‏إظهار الرسائل ذات التسميات يا من سكن فؤادى. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات يا من سكن فؤادى. إظهار كافة الرسائل

ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ ...... الحلقة الاخيرة

Leave a Comment



سألت عمرو و أنا أتململ فى وقفتى بنفاذ صبر . . فقال :



" لا تتحرك . . أثبت بمكانك . "



زفرتُ بضيق ثم قلتُ :



" الساعة الأن الثامنه . . لقد تأخرنا كثيراً . . "



و أضفتُ بضجر :



" إنها ليست سوى ربطة عنق ! هل ستمضى اليوم بأكمله فى عقدها ؟ ! "





نظر إلىّ عمرو مُستهجناًو قال : " لكنها ليست أى ربطه ! أنتظر لحظه واحده . "ثم أضاف بعد فتره : " بأمكانك الأن أن تنظر إلى المرآه . "و نظرتُ إلى المرآه و ليتنى ما نظرتُ إليها ؛ فقد كانت الربطه معقوده بشكل سئ جداً . . أسوأ بكثير مما تتصورون !ضربت عمرو على كتفه و قلتُ : " شكراً على الربطه السيئه . "و فككتُ الربطه ثم أعدتُ عقدها من جديد ، و فى هذه اللحظه دلفت أمى إلى الحجره و قالت : " طاهر . . لقد تأخرت كثيراً . . لابد أن العروس تنتظرك الأن على أحر من الجمر . "حين غادرتُ المنزل وجدتُ إحدى السيارات تقف أمام منزلى . .فى البدايه لم أتعرف عليها إلا أننى حين دققتُ النظر شعرتُ إنها تشبه بسيارتى بكل شئ عدا شيئان ، أولهما هو طبقة الغبار التى تغلف سيارتى دائماً ، و طبعاً السياره التى أمامى نظيفه . . بل و تلمع من النظافه !



و ثانيهما فهى تلك الأزهار التى تزين تلك السياره التى أمامى ، و طبعاً سيارتى لا تغلفها سوى طبقة الغبار التى تعرفون !أقترب عمرو من تلك السياره و فتح بابها ثم جلس خلف عجلة القياده و أنحنى من الداخل ليفتح لى الباب المجاور له ، و قال : " أدخل . "أشرتُ إلى السياره و قلتُ : " هل أشتريت سياره مثل سيارتى ؟ "عمرو أبتسم و قال : " ستبقى طوال عمرك دقيق الملاحظه . "دلفتُ إلى السياره ، و أتضح لى - من خلال بعض علب العصير اُلمُلقاه على الأرض - أن هذه السياره هى سيارتى !توجهنا مباشرة إلى مصفف الشعر ، و كان فى إحدى المجمعات التجاريه . .صعدتُ إلى الطابق الأول حيث يوجد مصفف الشعر " الكوافير " بينما ظل عمرو فى السياره



 .أتصلتُ بهاتف ساره و أخبرتها بأننى أمام مصفف الشعر و طلبتُ منها أن تغادر المركز . .بعد فتره من الزمن خرجت فتاه من المركز ترتدى فستان أبيض فى قمة الجمال و الروعه . . لا لستُ أتحدث عن الفستان ؛ فالفستان جميل بلا شك ، لكننى أتحدث عن الفتاه الجميله التى تقف أمامى الأن و لا ينقصها سوى فولت واحد و تضئ العالم بأكمله بنورها ! للحظه ، ظللتُ واقفاً بمكانى أنظر إلى الفتاه بشك . .



 و أحاول أن أتعرف عليها و أتأكد من شخصيتها . .أهذه الفتاه الواقفه أمامى تبتسم لى هى ساره ؟ أهذه الملاك التى لا ينقصها سوى جناحين لتكون ملاك بالفعل هى ساره بالفعل أم أنهم قد أخطئوا و أخرجوا لى فتاه أخرى ؟ !إذا كان الأمر كذلك فعلى بالهروب بها بسرعه قبل أن يدركوا هذا الخطأ و يستبدلونها بساره الحقيقيه !تململت الفتاه فى وقفتها و بدأت تنظر إلىّ بنفاذ صبر . .فقلتُ مداعباً : " لوسمحتِ يا أنسه . . هل لا ناديتِ لى ساره من المركز ؟ لقد خابرتها منذ فتره لتغادر لكنها تأخرت ! "أبتسمت ساره و قالت : " ظريــــف جـــداً . . "و أضافت بسخريه : " هل المطلوب أن أضحك أم أظهر لك أسنانى فقط ؟ "ضحكتُ و قلتُ : " الأن فقط تأكدتُ أنكِ ساره . " !*******





كانت القاعه أكثر من رائعه و كانت تعج بالكثير من المدعوات و المدعوين و معظهم من أقارب طاهر ؛ فأنا أقاربى قله جداً بالمقارنه بأقارب طاهر !





و طبعاً كانت المدعوات فى قمة الزينه و الأناقه ، لكن طبعاً إحداهن لم تكن لتنافسنى . . إنها ليلتى أنا . . الليله التى طالما حلمتُ بها و تمنيتها . .



إننى حتى الأن عاجزه عن تصديق أن حلم حياتى قد تحقق ! الحمد لله . .



آه . . نسيتُ أن أخبركم بأن طاهر اليوم فى قمة الوسامه و الجاذبيه و الأناقه . . أنا عن نفسى لم أرى البذله ملائمه لشخص مثلما أراها ملائمه لطاهر !





آه يا ربى كم أحب هذا الرجل ! يا رب لا تجعلنى أفترق عنه أبداً أبداً . .



فى بداية الحفل رقصتُ أنا و طاهر " سلو " . .



كانت لحظات قليله - بين زراعى حبيبى على أنغام الموسيقى الهادئه - لن أنساها ما حييتُ . . و لن أستطيع وصفها لكم و سأترككم تتخيلونها بأنفسكم !



كان من ضمن برنامج الحفل أن نمر على كل طاوله ليتعرف كلاً منا على عائلة الأخر . .



فى البدايه مررنا على عائلة طاهر . . و كان يجلس حول الطاوله عمرو و نورا و والد طاهر و والدته . .



على فكره . . أم طاهر سيده رائعه و منذ أن تمت خطبتى على طاهر و هى تعاملنى معامله رائعه . .





بعد ذلك مررنا على خالتى و إيمان و أحمد ، و طبعاً كانت زينه تجلس معهم ؛ فقد وعدتنى خالتى بالأعتناء بها طوال فترة شهر العسل . .





آه . . نسيتُ أن أخبركم بأن إيمان على وشك أستقبال مولودها الأول فى أى لحظه . . أدعو ألا تكون هذه اللحظه هى الأن !



مررنا بعد ذلك على أم هانى و ملك . .



أم هانى لم تغضب حين أخبرتها بخطبة طاهر لى ، بل العكس بدت لى مُتفاهمه إلى أقصى حد و أخذت تدعو لى بالسعاده و التوفيق . .



ملك كانت من قبل تقول لى ماما و الأن صارت تقول لطاهر بابا !







و تعاهدتُ أنا و طاهر على أن نظل نعتنى بملك حتى بعد أن نرزق بأطفال . 

كانت الطاوله التاليه هى الطاولة الخاصه بنهله و عابد و يوسف الصغير . .





لن أخبركم كيف كانت نهله سعيده للغايه و كأنها ليلة زفافها هى و ليست ليلة زفافى أنا . .





على فكره . . نهله الأن تعشق زوجها و لا تفكر بطاهر مُطلقاً . . و قد تركت العمل لدى طاهر و وعدنى طاهر بأن أحل محلها بالمكتب . . هل تصدقون هذا ؟ !





بعد ذلك مررنا على أقارب طاهر و قام بتقدميهم لى ثم أتجهنا لنقطع الكعكه " التورته " ، و كانت رائعه مغطاه بالشوكولا و الكريمه . . لن أطيل فى وصفهم حتى لا أسيل لعابكم و أحرك أمعائكم !





بعد أنتهاء الحفل أستقلينا سيارة طاهر الذى كان عمرو يقدوها و ذهبنا إلى شقتنا . .





أشترى لنا طاهر شقه صغيره و جميله لتكون عشنا الصغير !





حين وصلنا إلى البنايه التى بها شقتنا حملنى طاهر و صعد بى إلى الشقه . .





مهلاً . . مهلاً . . إلى أين تظنون أنفسكم ذاهبون ؟ !





هيا عودوا أدراجكم . .





هذه الليله لى أنا و طاهر فقط و لن نقبل دخيلاً علينا !





************



أتمنى أن تكون قد نالت إعجابكم
إقرأ المزيد

₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة الثانية والاربعون

Leave a Comment





كنتُ فى حالة ذهول و أنا أرى طاهر يضرب هانى الذى خر أرضاً و أستسلم تماماً لطاهر !و



أخيراً أنتزعتُ نفسى من ذهولى و أخذتُ أدفع طاهر ليبتعد عن هانى قائله :



" يكفى هذا . . أبتعد عنه . . دعه . . ستقتله . "طاهر كان رافعاً يده ليسدد المزيد من الضربات إلى هانى ، فتوقفت يده فى منتصف الطريق ، و أبتعد عن هانى . .أنحنيتُ بجانب هانى و أخذتُ أساعده لينهض ، و غادرنا القاعه و توجهنا معاً إلى سيارته ، بيبنما أخذ طاهر يشيعنا بنظراته . .أستقلينا السياره و أنطلق هانى بأقصى سرعه و هو يصرخ بى :



" اللعنه عليكِ يا ساره . . لماذا تفعلين هذا بى ؟ ماذا بطاهر أكثر منى ؟ لماذا تحبينه هو و لا تحبيننى ؟ لماذا ؟ أ لأننى أحببتكِ بصدق و بالغتُ فى مشاعرى نحوك مللتِ منى ؟ أجيبينى . . أهذا جزاء كل من يحبك ؟ "كنتُ أبكى بحرقه و أضع يدى على و جههى دون أن أجيبه ، فصرخ بى هانى :" ردى علىّ يا ساره . . إننى أتحدث إليك . "و أيضاً هذه المره لم أجيبه ، فإذا بيد هانى تمتد لينزع يدى عن وجهى قائلاً :" قلتُ لكِ ردى علىّ . . ألا تسمعين ؟ "و حين أبعدتُ يدى عن وجهى رأيتُ السياره و هى تنحرف بشده و تصطدم بإحدى الأعمده بعنف !و أظلمت الدنيا تماماً.****************



بعدما أنصرف هانى و ساره ، أستقليتُ سيارتى وأنصرفتُ بدورى . .لن أتحدث عما حدث لأننى حتى الأن أعجز عن أدراكه و تصديقه . .لقد كان هانى هو أقرب صديق إلىّ . . و بالطبع لم يكن سهلاً ابداً علىّ أن أشعر بمدى الكره الذى صار يكنه لى . . و لم يكن سهلاً أيضاً أن أتلقى اللكمات من اليد التى كانت تربت على كتفى فى أصعب اللحظات . . و لم يكن سهلاً أيضاً أن أسدد الضربات بيدى إلى صديقى هانى الذى كنتُ و لازلتُ أعتبره أخى . .لستُ أدرى كيف حدث هذا بأكمله ؟ ! و كيف تمكن هانى من ضربى على هذا النحو ؟ بل و كيف تمكنت أنا من ضرب أقرب صديق لى ؟ !أفقتُ من شرودى على صدمه لا تماثلها صدمه ، حين رأيت سيارة هانى قد أصطدمت بإحدى أعمدة النور بعنف مما يوحى بأن كان يسير بسرعه جنونيه !توقفت بجانب السياره و هرولت متجهاً نحو السياره بهلع ، فوجدت ساره و هانى و قد فقدا وعيهما تماماً . .و لم أشعر إلا بيدى وهى تسعفنى لأفتح الباب المجاور لمقعد هانى - و الذى كان الأقرب لى - لأنتزعه من خلف عجلة القياده و أضعه بسيارتى ، ثم أعود إلى السياره لأحمل ساره و أضعها بجانب هانى ، و أنطلق بسيارتى ، بل و أطير بها إلى أقرب مُستشفى . .حين وصلتُ إلى المستشفى حملت ساره أولاً و أدخلتها إلى المستشفى و تركت فريق الأسعاف يهتم بها ، ثم طلبت من إحدى العاملين بالمستشفى أن يأتون لمساعدتى بحمل هانى من السياره و ذهبنا سوياً إلى سيارتى لنحمل هانى . .و كما أهتم فريق الأسعاف بساره



