الحجره وليحدث ما يحدث." 





قلتُ صارخاً: "لقد نفذ صبرى.. لم يعُد بأمكانى الأنتظار أكثر من هذا.. أنك لم ترى كيف كانت حلا غارقه فى بحر من الدماء.. إننى أكاد أموت قلقاً عليها يا طاهر." 



قال طاهر يواسينى: "النزيف أمر طبيعى جداً فى حالتها يا هانى.. لقد فقدت زوجتك جنينها و..........." 



قاطعته قائلاً: "أى جنين هذا؟ ما الذى تتحدث عنه؟" 





بدا الأرتباك واضحاً على وجه طاهر وهو يبعد يديه على كتفاى قبل أن يقول بتردد: "ظننتك تعرف هذا." 



أمسكتُ برسغيه بقوه سألته: "أعرف ماذا يا طاهر؟ أخبرنى قبل أن أفقد صوابى." 





قال طاهر: "لقد أخبرنى الطبيب بأن زوجتك كانت حامل فى شهرها الأول وفى أثناء الحادث فقدت جنينها." 





*********************** 



أرتسم الذهول على كل لمحه من ملامحه ثم بدأ يهز رأسه نافياً قبل أن يتمتم هانى بصعوبه وكأنه ينتزع الكلمات من حلقه أنتزاعاً: 



"كلا.. لا.. غير صحيح.. زوجتى لم تكن حامل يا طاهر." 





كنتُ أشعر بالندم لأننى أخبرته بهذا فى هذا الوقت بالذات ، لكننى كنتُ أظنه يعرف هذا.. كنتُ أريد أن أطمأنه ليس إلا.. 





ليتنى ما أخبرته.. 





أنتزعنى هانى من شرودى حينما قال بأسى: "حلا كانت حامل.. أكان سيصبح لدى طفلاً أخر؟!" 





هممتُ بمواساته إلا أن باب حجرة زوجة هانى قد أنفتح وخرج الطبيبان من الحجره وأغلق الطبيب الشاب باب الحجره قبل أن ينصرف فى حين أتجه الطبيب الجراح إلينا وهنا سأله هانى بهلع: "كيف حال زوجتى الأن؟ هل توقف النزيف؟" 





قال الطبيب: "لقد فعلنا مع بوسعنا لنوقف النزيف لكن....." 





سأله هانى بقلق: "لكن ماذا؟ ماذا أصاب زوجتى؟" 





قال الطبيب بتأثر واضح: "البقاء لله." 







شحب وجه هانى من شدة الصدمه وظل يحدق بالطبيب فى ذهول ما بعده ذهول قبل أن يقبض على رسغى الطبيب فى قوه ويهزه قائلاً: 



"كلا.. غير صحيح.. زوجتى لم تمت.. زوجتى مازالت حيه ترزق.." 







ألتفت هانى إلىّ وتابع: 





"أخبره يا طاهر بأن زوجتى لم تمت..أخبره بأنها مازالت حيه ترزق.. أخبره بأنها الأن تنتظرنى فى المنزل ولابد أنها غاضبه منى لأننى تأخرتُ عليها خاصة وأن اليوم هو عيد زواجنا.. 





حبيبتى.. لقد أشتريتُ لكِ الفستان الذى أعجبكِ.. حلا.. إننى قادم إليك ولن أتأخر." 





************************* 





أستيقظتُ من نومى على بكاء ملك المتواصل.. تثاءيتُ بكسل ونظرتُ إلى ملك التى كانت نائمه معى بنفس الحجره على سرير زينه الصغير بينما زينه تنام بجوارى بنفس السرير.. 





أستيقظت زينه من نومها بدورها وغادرت السرير لتركض نحو ملك بسعاده.. 





زينه سعيده جداً بوجود ملك.. سعيدة لدرجة أننى كلما أبتعدتُ عن ملك للحظات أعود لأجد زينه قد أعدت لى مفاجأه.. 





ففى إحدى المرات عدتُ لأجدها وقد وضعت فى فم الصغيره قطعه بسكويت.. 



وفى مره أخرى وجدتها تحمل فستانها وتحاول أن تُلبسه لملك.. 





وفى مره أخرى وجدتها تحمل كره مطاطيه وتقذفها لها أو بالأدق فى وجهها.. هذا غير تلك المره التى وجدتها تحمل ملك فيها.. 









بأختصار إذا بقيت ملك عندى لفتره طويله رُبما أستيقظ من نومى ذات يومى لأجدنى وقد فقدتُ عقلى تماماً !! 





حملتُ ملك بسرعه قبل أن تمسها زينه بسوء وذهبتُ لأعد لها الحليب الخاص بها.. 





أنتهيتُ من أعداد الحليب ووضعته فى فم الصغيره التى هدأت تماماً بينما كانت زينه تجلس بجوارى تتأمل الصغيره.. 





فكرت فى الأتصال بطاهر الذى أفتقدته كثيراً.. 





بلى.. بدون تكلف أنا أشعر بالأشتياق لطاهر..أتمنى أن أراه أو حتى أسمع صوته.. 





أمسكتُ بهاتفى وطلبتُ رقمه دون التفكير فى عذر مناسب لأتصالى به.. 





أجاب طاهر قائلاً: "السلام عليكم." 





قلتُ: "وعليكم السلام.. كيف حالك يا طاهر؟" 





قال: "حمداً لله.. كيف حالك وكيف حال ملك؟" 





قلتُ: "بخير و....." 





قاطعنى طاهر قائلاً: "أسف يا ساره ؛ لأننى لن أستطيع أن أطيل معكِ فى الحديث.. لقد توفت زوجة هانى ونحن الأن فى المقابر.. سأتصل بكِ لاحقاً." 





رغم أننى لم أقابل أم ملك هذه من قبل إلا أننى شعرتُ بقلبى يتمزق من أجلها وينفطر لنصفين من أجل الطفله الصغيره التى قدر لها أن تذوق مرارة اليتم فى هذا العُمر.. 





نظرتُ إلى ملك التى راحت فى سبات عميق ومررتُ بيدى على شعرها الأشقر برفق.. 





كم أشعر بالأسى من أجلكِ أيتها الصغيره! 





****************** 





وقفنا أمام ضريح زوجة هانى نستمع إلى الشيخ وهو يدعوا لها بالمغفره وبالتثبيت عند السؤال.. 







كان هانى يقف بجانبى ويحدق فيما حوله فى ذهول ، ودون أن تدمع عيناه أو ينطق بكلمه واحده .. 







حتى أقاربه وأقارب زوجته كلما جاء أحدهم ليعزيه ويواسيه لا يجدوا منه رداً ! 







أنصرف الناس من حولنا ولم يتبقى سواى أنا وهانى ، أقتريتُ منه وقلتُ له: "البقاء لله يا هانى.. كلنا للموت." 







لم يجيبنى ولم ينظر إلىّ بل ولم يبد عليه أنه قد سمع جُملتى ، عدتُ أقول له: "دعنا نغادر الأن.. لا يوجد داعى لوجودنا." 







للمره الثانيه لم يجيبنى فوقفتُ فى مقابله وقلتُ له: "رجاءً لا تفعل هذا بنفسك يا هانى.." 





تحركت عيناه فى أتجاهى ونظر إلىّ طويلاً وعيناه مغرورقتان بالدموع قبل أن يعانقنى بقوه ، وهنا فقط وصلنى صوت هانى وهو يقول بصوت مرتعش: 





"كيف لى أن أتحمل صدمه كهذه يا طاهر؟ لقد كانت زوجتى معى حتى أول أمس.. تهتم بى وبأبنتى وتملىء حياتنا بهجه وسروراً.. كيف لى أن أهتم بأبنتى بدونها ؟ بل كيف لى أن أحيا بدونها ؟ لم أتصور أبداً أن أفقدها فى ليله وضحاها يا طاهر.. لم أتصور هذا أبداً." 