، فقد أهتموا أيضاً بهانى و هرعوا به إلى حجرة الفحص ، و بعد فتره غادر الطبيب الحجره ، فهرولت إليه و سألته عن حالهما فأخبرنى بما قضى علىّ تماماً . .فقد أخبرنى بأن ساره لديها كسر بالجمجمه و تحتاج إلى جراحه عاجله ، أما هانى فلا يوجد به أى كسور ظاهره لكنه يشك بحدوث نزيف داخلى له . .ظللتُ لفتره أحدق بالطبيب ببلاهه و أنا عاجز عن تصديق كل هذا . . لقد كنا معاً منذ ساعه واحده و كانا الأثنان بخير . .لا . . لا أصدق ما أنا فيه . . يا رب لطفك . . يا رب سترك . ." هل أنت قريبهما ؟ "سألنى الطبيب فأجبتُ بشرود : " أجل . "فقال :



" أذن لابد أن توقع على موافقه لأجراء الجراحه لها . . "أنتبهتُ حينئذ لما قاله ، فقلتُ :



" أنا لا اقرب لهما . . إنهما . . . أصدقائى . . أقصد . . صديقى و زوجته . "الطبيب قال :



" أذن أتصل بأهل الفتاه و أجعلهم يأتون بسرعه ليوقع أحدهم على الموافقه ؛ فإن التأخير ليس فى مصلحتها . "لم أكن أعرف أحداً من أقارب ساره سوى أبنة خالتها و خالتها اللتان ألتقيتُ بهما فى حفل عقد قرانهما ، لكنى لا أعرف كيف أصل إليهما ؟ فأتصلتُ بوالدة هانى و طلبتُ منها أن تأتى هى لتوقع على الموافقه بصفتها أم زوجها . .كنتُ أذرع الممر المؤدى إلى حجرة الطوارئ ذهاباً و أياباً بتوتر ما مثله توتر . . و كلما غادرت إحدى الممرضات الحجره أهرع إليها و أسألها بشغف عن حالهما فتجيبنى بأسف بأنهما على ما هما عليه . .بعد قليل أتت أم هانى ، و لن أصف لكم حالتها لأننى لستُ قادراً على الوصف و لأنكم تعرفون كيف يكون شعور الأم و أبنها و زوجته بين الحياه و الموت ، كل ما سأخبركم به أنها وقعت على الموافقه ، و دخلت ساره إلى حجرة العمليات ،



بينما ظل هانى بحجرة الفحص ، فذهبنا إليه و وجدناه لازال غائباً عن الوعى . .ذرفنا الكثير من الدموع و نحن نراه ممداً على السرير بلا حول و لاقوه و الكدمات تشوه و جهه و جسده ، و الأجهزه تحيط به من كل جانب ، و كان صوت خفقات قلبه يصلنا عبر الجهاز و يقطع الصمت . .ظللنا على هذا الحال لساعات طويله مرت كأنها دهراً ، و أخيراً أتت إحدى الممرضات لتخبرنا بأن ساره غادرت حجرة العمليات و أنها فى العنايه المشدده و بأن حالتها غير مستقره .



.أم هانى ذهبت إلى حجرتها لتراها أما أنا فظللتُ مع هانى ، أنتظر أن يفيق و لسانى لا ينقطع عن الدعاء له و لساره . ." طاهر . "أنتفض جسدى بأكمله و نهضتُ من مكانى بقفزه واحده لأنظر إلى هانى الذى كان مُغلق العينان . .أمسكتُ بيده و قلتُ بشغف :" نعم يا هانى .. أنا بجانبك . "هانى فتح عيناه للحظه و عاد ليغلقهما ، ثم قال :" ساره . . "قلتُ أطمئنه :" إنها بخير . . لا تقلق عليها . "شد هانى على يدى و قال :" أعتنى بها و بـ ملك . "قلتُ :" ما هذا الكلام ؟ أنكِ ستصير بخير بإذن الله و ستعتنى بهما بنفسك . "هانى فتح عينيه و أبتسم لى إبتسامه واهنه ثم عاد ليغلق عينيه و تراخت يده على يدى وسقطت ، و أتى صوت الجهاز ليعلن عن توقف قلبه !



فى هذه اللحظه أندفع الأطباء إلى الغرفه و أمرونى بمغادرة الحجره ، من خلال اللوحه الزجاجيه الموضوع بالباب أستطعتُ أن أرى هانى وهو مستلقى على السرير و الأطباء حوله يحاولون أنعاشه . .دعوت الله . . و تضرعتُ إليه كى لا يجعلنى أفقد أقرب صديق إلىّ . .أرجوك يا رب . . لا تجعلنى أفقده ؛ فأنا لن أحتمل فقده هو أو ساره .



.يا رب أنت القادر على كل شئ . . أكتب لهما النجاه و سأبارك لهما على الزواج بنفسى . .نظرتُ إلى يداى اللتان كانتا تضربان هانى منذ قليل ، و تمنيتُ لو كانت يداى قد بُترت قبل أن تمس أعز صديق لدى بسوء . .تمنيتُ لو لم أولد و لم أؤذى أخى . .أنا السبب بكل ِ ما اصابهما . . أنا السبب . .يا رب خذنى إليك و لا تتركنى أعانى من عذاب الضمير هذا . .يا رب خذ من عمرى و أعطيهما . .*****************



يدان قويتان ، مفتولتان العضلات ، حملانى برفق و حذر ، و ضمانى إلى صدر ٍطالما أحتجتُ له . .



إنه طاهر حبيبى . . لا يمكن أن أخطأه أبداً ؛ فإن أرتجافة يدى و دقات قلبى المضطربه ، و عطره الرجولى ، أكدوا لى أنه هو طاهر . .





و لكن . . . كيف ؟ و أين ؟ و متى ؟ لا أدرى !





كل ما أعرفه أنه بقربى الأن ، بل إننى فى أحضانه و هو يركض بى بجنون و يصيح بقوه بكلمات لم أستطيع تمييزها رغم أرتفاع صوته ، حاولتُ أن أفتح عيناى لأستطلع الأمر و لكنى لم أقو على فتحهما !





و فجأه و بلا مقدمات أبعدنى طاهر عن صدره و وضعنى برفق على سرير ناعم ، و شعرتُ حينئذ بالسرير يتحرك و يجرى بى إلى مكان لا أعلمه ، أردت أن أصرخ و أنادى طاهر لكن صوتى أختنق بحلقى ، و لم تصدر عنى سوى صرخه مكتومه ترددت صداها بأعماقى . .





فى هذه اللحظه توقف السرير عن التحرك ، و شعرتُ بشى حاد يغرس فى زراعى ، و لم أعى شيئاً بعد ذلك . .







" متى ستفيق ؟ هل ستظل غائبه عن الوعى لفتره طويله ؟ "



كانت هذه هى أول عباره تسللت إلى مسامعى حين بدأتُ أستعيد و عيى ، و أستطعتُ أن أميز صوت صاحبتها و التى لم تكن سوى إيمان . .





أجبرتُ نفسى على فتح عيناى و ما أن فعلتُ حتى طالعنى وجه إيمان التى كانت تنظر إلىّ بقلق ، و وجه الطبيب الذى يقف بجانبى . .





فى البدايه تعجبتُ من الأمر و لم أتذكر ما حدث لأول وهله ، إلا أن الذكريات لم تلبث أن تدفقت إلى عقلى ، و ليتها ما تدفقت . . ليتنى فقدتُ ذاكرتى بأكملها . .



صرختُ فجأه :" هـــــــانى . . . "





إيمان ربتت على كتفى برفق و قالت :



" حمداً لله على سلامتك . . أأنتِ بخير ؟ "





عدتُ أصرخ :" أين هانى ؟ أين هو ؟ ردى علىّ . "





و قبل أن أسمع الأجابه غبتُ عن الوعى مجدداً . .





**************



بعد إجراء العمليه لساره بيوم أفاقت و سألت عن هانى ثم غابت عن الوعى تماماً و دخلت فى غيبوبه و الله أعلم متى ستستيقظ منها . .





الطبيب يقول أن العمليه كانت ناجحه و أن فقدانها للوعى نتيجة حاله نفسيه و ليس مرض عضوى ، حتى أن الجرح برأسها بدأ يلتأم بمرور الأيام حتى تلاشى أثره تماماً و ساره لازلت غائبه عن الوعى . .





أنا و أمى كنا نتناوب مرافقتها أثناء الليل ، و كنا نجرى لها بعض التمرينات و نقلبها من حين لأخر كى تتمكن من تحريك جميع أطرافها حين تفيق بإذن الله . .





أما طاهر فمنذ يوم الحادث و هو يلازم المستشفى و لا يغادرها إلا فى المساء بعدما أقنعه بصعوبه بأن يغادر المستشفى و يأتى فى صباح اليوم التالى . .





أعتقد أن طاهر يحب ساره بجنون ؛ فقد تدهورت حالته منذ يوم الحادث ، و فقد الكثير من وزنه ، و أطلق لحيته تماماً . .





بعد مرور شهر على إجراء العمليه لها فقدنا جميعاً الأمل فى أن تفيق ساره ذات يوم ، و فوضنا جميعاً أمرنا لله . .





و الحمد لله - الذى لا يحمد على مكروهٍ - سواه . .





*****************



يفيض الدمع من عينى كلما تطلعتُ من النافذه الزجاجيه و رأيتُ ساره و هى ممده على الفرش بلا حول و لا قوه و ذلك الأنبوب الدقيق موصل بأنفها و تلك الأجهزه تحيط بها من كل جانب . .





كلما رأيتها بهذا الشكل أشعر بخنجر حاد ينغرس فى قلبى و يقطعه أرباً أرباً ، و بأعصابى تتمزق عصباً عصباً ، و بقواى تنهار ، فأستند على الباب و أظل واقفاً برغم أن التعب قد نال منى فى خلال الأيام الماضيه التى قضيتها مرافقاً و ملازماً لها فى المستشفى . .





و حين ينتهى موعد الزياره تأتى الممرضه لتخبرنى بأن موعد الزياره قد أنتهى و تطلب منى أن أنصرف فأرفض الأنصراف و أظل واقفاً بمكانى أراقب ساره الغائبه عن الوعى و قلبى ينفطر لأجلها ، فتأتى " إيمان " أبنة خالة ساره و تقنعنى بالأنصراف و العوده فى صباح اليوم التالى ، فأنصرف بعدما أوصيها بأن تتصل بى كل نصف ساعه لتطمئنى على حالة ساره . .





و هكذا أعود إلى منزلى فى مساء كل يوم متعب ، و أنا أشعر بساقاى مُخدرتان من طول الوقوف أمام حجرة ساره ، فأغط فى نوم ٍ عميق أشبه بالغيوبه و أحلم أحلام كئيبه سوداء ، يتخللها الدموع و البكاء و الموت ، و أستيقظ فى صباح اليوم التالى لأذهب إلى المستشفى و أظل واقفاً أمام حجرة ساره أدعو و أتضرع إلى الله بأن تفيق و تصير بخير . .





يا رب . . يا أرحم الراحمين . . يا قادر على كل شئ . . أشفها و لا تجعلنى أفقدها ؛ فأنا لن أتحمل فقدها . .





مر شهر على دخول ساره فى الغيبوبه ، و إلى الأن لم تتحسن حالتها و الأطباء أعلنوا عجزهم عن تقديم المزيد لها . .





و نحن . . . صرنا نتخبط بين الأمل و اليأس . . و ننتظر أن تفيق ساره لتعيد لقلوبنا الحياه من جديد . .





و فى إحدى الأيام ، بينما كنتُ واقفاً أراقب ساره الممده على الفراش من النافذه ، أتت نهله من خلفى و ربتت على كتفى ، فألتفتُ لأنظر إليها للحظه ثم عدتُ لأنظر إلى ساره . .





" كيف حالها ؟ "





سألتنى نهله ، فتنهدتُ و قلتُ بأسى و أنا لازلتُ أنظر إلى ساره :





" على ما هى عليه . "





نهله ظلت صامته لثوانى قبل أن تقول :





" بأذن الله ستصير بخير . . لقد سمعت عن بعض الناس الذى فقد الأطباء الأمل فى حالتهم و كتبت لهم النجاه بإذن الله . "





أستدرتُ لأنظر إليها ، و تعلقت عيناى بها كتعلق الغريق بالقشه ، و أنتظرتُ أن تؤكد لى ما قالته ؛ فقد أحبطتُ تماماً فى خلال الأيام الماضيه ؛ لأن حالة ساره لم تحرز تقدماً حتى الأن ، إلا أن إيمان أبنة خالة ساره أقبلت لتصافح نهله و أنهكما فى الحديث و نسوا وجودى تماماً . .





عدتُ لأتطلع من جديد إلى ساره الممده على الفراش و الألم يعتصر قلبى . .





كم يؤلمنى منظرها كثيراً ! و كم أشعر بالعجز و أنا أراها بهذه الحاله و أعجز عن تقديم أى شئ لها !





ليتنى أستطيع أن أساعدها بأى شئ . . ليت مرضها كان عضوى لكنتُ تبرعتُ لها بما تشاء من أعضائى و لو كنت سأموت بعدها . .