أبتعد هانى عنى وأشار إلى ضريح زوجته قائلاً: "أنظر إلى هذا الضريح.. هنا ترقد زوجتى.. تحت الرمال.. تسمعنى وأنا عاجز عن سماعها.. تشعر بى وأنا لا أستطيع أن أشعر بها." 





نظر إلى الضريح وقال مخاطباً زوجته: 



"حلا.. حبيبتى.. كيف تتركينى وحدى وأنتِ تعرفين أننى لن أستطيع الأستغناء عنكِ؟ كيف تتركينى وأنا أتنفس فى قربكِ؟ حلا.. عودى إلىّ ؛ فإننى أحتاج إليك بشده.. وملك.. أبنتنا.. الله وحده يعلم ماذا سيكون مصيرها بعدكِ؟" 





أقترب هانى من الضريح مترنحاً ثم تخاذلت قدماه فى منتصف الطريق ولم تعودا قادرتين على حمله فسقط جاثياً على ركبتيه وتابع فى أنهيار: 





"لقد أنتهينا بموتكِ يا حلا.. أنتهى كل شئ جميل فى حياتى.. لم يعد هناك مجال لأى شئ بدونكِ.. ولن تعرف السعاده طريقها إلينا ما حيينا.. سنحيا فى أنتظار الموت يا حلا.. سأحيا على أمل أن توراينى نفس الرمال التى وارتكِ يا حبيبتى." 





شعرتُ بقلبى يتمزق من أجل هانى الذى بدأ يبكى فى صمت.. 





تركته يفرغ ما بصدره من قهر وحزن وظللتُ واقفاً بقربه أبكى لبكاءه وقد أعتصرنى الألم عليه.. 





لا أتذكر كم من الوقت ظللنا على هذه الحاله.. كل ما أتذكره هو أن هانى ألتفت إلىّ وعيناه مُحمرتان من شدة البكاء قبل أن يسألنى فى خفوت: 





"أين ملك؟" 





تفاجأتُ من سؤاله وقلتُ له: "إنها عند ساره كما تعلم." 





تمتم فى صعوبه: "أريد أن أراها." 





قلتُ: "حسناً.. لكن دعنا أولاً نــ....." 





قاطعنى هانى قائلاً فى أصرار: " أريد أن أرى أبنتى يا طاهر.." 



قلتُ: "دعنا نعود إلى المنزل أولاً.. لابد أن والدتك قلقه عليك." 





تنهد من أعماق صدره قائلاً: "حسناً.. لنغادر الأن." 









ساعدتُ هانى على الوقوف وأخذتُ أزيل عن ملابسه ما علق بها من الرمال فى حين كان هانى ينظر إلى قبر زوجته وكأنه يريد أن يملأ بصره أكثر وأكثر بصورة قبرها قبل أن نغادر المقابر سوياً. 



******************************

رحلت زوجتى.. رفيقة دربى.. وأم أبنتى.. 





أقف أمام ضريحها والناس من حولى كثيرون.. 



أكاد لا أرى الضريح من كثره الرجال الملتفون حوله.. وأكاد لا أرى الناس من هول مصيبتى.. 





أشعر كأننى فقدت أمى وأبى وأبنتى وأصدقائى وجميع أقاربى دفعه واحده.. 





أشعر بالفراغ من حولى.. كأن الناس جميعاً قد لقوا حتفهم فجأه ولم يتبقى سواى فى هذه الدنيا.. 





أشعر بالوحده كما لم أشعر بها من قبل.. ويزداد شعورى بالوحده كلما أزداد عدد الناس من حولى.. 





لوغاب الناس من حولى.. لو أختفوا أو تلاشوا فى الهواء وظلت زوجتى بجانبى ما كنتُ لأشعر بالوحده أبداً.. 





لكن زوجتى هى التى رحلت عنى وتركت الناس من حولى يعزونى عليها.. 





وأى كلمات تلك التى تعزينى فى زوجتى؟ 





وأى شئ يمكن أن يغنينى عنها؟ 





لقد أنتهى أمرى بموتها وإن كنتُ سأحيا فى هذه الدنيا فسأحيا فى أنتظار أن توارينى نفس الرمال التى وراتها.. 





سأحيا فى أنتظار الموت.. 





يارب لا تطيل عمرى فى هذه الدنيا.. يااااااااااارب عجل بموتى.. 





اللهم لا أعتراض على أرادتك.. الحمد لله على كل شئ.. 





******************** 



وصلنا إلى منزل والدة هانى والتى كانت متشحه بالسواد من قمة رأسها وحتى أخمص قدميها ، وكانت عيناه متورمتان من شدة البكاء.. 





هانى والذى لم يكد يرى والدته حتى عانقها وأطلق العنان لدموعه الحبيسه.. 





غادرتُ المنزل دون أن ينتبه هانى أو والدته إلى مغادرتى أو حتى إلى وجودى.. 







عدتُ إلى المنزل متعباً ، لا أرغب فى شئ بقدر رغبتى فى أحتضان السرير.. 





لقد أمضيتُ ليله طويله بالأمس فى المستشفى مع هانى لم أذق للنوم طعماً خلالها.. 





توجهتُ مباشرة إلى حجرتى وأبدلت ملابسى ثم ذهبتُ إلى الفراش وأغلقتُ عينى وكدتُ أروح فى سُباتٍ عميق لولا أن سمعتُ صوت باب حجرتى وهو يُفتح قبل أن تطل أمى منه قائله: 





"هل أتيت أخيراً يا طاهر؟" 





قلتُ: "بلى يا أمى." 





أقتربت أمى منى وجلست على طرف الفراش قائله: "أخبرنى كيف حال هانى؟" 





قلتُ: "بخير يا أمى." 





قالت: "مسكين هانى!! كيف سيعتنى بأبنته بعد وفاة زوجته؟" 





قلتُ بأرهاق : "لستُ أدرى." 





قالت أمى: "لابد أن يأتى بمربيه إلى منزله لتعتنى بأبنته." 





تثاءبتُ وقلتُ: "سأقترح عليه هذا الأمر يا أمى." 





قالت: "أو لتعتنى والدته بأبنته." 

قلتُ: "أمى.. لنتحدث عن هذا الأمر لاحقاً." 

قالت: "بلى.. هناك موضوع الأجدر بنا مناقشته الأن." 

قلتُ: "أى موضوع؟" 

قالت بتردد: "نهله." 


مجرد ذكر أسمها أمامى يجعلنى أفقد صوابى.. فما بالكم بى الأن ؟َ! 


قلتُ: "أمى.. أرجوكِ.. لا أريد التحدث عن أى شئ يخُص نهله أو على الأقل ليس الأن." 


قالت أمى بأصرار: "بل الأن يا طاهر." 
قلتُ: "أمى.. أرجوكِ.." 

قالت أمى متجاهله أعتراضى: 

"كيف ترفض أن تجعلها تعمل لديك فى المكتب؟ إنها أبنة خالك وأنت تعرف أن خالك تقاعس عن العمل موخراً ولا يوجد لديهم دخل سوى المعاش الذى لايكفى.. من واجبك أن تطلب منها أنت ذلك.. لا أن ترفض." 

قلتُ: "حسناً يا أمى." 

قالت أمى بسعاده: "هل ستجعلها تعمل لديك؟" 

قلتُ: "أبداً.. أبــ ـ ـ ـ ــد....." 

لم أتم جُملتى ورحتُ فى سُباتٍ عميق. 

**************************
تتبع 

ان شاء الله



0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا

المتابعون