لن أسامح نفسى أبداً لو أصابها مكروه لا قدر الله . .





بعد فتره أتت نهله لتخبرنى بأنها ستنصرف ، فقلتُ لها :





" فى أمان الله . . "





نهله سألتنى :





" و أنت . . ؟ ألن تنصرف ؟ "



قلتُ :



" لا . . ليس الأن . "



نهله قالت :



" لكن . . لم يتبق ِعلى موعد الأنصراف سوى ساعه واحده . "



قلتُ :





" و مع هذا سأبقى معها . . لن أستطيع أن أتركها . . لا أريدها أن تفيق و لا تجدنى بجانبها . "





نهله تنهدت و قالت :





" لكن وجودك من عدمه لن يفيدها بشئ . "



قلتُ بأصرار :



" لن أبرح مكانى حتى تفيق ساره . . أذهبى أنتِ يا نهله . "



إيمان تدخلت و قالت :



" نهله معها حق يا طاهر . . أذهب معها و إذا جد أى شئ سأخابركِ فى الهاتف لأطلعك على الأمر . "





قلتُ :





" لن أنصرف و سأظل واقفاً أراقبها حتى تفيق و تجدنى بجانبها ؛ فأنا واثق من أنها ستحتاجنى بجانبها حين تفيق . "





نهله همت بقول شئ ما ، إلا أنها صمتت و فغرت فاها فجأه و هى تحدق بمكان ما بذهول لا يماثله ذهول . .





توقف قلبى و أنا أراها تنظر إلى اللوح الزجاجى الذى يكشف ساره الممده على الفراش ، و ألتفتُ أنا و إيمان لننظر إلى ساره و هوت قلوبنا أرضاً . .





***************



ظللتُ لعدة ثوانى أنظر إلى ساره عبر اللوح الزجاجى الذى يفصلنا عن حجرتها وقد فتحتُ عيناى على وسعهما حتى كادا أن يخرجا من محجريهما من شدة ذهولى . .



أحقاً ما أراه الأن ، أم أننى تخيلتُ هذا ؟ هل فتحت ساره عيونها بالفعل أم أننى توهمتُ هذا ؟



حين نظرتُ إلى نهله وجدتها لازالت تنظر إلى ساره بذهول ، بينما كانت إيمان قد أنتزعت نفسها من دهشتها و ذهبت لتنادى الطبيب ، و لم تمضِ دقائق إلا و كانت إيمان قد عادت و معها الطبيب المعالج الذى أندفع بسرعه إلى حجرة ساره ، فأخذنا نراقبه و هو يفحص ساره إلى أن غادر الحجره فأقتربتُ منه و سألته عن ساره بلهفه ، فأبتسم قائلاً :



" الحمد لله . . كتبت لها النجاه بإذن الله . "



تهللت أسارير الجميع و فاضت الدموع من عيوننا جميعاً . .



الحمد لله . .



سألت إيمان الطبيب برجاء :



" هل تسمح لنا بالدخول إلى حجرتها ؟ "



و حين نظرتُ إلى الطبيب قرأتُ فى عيونه الأعتراض ، إلا أنه لم يلبث أن وافق على مضض و سمح لنا بالدخول إلى حجرتها لدقيقه واحده بعدما ألححنا على الدخول إلى حجرة ساره و الأطمئان عليها . .



حين دلفتُ إلى حجرتها ، توجهتُ مباشرة إلى سريرها و جلستُ على المقعد المجاور لها قائلاً :



" ساره . . أ أنتِ بخير ؟ "



ساره حركت عينيها و نظرت إلىّ ، إلا أنها لم تجيبنى ، فعدتُ أقول بلهفه :



" أجيبينى بالله عليكِ . . أ أنتِ بخير ؟ "



هذه المره لم ترد علىّ أيضاً ، إلا أنها حركت عينيها و أخذت تنظر فى وجوه الجميع ، و بدت كأنها تبحث عن شخص ٍ ما ، ثم تحركت شفتاها و قالت بصوت واهن ضعيف :



" هانى . "



توقف قلبى لدى سماعى لأسم هانى الذى نطقته ببساطه ، فنظرتُ إلى إيمان و نهله فوجدتهما يبعثران نظراتهم على الأرض و يتحاشون النظر إلى ساره ، فعدتُ لأنظر إلى ساره التى قالت :



" أين هانى ؟ أخبرونى أين هو ؟ "



و لما لم يجيبها أحدنا هذه المره أيضاً ، فوجئنا بها تدفع نفسها لتغادر السرير و تسقط على الأرض . .



هرع الجميع نحوها ، إلا أننى كنتُ أسرعهم فأنتشلتها من على الأرض و حملتها بسرعه و وضعتها على الفراش بينما أخذت ساره تصرخ بى . .



" دعنى . . أتركنى . . أين هانى ؟ أخبرونى أين هو ؟ ماذا فعلتم به ؟ "



نظرتُ إليها بأسى و قلتُ بنبره حزينه :



" البقاء لله . "



حينئذ ٍ صرخت ساره صرخه أهتزت لها جدران المستشفى بأكملها . .



" لاااااااااااااااا . . لااااااااااااااااااااا . . أنت كاذب . . هانى لم يمت . . لم يمت . . "



و للمره الثانيه أخذت تدفع نفسها لتغادر السرير إلا أن نهله و إيمان أسرعا إليها ليردعاها عن ذلك و ما كان منها سوى أن صاحت بهما قائله :



" دعانى . . أنا ذاهبه إليه بنفسى . "



و أخذت تحاول دفعهما و التحرك لكن بلا جدوى ، و لما يأست من قدرتها على الخلاص منا ، أخذت تبكى و تقول :



" نهله . . قولى أن هذا غير صحيح . . قولى أن هانى لم يمت . "



و لم يتمكن أياً منا فى هذه اللحظه من منع دموعه التى تدفقت فجأه و أخذت تنهمر بغزاره ، إلا أن ساره كانت أكثرنا حرقه . . و أنا . . . لا استطيع أن أحتمل رؤية دموع أحب مخلوقه إلى قلبى ؛ فإن دموعها تقطع نياط قلبى أرباً أرباً !



أقتربتُ من ساره و ربتُ على يدها قائلاً :



" هونى عليكِ يا ساره . "



إلا أن ساره صرخت بى فجأه :



" أبتعد عنى . . لا تلمسنى . . أنت السبب فى موته . . أنت الذى قتلته . . أنت الذى قتلته . . ليتك متت بدلاً منه . "



نهله تدخلت فى محاوله لأنهاء المشاده و تهدأت ساره ، إلا أن هذه الأخيره نهرتها قائله :



" أصمتى أنت . . أنكِ لا تعرفين شيئاً ؛ فأنتِ لم ترينه وهو يضرب هانى بوحشيه ليلة زفافك . . لقد كاد أن يقتله أو رُبما كان هو السبب فى موته بالفعل . . "



تسمرتُ فى مكانى بذهول و أنا أستمع إلى ساره التى لم تكتفى بهذه الجمله ، بل أنهالت علىّ بسيل من الكلمات الجارحه . .



" أخرج من هنا حالاً . . لا أريد أن أراك أيها القاتل . . أغرب عن وجهى . . أكرهك يا طاهر . .أكرهك . . أكرهك . . أكرهـــــــك . "



كلمات ساره أصابتنى كسهام قاتله فى صميم قلبى ، فأنسحبتُ مغادراً الحجره أجر أطرافى جراً و ألملم شتات نفسى ، و وقفتُ فى الدهليز المؤدى إلى حجرتها ، و أنا لا أكاد أصدق ما سمعت . .



لماذا يا ساره تقولين هذا ؟ لمـــاذا ؟



ألا تعرفين مدى حزنى على وفاة هانى ؟ ألا تدرين ماذا كان يعنى لى هانى ؟



لقد كان لى أكثر من صديق ، لقد كان أخى الذى لم تلده أمى ، و قد عانيتُ كثيراً الأيام الماضيه بعد وفاته خاصة حين كنتُ أراكِ ممده على الفراش بلا حول ولا قوه . .



ألم يكن الأجدر بكِ أن تواسينى و تدعمينى بدلاً من أن تقولين لى ما قلته ؟ !



بعد قليل غادرت نهله حجرة ساره و أتت إلىّ لتتفقد أحوالى ، فبادرتها بالسؤال :



" كيف صارت ؟ "



نهله قالت : " نامت . . "



و صمتت لوهله ثم قالت :



" كانت الصدمه قاسيه عليها . "



قلتُ مستاءً :



" الصدمه كانت قاسيه علينا جميعاً لكن لم يقول أحدنا ما قالته . . "



و صمتُ لبرهه ثم عدتُ أقول بأنفعال و عصبيه :



" كيف تقول لى أننى من قتله ؟ كيف ؟ لقد كان هانى أقرب صديق إلىّ . . "



نهله قالت :



" أعذرها يا طاهر . . أنها لا تدرى ماذا تقول . "



فى هذه اللحظه أقبلت إيمان و أعتذرت لى كثيراً على ما قالته ساره و ختمت كلامها قائله :



" لقد كانت تهذى بالتأكيد . . إنك لا تعرف كم تحبك ! "



قلتُ متهمكاً :



" تحبنى ؟ ! واضح جداً . "



لم تبد إيمان أنها قد أنتبهت لطريقتى الساخره ، فأمسكت بهاتفها و أتصلت بأم هانى و بأمها لتبشرهما . .



" ألن ننصرف ؟ "



سألتنى نهله ، فقلتُ بنبره حزينه :



" حسناً . . لننصرف . . فلم يعد هناك داعى لوجودنا . "



**************كان رد فعل ساره غريباً و أدهشنا جميعاً ، فما دخل طاهر فى وفاة هانى . .



لقد كان توفى هانى فى حادث قضاء و قدر ، و طاهر حتى لم يكن معهما بالسياره . . فلما تلقى ساره باللوم على طاهر ، و تحمله مسؤلية وفاة هانى ؟





هذا السؤال ظل يدور برأسى دون أن أجد له إجابه !





رُبما كانت ساره تهذى و لا تعى ما تقول . .





بلى . . لابد أنها كانت تهذى ؛ لا يمكن أن تكون قد عنت ما قالته . .





بعدما أنصرف طاهر و نهله ، تم نقل ساره من حجرة العنايه المشدده . .





الحمد لله على خروجها سالمه منها . .



كنتُ قد أتصلتُ بأمى و بأم هانى لأبشرهما بالأمر ، فأقبلت أم هانى إلى المستشفى أولاً ؛ لأنها تقيم بالقرب من المستشفى ، أما أمى فحضرت بعدها بقليل . .



ساره كانت قد أستيقظت حين حضرت أم هانى ، فأجهشا الأثنان فى بكاء ٍ مرير تقطع له قلبى ، و لم أشعر إلا بدموعى أنا الأخرى تنهمر . .





هانى كان شاب رائع ، و كان يحب ساره بجنون ، و قد حزنتُ كثيراً على وفاته . . لكنها إرادة الله عز و جل . .





و إنا لله و إنا إليه راجعون . .





فى الأيام التاليه كانت ساره عاجزه تماماً عن الحركه و كان الأطباء يجرون لها علاجاً طبيعياً لتتمكن من تحريك جميع أطرافها ؛ فقد ظلت ملازمه للفراش لفتره طويله و قد أثر هذا بشكل سلبى على أطرافها . .





ساره كانت مكتئبه كثيراً و لم تكن قد خرجت بعد من دائره حزنها ، فكنتُ أقنعها بصعوبه بالخضوع للعلاج الطبيبعى ، و كانت تقوم به كارهه . .





أما عن طاهر فمنذ ذلك اليوم الذى أفاقت به ساره و هو لم يأتِ إلى المستشفى !





و ساره لم تعد تأتى بذكره نهائياً ! ! !



و فى إحدى المرات ، أثناء حديث لنا ، ذكرت أسم طاهر فأنزعجت ساره كثيراً و قالت لى بحده :



" لا أريد أن أسمع هذا الأسم ثانيه . "





قلتُ لها معاتبه :



" لماذا يا ساره ؟ أليس هذا هو طاهر الذى تحبينه ؟ ماذا تغير الأن ؟ "





ساره قالت مُنفعله :



" تغير كل شئ . . كل شئ يا إيمان . . "





سألتها :



" أتقصدين أنكِ تمكنتِ أخيراً من نسيان حبه ؟ ! "





ساره قالت بعصبيه :



" بل أننى لم أعد أطيق رؤيته . . لقد تحول حبى له إلى كرهٍ شديد . "



تفاجأتُ من كلام ساره كثيراً ؛ فطالما كانت تعشق طاهر ، حتى بعد زواجها من هانى !



و كمحاوله أخيره لأستدراج عواطفها الحقيقيه نحوه ، قلتُ :



" لكنه لازال يحبك . . يل إنه يعشقكِ بجنون . . إنه لم يبرح المستشفى منذ يوم الحادث ، لقد كنتُ أقنعه بصعوبه بالمغادره حين ينتهى موعد الزيارات . "





بدت علامات التفكير واضحه على وجه ساره ، فتابعتُ :



" لم يكن يتوجب عليكِ أبداً أن تقولى له ما قلتيه . "





ساره تنهدت بأسى و قالت :



" لن أستطيع أن أسامحه يا إيمان . . إنه السبب فيما حدث هانى . . لولاه لكان هانى الأن حى يرزق . "



سألتها :



" كيف هذا ؟ ماذا فعل له لتقولين أنه السبب فى موته ؟ "



أخبرتنى ساره بأن هانى و طاهر تشاجرا فى حفل زفاف نهله بسببها و بأن هانى أنفعل كثيراً و كان يقود السياره و هو ثائراً و وقع الحادث و ختمت كلامها قائله :



" أرأيتِ أنه كان السبب فى موت هانى بالفعل ؟ ! "



قلتُ :



" أستغفر الله العظيم . . لا تقولى هذا الكلام . . إنها مشيئة الله يا ساره . . لقد كتب لهانى أن يموت فى هذه الساعه بالتحديد و بوجود طاهر من عدمه كان سيموت . "





ساره قالت :



" رُبما . . لكنه ضربه بعنف و وحشيه . . مسكين هانى . . "





قالت هذا و أنخرطت فى البكاء من جديد ، فاقتربتُ منها و طوقتها بزراعى قائله :



" يكفيكِ بكاءً يا ساره . . لقد زرفتِ الكثير من الدموع خلال الأيام الماضيه . "





ساره قالت بصوت أقرب إلى النحيب :



" كلما تذكرت هانى أشعر بوخز الضمير يا إيمان . .



أننى لم أعامله قط بطريقه جيده . . و منذ أن تم عقد قراننا و هو لم يسمع منى كلمه طيبه . .



لقد أحتملنى كثيراً و فعل الكثير ليكسب حبى إلا أننى كنتُ أهدر مشاعرى على من لا يستحقها . .



لقد ظلمته كثيراً و مهما حدث لن أسامح نفسى و لن أسامح طاهر على ما فعلناه به . .



ليتنى متت بدلاً منه ؛ فأنا أستحق الموت . .



يا رب خذنى إليك و لا تتركنى أعانى من عذاب الضمير . "





***************



ثلاثة أسابيع ، مروا منذ أن أفاقت ساره من الغيبوبه . .طاهر أخيراً عاد إلى العمل بالمكتب بعد أن توقف عن العمل منذ يوم الحادث و صار ملازماً لساره بالمسشتفى ينتظر بشوق أن تفيق من الغيبوبه لتجده بجانبه . .و ها هى ساره أفاقت من الغيبوبه و خذلت طاهر ، و الله وحده يعلم كيف صار حاله بعد ذلك اليوم . .أنا لا ألومها على ما قالته ؛ فهى حزينه على هانى رحمه الله ، لكن ما قالته كان قاسياً جداً على طاهر الذى يعشقها بجنون !طاهر منذ ذلك اليوم صار يتحاشى الحديث عن ساره بل و كلما ذكرتُ أسمها امامه يغير الموضوع بكل ِفظاظه !هل ممكن أن يتحول الحب إلى كره فى أيام معدوده ؟ !بل هل ممكن أن يتحول الحب إلى كره حتى بعد مائة عام ؟



فى إحدى الأيام ، بينما كنتُ جالسه بمكتبى أتى طاهر إلى حجرتى ليسألنى عن شئ بالعمل ، و لما أنتهينا من الحديث هم بمغادرة الحجره و ولانى ظهره و تقدم خطوتان ناحية الباب ، إلا أنه لم يلبث أن توقف و ألتفت إلىّ ، و بدا كأنه يريد أن يقول شيئاً ما . .سألته بأستغراب : " أهناك شئ ؟ "طاهر قال : " أجل . . . "قلتُ : " ما الأمر ؟ "طاهر قال بعد فتره : " لا شئ . "و هم بالأنصراف ، إلا أننى لم أكن لأتركه ينصرف هكذا بكل ِ بساطه !لقد بدا كأنه يريد أن يقول شيئاً ما ، إلا أنه أعاد النظر بالأمر و قرر أن يصمت . .و إن صح توقعى فإن لهذا الأمر علاقه بساره !أستوقفته قائله :" طاهر . . أهناك شئ ؟ "طاهر قال : " لا . . لا شئ . "قلتُ :" لكنك كنتُ تريد أن تقول شيئاً ما . "طاهر قال : " لا تكترثى . "لا أكترث ! !و فضولى هذا . . من يشبعه ؟ !حسناً . . إنه لن يخبرنى بالأمر إلا بعدما أنتزع الكلام من حلقه أنتزاعاً . .قلتُ مباشره :" أ كنت تريد أن تسأل عن ساره ؟ "طاهر بدا مُندهشاً للغايه ، و من عينيه عرفتُ أن توقعى كان صائباً ، فأبتسمتُ و قلتُ :" إنها بخير . "طاهر قال فجأه بعصبيه :" لكنى لم أسألك عنها . "قلتُ :" أعرف . . لكنى أخبرك بحالها ؛ فرُبما كان أمرها يهمك . "طاهر قال بعد فتره :" لا . . لم يعد أمرها يهمنى بتاتاً . . و من اليوم فصاعدا لا تأتى بذكر إسمها أمامى . " !****************



:كانت نهله تحتفل بولادة مولودها الأول " يوسف " ، و قد أقامت حفله بحديقة منزلها بهذه المناسبه ، و دعتنى لها . .



حاولتُ أن أعتذر لها عن الحضور و تحججتُ بعدة حجج واهيه ، إلا أنها لم تقبل عُذرى و أصرت على حضورى للحفل . .



و رغم أننى لم أكن أريد الحضور كى لا أرى طاهر ، إلا أننى لم أجد مفراً من ذلك ، و أضطررتُ للذهاب إلى الحفل على مضض . .



كانت الحفله رائعه ، و نهله كانت فى غاية الجمال بالرغم من أن وزنها قد أزداد قليلاً ، أما طفلها فكان يشبه عابد إلى حد كبير . .



حملتُ يوسف و قبلته و أخذتُ أهزه قليلاً و أداعبه و كان طفلاً جميلاً يصدر أصواتاً جميله . .





" أنتِ تحبين الأطفال يا ساره . . أليس كذلك ؟ "



سألتنى نهله بينما كنتُ أداعب يوسف ، فقلتُ :" طبعاً . . أننى أعشق الأطفال . "



نهله نظرت لى نظره ذات معنى و قالت :" ستكونين أماً حنوناً . "



و أبتسمت ثم تابعت قائله بخبث :" خاصة لو كان أبنكِ من الرجل الذى تحبينه . "



أربكنى تلميحها الصريح كثيراُ ، فأخذتُ أعبث بحجابى بتوتر و قلتُ :" و أين هذا الرجل ؟ لقد توفى هانى رحمه الله منذ عام كامل و هأنذا أمامك لا أدرى من سأتزوجه فيما بعد . "



نهله رفعت إحدى حاجبيها بخبث و قالت :" ساره . . تفهمين قصدى . . تكفيكِ مكابره و عناداً . "





و أبتسمت متابعه :" إنه لازال يحبكِ كثيراً . . "





و أضافت بجديه و هى تنظر إلى عينى مباشرة :" نصيحتى لكِ . . لا تتركيه يضيع منكِ ؛ لأنكِ لن تجدى من يحبكِ مثله . . "





فى هذه اللحظه أقبلت إحدى الفتيات لتصافح نهله . .فى البدايه لم أنتبه إلى أن تلك الفتاه لم تكن سوى نورا - شقيقة طاهر الصغرى - التى حضرتُ عيد ميلادها فى بداية معرفتى بطاهر ، إلا أننى حين أنتبهتُ لذلك أخذ قلبى يخفق بقوه . .



و للحظه خيل لى أن قلبى سيقفز من بين ضلوعى . .لا . . لم يُخيل لى . . لقد قفز قلبى بالفعل حين و قعت أنظارى على طاهر و أستقر بين كفيه بكل بساطه !كان طاهر يقف عند مدخل المنزل ، بقامته الفارعه ، و جسده المفتول العضلات ، و حضوره القوى ، و جاذبيته المعهوده ، و تأثيره المُميت علىّ !يا ألهى . . كم أشتقتُ إليه ! إننى لا أكاد أصدق أننى أراه ! لا أكاد أصدق أنه موجوداً بالقرب منى !تُرى هل أشتقت إلىّ مثلما أشتقتُ إليك يا طاهر ؟



لم يكن طاهر قد أنتبه لوجودى فقد كان يتحدث إلى فتاه ، و كانت الفتاه تنظر إليه بأعجاب فاضح !ترى من تكون هذه الفتاه ؟ هل يمكن أن تكون . . . . . خطيبته ؟هل تعتقدون هذا ؟و لما لا ؟ إننى لا أتوقع منه أن يقضى بقية عمره مُخلصاً لى ؛ فلابد أن أحب بعدى و رُبما خطب و تزوج أيضاً . .أنا لم أعد أستغرب أى شئ من أى شخص !



لم يكن طاهر واقفاً فى مواجهتى و كل ما أستطعتُ أن أراه منه كان جانب وجهه فحسب ، و مع هذا كان جسدى بأكمله يرتجف !و فجأه ، ألتفت طاهر و نظر إلى عينى مباشرة و كأنه كان يعرف أننى أراقبه منذ فتره !تجمدتُ بمكانى لدقائق ، و بقيتُ أنظر إليه و أنا غير قادره على الأشاحه بنظراتى عنه ، و خيل إلىّ للحظه بأن كل من حولنا قد تلاشوا فى الهواء و لم يتبق سواى أنا و طاهر . .



و فجأه أخذت المسافه بيننا تقصر ، إلى أن أصبحتُ أمامه مباشرة !لستُ أدرى كيف صار أمامى فجأه هكذا ؟ فأنا لم أتحرك من مكانى ، و لم أره و هو يسير بأتجاهى ؟ !نظرتُ حولى بحثاً عن نهله أو نورا أو أى شخص لكنى لم أجد بجوارى أحداً أعرفه ! !نظرتُ إلى يوسف الذى كنتُ أحمله على زراعاى فلم أجد أى أثر له هو أيضاً ! ! ! !



و كما وجدت طاهر أمامى فجأه ، فقد أختفى من أمامى فجأه !لا . . إنه لم يختفى من أمامى ؛ أنا التى أطلقتُ ساقاى للريح و غادرتُ المنزل بسرعه قبل أن يتمكن من اللحاق بى . .كنتُ أركض بسرعه و لا أعرف إلى أين تقودنى قدماى و مع هذا كنتُ لا أتوقف عن الركض . .كل ما كنتُ أفكر به هو الأبتعاد عن طاهر . . و بأقصى سرعه !



بعد فتره أصابنى التعب فتوقفتُ و أخذتُ أنظر حولى بأستغراب !ما هذا المكان ؟ و كيف وصلتُ إليه ؟بل السؤال هو . . كيف السبيل إلى العوده ؟



أستدرتُ هامه العوده من حيث أتيت . .و فجأه أصطدمت بجسد طويل القامه ، مفتول العضلات . . و من رائحة عطره عرفت من يكون ؟و من أرتجافة يدى و دقات قلبى أيقنتُ أنه طاهر حتى قبل أن أرفع بصرى لأرى وجهه ؟ !



فى لحظة جنون كدتُ أرتمى فى أحضانه . .كدتُ أخبره بأننى . . أشتقتُ إليه كثيراً ، و أننى . . . . لازالتُ مولعه به و لا أتمنى سواه !



" إلى أين تظنين نفسكِ ذاهبه ؟ هل فقدتِ صوابكِ ؟ ألا ترين أن الطريق مُظلم و موحش ؟ أتريدين أن تؤذى نفسك ؟ "

قال طاهر الجُمله السابقه بحده و قبض على زراعى بقوه ، فحاولتُ أن أحرر زراعى من يده إلا أننى لم أستطيع ، فقلتُ له ثائره :" دعنى . . أتركنى . . ما شأنك بى ؟ "





طاهر نظر إلىّ مصدوماً ، و سرعان ما توهج وجهه من شدة غضبه ، و صر على أسنانه قائلاً بغضب :" تعالى . . سأوصلكِ إلى منزلكِ . "





هذه المره تمكنتُ من سحب يدى من يده و قلتُ ثائره :" توصلنى إلى منزلى ! من تظن نفسك ؟ و كيف تجرؤ على الأمساك بيدى هكذا ؟ ! "





طاهر صر على أسنانه بغضب و رفع قبضته و كورها و هم بضربى !تراجعتُ بفزع و أنا أنظر إليه بذهول ، فإذا بيده تتجاوزنى لتهوى على سور إحدى المنازل بلكمه قويه كاد الجدار أن ينهار معها !





" لماذا تعامليننى هكذا ؟ ماذا فعلتُ لكِ ؟ ما الذنب الذى أرتكبته و تعاقبيننى عليه ؟ "





قال طاهر هذا بصوت أجش غاضب ، ثم أضاف :" أمازلتِ على عنادكِ ؟ ألم تعودى إلى رشدكِ بعد ؟ألم تدركى بعد أننى . . . . لستُ مسئولاً عما حدث ؟ "



جُملة طاهر الأخيره أعادتنى فجأه إلى يوم الحادث . .و خيل إلىّ أننى أرى هانى يقف أمامى و طاهر ينهال عليه باللكمات و يكومه أرضاً ثم يعود لينهال عليه بالضرب بمنتهى الوحشيه . .آلمتنى الذكرى كثيراً ، فأغلقتُ عينى و عصرتهما بقوه لأمحو صورة هانى من أمامى بلا جدوى !



" ساره . . "



فتحتُ عينى و نظرتُ إلى طاهر الذى كان ينظر إلىّ بقلق ، فما كان منى سوى أن رشقته بنظره حاده و قلتُ له بحده :" أذن . . من كان مسئولاً عما حدث إن لم يكن أنت ؟ ! "



طاهر قال ثائراً :" لقد كان حادثاً قضاء و قدر يمكن أن يحدث لأى شخص . "



و أضاف :" لا تجعلى حزنكِ على هانى يعميكِ عن رؤية الحقيقه التى هى جاليه أمامكِ . "



قلتُ مُنفعله :" و ليكن . . هذا لن يغير شيئاً . . لقد صار لكلٍ منا طريقه و أنتهى كل شئ . "





قلتُ ذلك ووليته ظهرى هامه الأبتعاد عنه ، فوصلنى صوته من خلفى و هو يقول :" لكنى أحبكِ . . . . . "



جمدتنى جُملته الأخيره بمكانى و راح قلبى يخفق بكل قوته و سمعتُ طاهر يتابع بصوت حزين :" لا تكونى قاسيه يا ساره . . لقد تعذبتُ بما فيه الكفايه طوال العام الماضى و أريد أن أرتاح . .أخبرينى ماذا أفعل لتصفحين عنى ؟ ماذا أفعل لـ . . . . لتعودى إلىّ ؟ "



و أضاف متوسلاً :" لا تعذبيننى أكثر من هذا و دعينا نعود من جديد و نلقى بالماضى خلف ظهرنا . . "



و شعرتُ به يقترب منى و أنفاسه تلفح حجابى و هو يقول :" ساره أنا . . لا أتخيل أن أعيش بدونكِ . . و لا أتخيل أن تكونى لغيرى . .ساره أنا . . . أحبكِ . "



ظللتُ لفتره واقفه مُسمره بمكانى و دموعى تنهمر بغزاره على وجنتاى . . و لا أعرف ماذا أفعل و ماذا أقول ؟و بينما كنتُ فى ذلك شعرتُ بيد طاهر تلمس زراعى من الخلف ليديرنى لأواجهه . .للحظه تلاقت عيوننا و تعانقت عناق أعجز عن وصفه . . و تعجزون أنتم عن تخيله !و شعرتُ بجسدى ينصهر و يذوب و كأننى شمعه مُشتعله . .



" أمازلتِ تحبيننى ؟ "



سألنى طاهر و هو ينظر إلى عينى مباشرة و كأنه يريد أن يقرأ موافقتى فى عينى قبل أن انطق بها . .أتسألنى إذا كنت مازلتُ أحبك ؟أتظن أننى قادره على نسيان حبك مهما طال بى الدهر ؟ألا تشعر بدقات قلبى ؟ ألا تحس بأنفاسى تختنق ؟ألا ترى كيف أرتجف ؟ ألا ترى دموعى ؟



" أمازلتِ تحبيننى يا ساره ؟ "



عاد طاهر يسألنى بلهفه و قلق و ترقب ، و لستُ أدرى كيف خرجت الكلمات من بين شفتاى ؟



" لماذا تركتنى أتزوج من هانى ؟ لماذا تركتنى أعانى كل هذا الوقت ؟ لماذا لم تخبره بأننى كنتُ أحبك أنت لا هو ؟لماذا فعلت بنا هذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ "



قلتُ ذلك و غطيتُ وجهى بكلتا يدى و أجهشتُ فى بكاءً مرير . .



" لقد دمرنا حياته و تسببنا فى موته . . كيف أسامح نفسى على هذا يا طاهر ؟ كيف ؟ "



أزاح طاهر يدى عن وجهى و قال :" لم يكن لأحدنا ذنباً فيما حدث يا ساره . . كل ما حدث كان رغماً عن أرادتى و أردتكِ . . إنها مشيئة الله . . "





و أضاف متوسلاً :" سامحينى يا ساره لأننى . . . . كنتُ السبب فيما حدث ، و لأننى . . لم أعرفكِ على حقيقتكِ و ظننتُ بكِ سوءاً . "



و جفف لى دموعى بيده ثم قال و على زواية فمه شبه إبتسامه :" لن أسمح لدموعكِ هذه بأن تراق مرة أخرى . "





و صمت لبرهه ثم قال :" حبيبتى . . هل تتزوجيننى ؟ "





*****************
إقرأ المزيد

₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة الواحدة والاربعون

Leave a Comment

بالرغم من أننى أنوى الأنفصال عن ساره إلا أن رؤيتى لذلك الحقير و هو يغازلها أضرم النيران بصدرى و أشعلها ، و جعلنى أهب واقفاً كمن لدغه عقرب و أنقض عليه كما ينقد الأسد على فريسته لأوسعه ضرباً وأكاد أتسبب له فى عاهه مستديمه لولا أن ردعتنى ساره عن هذا و هى ترتجف كورقه فى مهب الريح ، و إلا ما كنتُ تركت ذلك الحقير يفلت من قبضتى أبداً . .







طوال الطريق ، كانت ساره تبكى بحرقه و تغطى وجهها بيديها و تمنعنى من رؤية وجهها ، أما أنا فظللتُ صامتاً و تركتها تذرف الدموع التى كانت تصيبنى كسهام قاتله !





و حين وصلنا إلى بيت ساره أوقفتُ السياره على جانب الطريق ، فغادرت ساره السياره دون أن تودعنى و أتجهت إلى منزلها بخطوات سريعه و فى لحظات كانت قد أختفت بداخله ، فأنطلقتُ بسيارتى و عدتُ إلى منزلى و صورة ساره و هى تبكى مطبوعه بذاكرتى و تطاردنى بألحاح . .







حين دلفتُ إلى المنزل و رأتنى ملك أقبلت نحوى بخطواتها الصغيره و رفعت زراعيها لى تدعونى لأحملها ، فحملتها و أجلستها بجانبى و أخذتُ ألاعبها برغم ما كنتُ فيه ، و بعد قليل حين هممتُ بالذهاب إلى حجرتى أخذت ملك تبكى بشده ، مما جعلنى أضطر للجلوس معها قليلاً إلى أن غلبها النعاس و راحت فى سباتٍ عميق . .





حملتها برفق و كنتُ أنوى الذهاب بها إلى غرفتها ، إلا أننى لم ألبث أن غيرتُ وجهتى و فضلتُ أن أجعلها تنام معى بغرفتى . .







فدلفتُ إلى حجرتى و وضعتها على سريرى و ظللتُ جالساً بجانبها أتأملها و أمسح على شعرها بحنان و قد تلاعبت مئات الأفكار برأسى . .







فإن أبنتى متعلقه جداً بساره و تحبها كما لو كانت أمها بالفعل ، و حين بدأت بالكلام قالت ماما و لم تقل بابا !







إن حاجة الأطفال للأم لا يمكن أن يعوضهم عنها الأب مهما فعل ؛ لذا فقد تزوجت من ساره لتكون أماً لملك قبل أن تكون زوجه لى . .







على أى حال أبنتى لن تلبث أن تنسى ساره بمرور الأيام ، و لكن . . .





هل سأتمكن بدورى من نسيانها ؟ !





****************

مررتُ على جارتى التى كنتُ أترك زينه بصحبتها ، فأخبرتنى بأن زينه قد نامت منذ وقتٍ طويل مما أثار دهشتنى فإن زينه لا تنام قبل منتصف الليل أبداً ، ذهبتُ إلى الحجره حيث تنام فوجدت أن حرارتها مرتفعه بعض الشئ ، فنصحتنى جارتى بأن أعطيها حبوب خافضه للحراره . .







حين عدتُ إلى منزلى وضعتها على الفراش و أوقظتها لأعطيها الحبوب ثم تركتها تنام بعد ذلك و جلستُ بجانبها لبعض الوقت حتى رحتُ فى سباتٍ عميق و لم أشعر بأى شئ حتى أفقتُ من نومى على صوت بكاء زينه المتواصل و وجدتُ أن حرارتها قد أرتفعت جداً . .







لم أدرى ماذا أفعل ؟ فالساعه كانت تناهز الواحده بعد منتصف الليل ، و لن أستطيع الخروج من المنزل لأذهب بزينه إلى المستشفى . .







لم أجد حلاً سوى أن أقوم بالأتصال بهانى ليأتى لأصطحابنا ، و بالفعل أتصلتُ به و أرتديتُ ملابسى و جلستُ أنتظره و لم يطل أنتظار ، فقد أتى بسرعه و ذهبنا إلى المستشفى . .







و هناك أخبرنا الطبيب بأن زينه مصابه بالأنفلونزا و تحتاج إلى أن تبقى بالمستشفى لبعض الوقت . .





كنتُ جالسه بصحبة هانى فى الممر المؤدى إلى حجرة زينه ، و كان الصمت هو سيد الموقف ، فلم يتبادل أحدنا كلمه مع الأخر . .







أردتُ أن أقطع حاجز الصمت فقلتُ :



" أسفه لأننى أوقظتك من النوم . . لكن لم يكن لدى حلاً أخر . "







هانى أبتسم شبه إبتسامه و قال :



" لا عليكِ . . على أى حال أنا لم أكن قد نمتُ بعد . "







قلتُ :



" على أى حال شكراً على ما فعلته . "







و صمتت لبرهه ثم قلتُ :



" بأمكانك أن تذهب الأن إذا شئت ؛ فإن زينه لن تخرج الأن على أى حال . "







هانى نظر إلىّ بأستنكار و قال :



" و هل تظنين أننى سأتركك و أذهب الأن ؟ "







هززتُ كتفاى و قلتُ :



" أعتقد أنك لديك عملاً فى الصباح و ستحتاج لأن تنام لبضع ساعات لتستطيع التركيز فى العمل . "







هانى قال بنفاذ صبر : " لن أذهب إلى العمل . "







قلتُ : " و لكن . . . . . . "







هانى قاطعنى قائلاً بأنفعال :



" و هل كنتُ لأذهب للنوم لو أن ملك هى المريضه . "







قلتُ :



" لا أظن . . لكن . . ملك هى أبنتك ، بينما زينه هى شقيقتى ، و بما أننا سننفصل فلا أجد مانع فى ذهابك . "







هانى زفر بقوه و قال بضيق :



" و ليكن . . أنا لن أتركك و أذهب على أى حال . "





****************





ظللتُ ساهراً لساعه متأخره من الليل فى شرفة غرفتى أنظر للسماء و أشكوا إلى الله حالى ، و أدعوه بأن يعيد لى ساره ، حبيبتى التى ظلمتها و ظننتها تخوننى و تلعب بى . .







كم أنا نادم على هذا ! و لكن . . . فيم ينفع الندم الأن ؟ ؟ ؟ إن ساره الأن هى زوجة هانى ، و مجرد تفكيرى بها الأن يعد ذنباً عظيماً . .







ترى كيف حالك الأن ؟ هل أنتِ سعيده مع هانى ؟ و هل أستطاع أن ينسيكِ حبكِ لى ؟







طبعاً أنساها حبها لى ، و لا أتعجب فيما لو كانت قد صارت تكرهنى الأن ، فأنا أستحق أن تكرهنى . .







ألم أكن أنا السبب بكل ما وصنا إليه الأن ؟ و لولا طيشى و غبائى لكانت ساره الأن زوجتى أنا و ليست زوجة هانى . .







آه يا ساره يا حبيبتى . . كم أشتقتُ إليكِ ! كم أتمنى لو يعود الزمن بى إلى الخلف !







كم أتمنى لو تعودى لى مجدداً و لو لساعه واحده ، أعيشها بجوارك ، و أملى نظرى برؤيتك ، و أشبع قلبى منكِ يا حبيبتى !







يارب كما أستطعت أن تقلب كل شئ رأساً على عقب فى أيام و تجعلها زوجه لهانى بدلاً منى أعيدها إلىّ بمعجزه . .







يا رب . . أنت القادر الُمقتدر ؛ فبقدرتك أعيدها لى و أجعلها زوجة لى . .







يارب أنا لا أريد شيئاً سواها فلا تخذلى و أستجيب لدعائى . .







***************





ظللنا حتى ساعات النهار الأولى جالسين بالمستشفى ننتظر أن يسمح لنا الأطباء بالمغادره ، ساره كانت تجلس بجانبى و كنا لا نتبادل سوى كلمات قليله و موجزه من حين لأخر حتى بدأت جفونها تثقل و عيناها تغفل ، فطلبتُ من الأطباء أن ندلف إلى حجرة زينه لأجعل ساره تنام على إحدى الأسره بالحجره ، و لأن الحجره كانت خاليه إلا من زينه فقد سمحوا لنا بالدخول إليها . .







كانت ساره نائمه كالملاك ، و كنتُ أنا جالساً بجانبها أتأملها و أملى عينى برؤيتها . .







و كم شعرتُ آنذاك بصعوبة أبتعادى عنها !







يا ألهى . . كيف سأتحمل بعدها عنى ؟ ! لقد تعلقت بساره بشده فى خلال الأيام الماضيه حتى صرتُ لا أتخيل حياتى بدونها . .







آه يا ساره لو تعلمين . . لو تشعرين بالحب الذى أكنه لكِ بقلبى . . ليتك تشعرين بى و تبادلينى مثل هذا الحب ! بل ليتنى أنساكِ و ينتهى كل شئ !







لكن . . . . أنا لن أستطع نسيانكِ مهما حدث ؛ لقد صرتِ تجرين فى عروقى مسرى الدماء ، لقد صرتِ الماء و الهواء بالنسبة إلىّ ؛ فكيف أستطيع أن أحيا بعد أن أنتزع الدماء من عروقى ؟ و كيف أستطيع أن أحيا بدون الماء و الهواء ؟ !









رُبما كان قرارى متهوراً بعض الشئ . . بل متهوراً جداً ؛ فأنا بكل صدق لن أستطع أن أترك ساره و لن أتحمل بعدها عنى ، و أحتمال زواجها من رجلاً أخر سواى . .









لا أنا لن أتركها لأى شخص أخر . . إن ساره هى حبيبتى أنا و هى زوجتى أنا التى لن أتركها لأى مخلوق . .









و خاصة أنت يا طاهر . .





*****************





أستأذن هانى من الطبيب و جعلنا ندلف إلى حجرة زينه لأستلقى بعض الوقت على السرير المجاور لها و



الذى يفصله عنها ستار رقيق ، و لستُ أدرى كيف أستطعتُ النوم فى هذا الوقت و فى هذه الظروف ؟ ! لكنى عادة ما أفضل النوم و الهروب من الواقع الأليم على أمل أن أستيقظ لأجد كل شئ قد أصبح على ما يرام . . و ليتنآ أستيقظ لأجد زينه صارت على ما يرام ، و لأجد مشكلتى مع هانى قد أنتهت تماماً . .فى لحظة ما ، بينما كنتُ نائمه شعرتُ بيد تمسح على شعرى برفق و بأحداً ما يقبلنى برقه على جبينى و يهمس بأذنى قائلاً :" لن أتخلى عنكِ أبداً و لن أتركك لأى شخص مهما حدث ؛ فأنتِ حبيبتى رغم أنف الجميع . " !لم أفتح عينى لأرى صاحب هذه العباره لأننى كنتُ واثقه من أنه كان هانى ، و هذا ما زادنى حيره و جعلنى أضرب أخماساً بأسداس ! ألم يطلب منى اليوم أن ننفصل ؟ هل غير رأيه بهذه السرعه ؟ بل لماذا غير رأيه ؟





لا . . رُبما لم يغير رأيه و لا شئ و أنا من توهمتُ سماع هذا . .بلى . . لابد أن هذا كله مجرد حلم و لن ألبث أن أستفيق منه . .حين أستيقظتُ كانت الساعه تناهز الثامنه صباحاً ، و كان هانى لازال جالساً على إحدى المقاعد القريبه منى ، سألته عن حال زينه فأخبرنى أن الطبيب طمأنه على حالتها و أخبره بأنه سيأتى بعد قليل و يسمح لها بالمغادره . . الحمد لله . .بعد قليل أتى الطبيب ليفحصها و كان يناهز الأربعين من عمره تقريباً ، و حين سألته عن حالها قال :" الحمد لله لقد صارت بخير . . لكن لابد أن تتناوبى رعايتها أنتِ و والدها أثناء الليل و تعطوها الأدويه فى مواعيدها . . "أختلستُ النظر إلى هانى الذى كان ينظر إلىّ بدوره و كدتُ أوضح الخطأ للطبيب و أخبره بأن هانى ليس والدها ، إلا أن هانى سبقنى قائلاً :



" طبعاً سنفعل . "و حين نظرتُ إليه و جدته ينظر لى مُبتسماً !أوصلنى هانى إلى المنزل بسيارته و أوقفها على جانب الطريق أمام المنزل فألتفتُ إليه و قلتُ :" شكراً لك على . . . . "بترت جُملتى حين وجدته يغادر السياره قائلاً :" سأصعد معكِ إلى المنزل . "ظللتُ جالسه بالسياره مصدومه إلى أن دار هانى حول السياره و أتى ليفتح لى الباب قائلاً : " تفضلى . "غادرتُ السياره و سرت بجانبه لبضع خطوات ، إلا أننى لم ألبث أن توقفتُ عن السير و قلتُ :



" هل ستصعد معى فعلاً ؟ "هانى أبتسم و قال :" هذا لو لم تكونى تمانعين . "قلتُ :



" لا أمانع لكن . . . . "و لم أتم جُملتى ، فقال هانى يحثنى على المتابعه :" لكن ماذا ؟ "قلتُ :" لا يوجد أحداً بالمنزل كما تعلم . . . . "هانى تنهد و قال : " أنتِ زوجتى . "نظرتُ إليه نظره ذات مغزى و قلتُ :" لكننا سننفصل . . و لا أجد داعى لأن تصعد مـ . . . "قاطعنى هانى قائلاً بحسم :



" لن ننفصل يا ساره . "نظرتُ إليه بشك و قلتُ : " ماذا ؟ ؟ ! "هانى قال :



" كما سمعتِ . . لن ننفصل . "أثارت جُملته غضبى الشديد ، أيعتبرنى بلا رأى ؟ أيحدد متى ننفصل و متى نعود دون أن يرجع لى فى شئ ؟ ألهذه الدرجه لا يبالى برأيى ؟قلتُ بحسم و حده :" لا يا هانى . . أنا التى أريد أن ننفصل . "هانى نظر إلىّ بدهشه و قال بذهول :" هل تريدين هذا حقاً ؟ "قلتُ :" بلى ؛ فأنا لستُ دميه فى يديك تحركها كما تشاء دون أن تعترض ؛ أنا لن أقبل أن تعاملنى كأننى لا رأى لى . "هانى صر على أسنانه و قال منفعلاً :



" و متى تجاهلتُ رأيك ؟ أخبرينى متى ؟ "قلتُ :" تجاهلت رأيى حين قررت الأنفصال ، و تجاهلته مره ثانيه حين قررت العوده . "هانى قال :" حسناً يا ساره . . أصعدى إلى المنزل و سأذهب لأشترى بعض الأغراض و أوافيكِ . "أستدرتُ لأنصرف دون أن أنطق بكلمه واحده ، و حين صعدتُ إلى المنزل وضعتُ زينه فى الفراش و بدلتُ ملابسى و أنتظرتُ حضوره ، و بينما كنتُ فى أنتظاره رن جرس الهاتف و حين ذهبتُ لأجيبه وجدتها خالتى التى بادرتنى قائله :



" أين أنتِ يا ساره ؟ منذ الأمس و أنا أحاول الأتصال بكِ . . لماذا لا تجيبى على أتصالاتى ؟ لقد قلقتُ عليكِ للغايه . "قلتُ :" أسفه يا خالتى . . لقد أرتفعت حرارة زينه و ذهبتُ بها إلى المستشفى . . لقد قضينا طوال الليل بالمستشفى . "خالتى قالت بقلق :" و كيف حالها الأن ؟ هل تحسنت ؟ "قلتُ :



" الحمد لله . . لقد صارت أفضل من ذى قبل . "خالتى قالت :" حسناً . . أنا قادمه لأطمئن عليها بنفسى . "و قبل أن أعترض كانت خالتى قد أنهت الأتصال ، أوه يا ألهى . . لابد أن أجعل هانى ينصرف قبل حضورها ، فهى بالتأكيد ستظن أنه معتاد على زيارتى و أنا وحدى بالمنزل و رُبما تطلب منى أن أذهب لأعيش معها . .بعد قليل أتى هانى حاملاً بعض الأغراض و حين دلف إلى المنزل وضعها على المنضده ، فسألته : " ما هذا ؟ "أجاب ببساطه : " بعض الطعام لنا . "نظرتُ إلى الأكياس و قلتُ بحيره :" ما زلتُ لا أفهم . .



من الذى طلب منك أن تشترى هذا ؟ "هانى قال بعصبيه :" لم يطلب منى أحداً أن أشتريهم . . أنتِ زوجتى و كل ما أملك لكِ . "قلتُ :" أنا لستُ زوجتك . . نحن لازلنا مخطوبان و سننفصل . "هانى صر على أسنانه و زمجر قائلاً :" لقد قلتُ لن ننفصل . . لن أتركك لأى شخص . . أنت زوجتى أنا و أنا من يحدد متى ننفصل و متى نعود . . أفهمتِ ؟ "قلتُ بعصبيه :" هذا الكلام تقوله لخالتى و زوجها .



"هانى قال مصدوماً :" ستطلبين منهم التدخل بيننا ؟ "قلتُ بعناد : " بلى . "هانى ظل ينظر إلىّ لفتره بعينان تقدحان شرراً ، قبل أن يقول :" حسناً يا ساره . . أنتِ التى أخترتِ . "و توجهه إلى باب الشقه هاماً بالمغادرة ، فأستوقفته قائله : " أنتظر . "هانى ألتفت إلىّ متسائلاً فقلتُ :" خذ هذه الأغراض معك . "هانى رمقنى بنظره حاده ثم غادر المنزل دون أن ينطق بكلمه واحده ، أما أنا فقد تهاويتُ فوق أقرب مقعد و أطلقتُ العنان لدموعى



.*************************





اليوم خابرتنى أمى و أخبرتنى بأن ساره تريد الأنفصال عن هانى و طلبت منى أن أتى إلى منزلنا لأحاول أقناع ساره بأن تعدل عن قرارها ، لكنى بالرغم من ثقتى بأن ساره لا تسمع لرأى فقد ذهبتُ إلى منزل أمى لأتكلم معها . .





هانى كان يجلس بحجرة الصالون برفقة أبى و أمى ، أما ساره فكانت تجلس بحجرتى هى و زينه التى كانت نائمه و التى أخبرتنى أمى عن مرضها بالأمس ، قبلتُ زينه ثم ألتفتُ إلى ساره و سألتها :



" هل طمأنكِ الطبيب على حالها ؟ "







ساره قالت : " بلى . . الحمد لله . "







رددتُ : " الحمد لله . "







و ظللتُ صامته لبرهه ، فقالت ساره : " كيف حال أحمد ؟ "







قلتُ : " بخير . . "







ساره أبتسمت إبتسامه شاحبه و قالت : " هل يعاملكِ جيداً ؟ "







أبتسمت و قلتُ :" بلى . . و قد وافق على الذهاب إلى الطبيب . . هل تصدقين هذا ؟ "







قالت : " عظيم . . أنتِ تستحقين كل خير يا إيمان . "







ران الصمت للحظات ، إلا أننى قطعته هذه المره قائله :



" أخبرينى . . هل تريدين الأنفصال عن هانى بالفعل ؟ "







ساره أومأت برأسها إيجاباً ، فسألتها مباشرةً : " لماذا ؟ "







ساره قالت :" كانت هذه هى رغبته فى البدايه ، لكنه عدل عنها . "







سألتها :" و لماذا يريد الأنفصال ؟ "







صمتت لوهله ثم قالت :" لأننى خاطبته بأسم طاهر . "







عضضتُ على شفتى السفلى قائله :" أوه . . هل فعلتِ هذا ؟ "







ساره قالت :" كانت ذلة لسان . "







قلتُ :" رُبما . . لكنك جرحتِ هانى بهذا . . و على كلٍ . . أنا واثقه أنها لم تكن مجرد ذلة ؛ فأنتِ لازلتِ تحبين طاهر . "







ساره زفرت بضيق و قالت مستنكره :" أتلوميننى على شئ ليس بيدى ولا دخل لى به ؟ ! "







قلتُ :" كان كل شئ بيدك . . لقد نصحتكِ منذ البدايه و أنتِ التى لم تستمعى لى . "







ساره عقدت زراعيها أمام صدرها و قالت :" و هأنذا أصلح الخطأ الذى أرتكبته . "







قلتُ :" و بعد أن تصلحيه . . هل ستعودين إلى طاهر ؟ "







ساره صمتت لبرهه ثم قالت : " كلا . "







قلتُ :" أذن . . ستظل المشكله قائمه بوجود هانى أو عدم وجوده . "







سألتنى بحيره و تشتت : " ماذا تعنى ؟ "







قلتُ :" أعنى أن المشكله مشكلتكِ يا ساره . . لابد أن تنسى طاهر هذا تماماً و طالما أن عودتكِ له مستحيله فلما تتركين هانى الذى يحبك . "







ساره نظرت إلىّ و بدت عليها إمارات التفكير فقلتُ :" بمرور الوقت ستحبين هانى ؛ فهو شاب رائع و هو يحبكِ جداً . "







ظلت ساره صامته لفتره ، فسألتها : " ماذا قررتِ ؟ "







ساره قالت بحيره : " لا أعلم يا إيمان . . لا أعلم . "







فى هذه اللحظه أقبلت أمى ، فبادرتها بالسؤال :" ما الأخبار ؟ هل وافق هانى على الأنفصال ؟ "







أمى قالت :" على العكس . . إنه مصمم على عدم الأنفصال . . كما أنه يريد أتمام الزواج بعد شهر من الأن . "







و ألتفتت إلى ساره قائله :" إنه يحبك يا ساره و إلا لما تحمل كل هذا . . هداكِ الله يا بُنيتى لا تخذلى الشاب . "







ساره لم تعلق على كلام أمى و ظلت على صمتها لفتره من الزمن ، فقلتُ أحثها على الكلام :" ماذا قررتِ ؟ "







ساره هزت كتفيها دون أن تتكلم فقالت أمى :" أقبلى يا ساره و أبهجى قلوبنا ؛ فأنا لن أعيش لكِ طوال وأريد أن أطمئن عليكِ قبل أن أموت . "







ساره نظرت إلىّ ثم لخالتى و قالت بلهجة المغلوب على أمرها : " حسناً . . كما تشاؤن . "







تهللت أسارير أمى و غادرت الحجره لتبشر هانى بالخبر ، أما ساره فأخفت وجهها بين كفيها و أجهشت فى بكاء مرير تتقطع له القلوب !







***************





صدر الحكم علىّ بموافقة الجميع و بدأ العد التنازلى و الشهر تضاءل و صار أسبوعين . .







الأيام الماضيه قضيتها أبكى وأتضرع إلى الله لكى يجعلنى أرضى بما قمسه لى أو يأخذنى و يرحينى من حياتى و يريح الجميع . .





أما هانى فإنه يبدو سعيداً للغايه ، و هو يعاملنى برقه و يدللنى كثيراً ، و كم يجعلنى هذا أشعر بوخز الضمير !





اليوم هو حفل زفاف نهله ، و قد وافق هانى على الذهاب إلى الحفل بل و كان يريد أن يعطينى مالاً لأشترى فستان مناسب للحفل إلا أننى رفضتُ و طلبتُ من إيمان أن تقرضنى فستاناً من عندها ، كنتُ أريد أن أذهب إلى الحفل لسببان أولهما هو طاهر ؛ فقد كنتُ أريد رؤيته لأخر مره ، أما السبب الثانى فلأننى وعدتُ نهله بالحضور . .





فى المساء ، بعدما أنتهيتُ من أرتداء ملابسى ، ألتفتُ لإيمان و سألتها :" كيف أبدو ؟ ؟ "





إيمان أبتسمت و قالت : " تبدين رائعه . "







ألتفتُ إليها و قلتُ :" فعلاً ؟ ! أم أنكِ تقولين هذا لتجاملينى ؟ "







إيمان قالت بخبث :" إنكِ رائعه بالفعل ، حتى أن هذا الفستان يلاءمكِ أكثر مما يلاءمنى . "







عقدتُ حاجباى بشده و قلتُ :" أوه يا إيمان . . أنتِ لا تطاقين . . إنها المره العاشره التى تذكريننى فيها بأننى أستعرتُ هذا الثوب منكِ . "







إيمان ضحكت بمرح و قالت :" إننى فقط أمزح معكِ . "







عدتُ لأنظر لصورتى بالمرآه و قلتُ بشرود :" أتظنين أن هذا الثوب سيعجب هانى ؟ "







إيمان غمزت بعينيها و قالت :" طبعاً .. سيعجبه كثيراً .. لكن صاحبته ستعجبه أكثر . "







ضربت إيمان برفق على كتفها و قلتُ :" يا لكِ ظريفه ! "







إيمان ضحكت بينما عدتُ لأنظر إلى المرآه و أضبط حجابى ، و بعدما أنتهيتُ من ضبط حجابى ألتفتُ إلى إيمان وسألتها :" كم الساعه الأن ؟ "







إيمان نظرت فى ساعة يدها و قالت :" إنها الثامنه إلا ربع . . لم يتبق سوى ربع ساعه و يصل هانى . "







رفعتُ يدى بحركه تلقائيه و وضعتها فوق قلبى الذى أخذ يخفق بلا هواده . .





إيمان لا حظت أضطرابى فسألتنى :" ما الأمر ؟ ؟ "







أزدردتُ ريقى بصعوبه و قلتُ بصوت مرتجف ، يكاد يكون مسموع :" طاهر سيكون هناك طبعاً . . أنا خائفه من مواجهته و لا أريد رؤيته . . لا . . بل إننى أحترق شوقاً لرؤيته . "







إيمان نظرت إلىّ معاتبه و قالت :" ساره . . هل ستعودين لترديد هذا الكلام مجدداً ؟ ؟ أنسيتِ ؟ أنتِ مخطوبه لهانى ، و موعد زفافكما قد تحدد بعد أسبوعين فقط . "







نظرتُ إلى إيمان و قلتُ :" رُبما يتوجب علىّ ألا أذهب . "





و فى هذه اللحظه أرتفع بوق سيارة هانى ليعلن عن قدومه . .



إيمان هزت كتفيها قائله :" فات الوقت . "





نظرتُ إلى إيمان بأرتباك و خوف فقالت إيمان تشجعنى :" هيا يا ساره . . لا تدعيه ينتظر أكثر من هذا . "





حملتُ حقيبتى و أنتعلتُ حذائى ثم غادرتُ المنزل بصحبة إيمان و تركتُ زينه عند إحدى جيراننا ثم أتجهتُ نحو سيارة هانى . .





إيمان همست لى قبل أن ندلف :" أتلى بعض الأيات القرآنيه حتى تصلى إلى الحفل . "





جلستُ بجانب هانى بينما جلست إيمان فى المقعد الخلفى ، و بعد قمنا بتوصيلها إلى منزلها أتجهنا نحو القاعه . .





" لماذا أنت صامته ؟ "





ألتفتُ إلى هانى و قلتُ :" لستُ صامته . . إننى أراجع بعض أيات القرآن التى حفظتها مؤخراً . "





هانى أبتسم و قال : " فى المقعد الخلفى يوجد حقيبه أحضريها . "





أحضرتُ الحقيبه فقال هانى :" أفتحيها . . إنها لكِ . "





أخرجتُ من الحقيبه علبة مجوهرات ، و حين فتحتها وقع بصرى على أروع طقم رأيته على الأطلاق ، فنظرتُ لهانى و قلتُ :" أهذا لى أنا ؟ "







هانى أبتسم و قال :" و هل لى سواكِ لأهديه هذا الطقم ؟ "







نظرتُ إلى الطقم و قلتُ بخجل :" لكنه باهظ جداً . "







هانى قال برقه :" إنه أقل ما يمكننى تقديمه لكِ . "





و أبتسم متابعاً :" ما رأيك لو ذهبنا بعد الحفل فى نزهه إلى شاطئ البحر ؟ "





أبتسمت بخجل و قلتُ : " فكره رائعه . "







أما هانى فقد تابع :" و ما رأيك أن نأخذ ملك غداً إلى الملاهى . . أنها لم تذهب إلى الملاهى من قبل . "







قلتُ:" فكره جميله . . أنا واثقه من أنها ستحب الملاهى كثيراً . "





ملك أكملت عامها الأول منذ شهرين ، و قد تعلمت أن تسير بضع خطوات ، كما أنها قد بدأت تنطق بكلامات بسيطه منها ماما . .





لن أستطيع أن أصف لكم مدى سعادتى حين قالت لى ماما ! لقد كدتُ أطير فرحاً رغم أننى لستُ أمها فعلاً . .





كنا قد وصلنا إلى القاعه فى هذه اللحظه فوضعنا السياره بالمرآب و دلفنا إلى القاعه ، و كانت القاعه بالفعل رائعه ، و نهله أكثر من رائعه . .





أما طاهر فلم يظهر بعد . .





كم أنا مشتاقه لرؤيته ! و كم أتمنى أن يظهر بسرعه لأقر عينى برؤيته !





آه يا طاهر لو تعرف كم أنا مشتاقه إليك !





" لما تتلفتين حولك هكذا ؟ "





سألنى هانى ، فقلتُ : " لا . . أبداً . "





و أخذتُ أعبث بمحتويات حقيبتى علنى أكف عن الألتفات و البحث عن طاهر ، و بينما كنتُ فى ذلك صدر عن هانى زفره حانقه ، أكدت لى بما لا يقبل الشك أن من أحترق شوقاً لرؤيته قد وصل . .





و لم أستطع أن أمنع نفسى من رفع بصرى لتصطدم عينى مباشرة بعينا طاهر !





أوه . . يا ألهى . . لماذا يخفق قلبى بهذه القوه ؟ و لماذا ترتعش يدى ؟ و لماذا يتصبب العرق منى على الرغم من برودة الهواء ؟ و لماذا أشعر بتقلصات بمعدتى ؟







" سأذهب إلى المرحاض . "





قلتُ ذلك قبل أن أنهض بسرعه لأذهب إلى المرحاض و أبتعد عن نظرات طاهر التى كانت تحاصرنى من كل جهه . .





و هناك . . أطلقتُ العنان لدموعى . . و بكيتُ كما لم أبكِ من قبل . .





لماذا يحدث لى كل هذا يا ربى ؟ لماذا كتب علىّ أن أحرم من أحب الناس إلى قلبى ؟ لماذا علىّ أن أتزوج من هانى بينما قلبى يخفق بأسم طاهر ؟







بعد فتره من الزمن غادرتُ المرحاض بعد أن قمتُ بإعادة وضع مُستحضرات التجميل ، و هممتُ بالأتجاه نحو المنضده التى يجلس هانى حولها ، إلا أن ذلك الصوت أستوقفنى حين قال :





" ســــــاره . "





*********************



" ســـــــاره . "توقف قلبى لدى سماعى لهذا الصوت الذى طالما عشقته و عشقتُ صاحبه ، و تسمرتُ فى مكانى كتمثال من الخشب لا أقوى على التحرك و لا ألألتفات . . كنتُ أريد أن أنظر إليه و أملى نظرى برؤيته لكنى فى الوقت ذاته كنتُ أخشى أن يحضر هانى فجأه و يتشاجرا كما حدث فى المرة السابقه . .كدتُ أعدو مبتعده عنه بأقصى سرعه لكنى شعرتُ بخطوات تقترب منى من الخلف و يدان تمسكان بى ، فأنتفض جسدى بقوه و أستدرتُ بسرعه لأجد نفسى فجأه فى مواجهة طاهر بل و أنظر إلى عينيه مباشرة .



.ما أن ألتقت نظراتنا حتى تلاشى كل شئ مما حولى و ما عدتُ أرى سوى طاهر و لا أسمع برغم الموسيقى الصاخبه إلا صوت دقات قلبى الذى أخذ يخفق بلا هواده !يا ألهى . . كم أشتقتُ إليك ! إننى أتسأل كيف أستطعتُ ألا أراك طوال هذه الفتره الطويله ؟ ! بل كيف أستطاع قلبى أن ينبض و أنت بعيد عنى ؟ !و كيف سيستطيع قلبى أن ينبض بعدما نفترق ؟ !



" لماذا فزعتِ هكذا ؟ ! "سألنى طاهر بصوت رقيق مس أوتار قلبى و جعل أنفاسى تضطرب ، و جعلنى عاجزه عن الحركه ، فبقيتُ و اقفه بمكانى دون حراك إلا من بعض الأشياء التى أخذت تتحرك بداخلى و التى طالما تحركت فى وجوده و بقربه منى . .عادت ذاكرتى تلقائياً إلى أخر مره تقابلنا فيها ، و تذكرت كيف صرخ بى و قتها فهممتُ بالأبتعاد عنه ، إلا أنه أمسك بيدى ليوقفنى . ." إلى أين تنوين الذهاب ؟ "قلتُ بحده :



" إلى أى مكان بعيداً عنك . "ضاقت عيناه و صر على أسنانه و زمجر :



" أبداً . . هذه المره لن أتركك أبداً . . "قلتُ متهكمه :



" لكنك تركتنى من قبل و تخليت عنى فى أصعب أوقات حياتى . . بل و تركتنى لأتزوج من هانى بينما أنا أحبك أنت . . "تراخت قبضته على يدى حتى تركها تماماً و تنهد بأسى ثم قال :



" أنا أسف . "سألته فى عجب :



" على أى شئ تعتذر ؟ "طاهر قال بأسى ممزوج بالحزن :



" لأننى . . أسأتُ الظن بكِ . . و لأننى كنتُ السبب بكل ِ ما حدث . . أنا الذى تسببت فى بعادك عنى و حرمانى منكِ . . أنا الذى . . . "و صمت لبرهه ثم تابع بصوت رقيق :



" أنا الذى كان و لا زال يعشقكِ و لا يستطيع العيش بدونكِ . "فى هذه اللحظه أمتدت يده لتمسك بيدى بشوق ، أردتُ أن أسحب يدى من بين يديه لكنى لم أقوى على هذا ؛ فطالما تمنيتُ أن يمسك بيدى مثلما يمسكها الأن . .آه يا طاهر . . كم أشتقتُ إليكِ ! و كم أحتاج إليك !ليتك تشعر بى . . بل ليتك تتركنى أعود إلى هانى بسلام ؛ فلم يعد يجدى الأن أن تمسك بيدى أو لا . .سحبتُ يدى من بين يديه برفق و سألته :



" نهله أخبرتك ؟ "أومأ طاهر برأسه إيجاباً و قال :



" أجل . "تنهدتُ و قلتُ مُنفعله :



" طلبتُ منها ألا تخبرك . . لماذا فعلت هذا ؟ "طاهر نظر إلىّ بحيره و قال :



" لماذا لا تريدنى أن أعرف الحقيقه ؟ "قلتُ بأسى :



" لأنه . . لم يعد يجدى الأن . "و لستُ أدرى كيف أتتنى الشجاعه لأقول له هذا ؟ ! فقلتُ فجأه :



" أنا سأتزوج بعد أسبوعين . "ظهر الذهول الممزوج بالغضب على وجهه ، و تبدلت ملامح وجهه فجأه ، و بدأ الشرر يتطاير من عينيه ، فدار حول نفسه بغضب وهو يطلق لعنات غاضبه ، أما أنا فقلتُ بحزن :



" ألم أقل لك ؟ لقد فات الوقت ؟ "طاهر أمسك بزراعاى الأثنان و صاح بى :



" ستتزوجين هانى بعد أسبوعين ؟ ! هه ؟ ردى علىّ . "و أنتفض جسدى بأكمله و كأننى أسمع هذا الخبر لأول مره ، أما طاهر فواصل صراخه :



" أبداً . . لن أتركك تتزوجين منه . . أنتِ فتاتى أنا . . و لن تكونى لغيرى . .لن أسمح لكِ بأن تتزوجى من هانى أو غيره و أنا حى أرزق . .أنفصلى عنه و دعينا نعود إلى بعض . .أنا لن أتحمل أن تكونين لغيرى . .أنا أحبكِ يا ساره و واثق أنكِ أنتِ بدوركِ تحبيننى ؛ فما بيننا لا يمكن أن يُنسى بسهوله . "فى هذه اللحظه أنهمرت الدموع من عينى فجأه و قلتُ بصوت مختلط بالبكاء :



" لن أستطيع يا طاهر . . لا يمكننى أن أفعل هذا بهانى . . لقد وقف بجانبى و أحتملنى كثيراً . . أنا مدينه له بالكثير . "طاهر مسح بيده على شعره بغضب و زمجر قائلاً :



" إذا لم تطلبى منه أن يتركك سأفعل أنا . . أنا لن أدعكِ تتزوجين من رجلاً سواى أبداً . . أتسمعين ؟ أبـــداً . "قلتُ بتوسل :



" أرجوك لا تفعل . . "طاهر أخذ ينظر إلىّ بعمق ، ثم سألنى فجأه و بدون توقع :



" ألازلتِ تحبيننى ؟ "لم أستوعب سؤاله لأول وهله و ظللتُ أنظر إليه بحيره فقال :



" ألا زلتِ تحبيننى يا ساره ؟ ردى علىّ . "قلتُ :



" أجل . . أحبــــك و لكــ .. ... ... "و بترتُ جُملتى فجأه حين و قع بصرى على هانى الذى ظهر فجأه و الذى كان ينظر لنا و الشرر يتطاير من عينيه !



***************

حين تأخرت ساره بالمرحاض أخذتُ أبحث فى الوجوه عن طاهر بجنون ما مثله جنون و لما لم



أجده سيطرت علىّ الظنون و تلاعبت الهواجس برأسى . .







أيكون قد لحق بساره ؟ أيكونا الأن يتحدثان ؟ أيكون المرحاض مجرد حجه لتقابله ؟







أيمكن أن أكون مخدوع بها لهذه الدرجه ؟







نهضتُ من مكانى و أخذتُ أبحث عن دورة المياه الخاصه بالسيدات كالمجنون . .







و أخيراً عثرتُ على الممر المؤدى إلى دورة المياه ، و هممتُ بالدخول إليه لولا أن سمعتُ صوت ساره ، بل لقد ثقب طبلة أذنى !







" لن أستطيع يا طاهر . . لا يمكننى أن أفعل هذا بهانى . . لقد و قف بجانبى و أحتملنى كثيراً . . أنا مدينه له بالكثير . "" أجل . . أحبــــك . . "و عند هذا الحد لم أحتمل و شعرتُ بغضب لا مثيل له يتفجر فى أعماقى ، فأقتربت منهما كالقذيفه و أخذتُ ألكم و أركل بطاهر بمنتهى العنف و القسوه و الجنون . .







طاهر مندهشاً فى البدايه كما فى المره السابقه إلا أنه أخذ يقاومنى و يضربنى هو الأخر ، لكن الغلبه كانت ليدى برغم أن طاهر يفوقنى حجماً ..







رُبما كانت ثورتى قد أعطتنى قوه مضاعفه و جعلتنى أتغلب عليه !







ساره كانت تحاول فض الأشتباك و كانت تصرخ بى مطالبه أن أتركه ، لكنى لم أتركه إلا بعدما أعيانى التعب و شعرتُ بأن قواى قد أنهارت تماماً . .







أنذاك رأيتُ طاهر الذى كان مستنداً على الحائط ، ينظر إلىّ بذهول ما مثله ذهول ، فتركته واقفاً و أتجهتُ نحو ساره لأمسك بيدها و أجذبها نحوى بعنف و خشونه قائلاً بحده : " تعالى معى . "







و كدتُ أغادر معها القاعه لولا أن أستوقفنى طاهر حين قبض على زراعى قائلاً :" أترك يدها . "







ألتفت إليه و لكمته بفكه قائلاً :" تباً لك . . أهتم بشؤونك . "







طاهر جذبنى من ياقة قميصى و صرخ بى :" اللعنه عليك . . أنا لن أسمح لك بأن تعاملها هكذا . "







و أشتبكنا فى جديد فى عراك مميت . .





و بما أن التعب كان قد نال منى ، فإننى لم أستطع حتى أن أقاومه . . و أستسلمت له تماماً . .





********************
إقرأ المزيد

₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ .... الحلقة الاربعون

1 comment


هانى أخذ يتأملنى ملياً ، قبل أن يقول بصوت خافت و حنون :





" أنت ِ لصه و مُحتاله يا حبيبتى .. "





و أبتسم متابعاً :



" لستُ أدرى كيف أستطعتِ سرقة قلبى من بين ضلوعى بهذه الفتره البسيطه ؟ ! أخبرينى كيف ؟ "







تصاعدت الدماء إلى وجهى فجأه ، و أطرقتُ برأسى بخجل ، فأمتدت يد هانى إلى ذقنى و رفع وجهى إليه لأواجهه ، ثم قال :





" أنا أحبكِ يا ساره .. أحبكِ أكثر مما تتخيلين .. و أتمنى ألا تغيبين عن عينى للحظه واحده . "







لو أن كلمات هانى موجهه لأى فتاه بالكون ، ستكون هذه الفتاه أسعد فتاه على سطح الكره الأرضيه بأكملها ، و رُبما طارت من فرط سعادتها ..





لكن .. لأن هذه الكلمات موجهه لى أنا .. فقد أصابت قلبى كسهام قاتله ، و طعنتنى فى صميم قلبى ..





ليتنى أستطيع أن أبادلك مشاعرك هذه يا هانى ! بل ليتنى أولاً أستطيع أن أنسى حبى لطاهر الذى لازال يحتل حجرات قلبى الأربعه !







" أننى أحلم بذلك اليوم الذى ستصبحين فيه زوجتى يا ساره . "





نظرتُ إلى هانى بأضطراب و قلق و ترقب ..





أريد أن أضع يدى على شفتيه ليتوقف عند هذا الحد ..





يكفى هذا يا هانى .. أنا لا أحتمل كل هذا .. إن ضميرى يكاد يقتلنى من أجلك ..





أرأيت يا طاهر ما فعلته بى ؟ أرأيت إلى أين أوصلتنا ؟ أرأيت كيف أتعذب بسببك ؟





إننى أتمنى الموت .. أتمنى أن ألحق بأمى و لا أكون زوجه لأحد سواك ..





لماذا فعلت بى هذا ؟ لماذا ؟





" ألم يأن لنا لنتزوج و نكون معاً ببيتٍ واحد ؟ "





**********************







لو ترون الهلع و الفزع اللذان أرتسما على وجه ساره حين قلتُ هذه الجُمله ..







و لو ترون شلالات الدموع التى أخذت تتساقط على خديها ..







و لو تشعرون بقلبى الذى تمزق مع كل دمعه فاضت من عينيها ..







" أرجوكِ لا تبكين .. أنا لا أحتمل رؤية هذه الدموع . "







توسلتُ لساره بأن تكف عن البكاء و تناولت منديلاً و أخذتُ أجفف لها دموعها ، و أربت على ظهرها ، و أمسح على شعرها ، و أهدأ من حالها ..







"أرجوكِ يا ساره لا تفعلين بى هذا .. هذه الدموع تقتلنى . "









ساره نظرت إلىّ من بين دموعها ، وقالت بنبره حزينه :





" أنت لا تستحق فتاه مثلى يا هانى .. أنت تستحق من هى أفضل منى . . أنا . . . "









وضعتُ يدى على شفتيها لأمنعها من مواصلة الحديث ، و ضممتها إلىّ ، فأستجابت لى و أخذت تبكى فى احضانى بمراره ..







" أنا لا أريد و لا أحب سواكِ .. أنتِ حبيبتى و زوجتى التى سأقضى معها ما تبقى من حياتى .. طال عُمرى أو قصر يا ساره .. ستكونين أنتِ رفيقتى و حبيبتى .. و أنا لن أتوقف عن حبكِ طالما قلبى هذا ينبض . "







أبعدتُ ساره عنى قليلاً ، و أخذتُ أنظر إلى عينيها مباشرة ، و قلتُ لها برجاء :





" قولى أنكِ موافقه على أتمام الزواج فى أقرب وقت ، و أعدكِ بأن تكوني أسعد زوجه فى الدنيا .. فقط قولى أنكِ موافقه . "









ساره أخذت تنظر إلىّ للحظات بأضطراب وتشتت ، و أخيراً قالت :





" أنا .. لا أدرى يا طـــاهــ.. . . . . "









و أنتبهت فجأه لزلة لسانها ، فبترت جُملتها بغته ، و أزدردت لعابها بصعوبه ، و أخذت تنظر إلىّ فى أنتظار رد فعلى ..







أما أنا فوقع علىّ هذا الأسم الذى لم تتمه ساره وقوع الصاعقه ..







فأبعدتُ ساره عنى بدفعه قويه من يدى ، و أغلقتُ عينى بمراره الدنيا ، و أخذتُ أقبض يدى و أبسطها فى محاوله يائسه لأسيطر على أعصابى ..









لكنى حين عدتُ لأفتح عينى ، و وقع بصرى على ساره التى كانت تنظر إلىّ بوجل ، رأيتُ ألسنه النار تتراقص أمام وجهى ، و الشياطين تتلاعب أمامى ، فتفجر غضبى على هيئه زمجره غاضبه ، و كلمات مشتته تائهه :







" أبعد كل ما فعلته لأجلكِ تذكرين أسمه أمامى ؟





ألأننى أحببتكِ بصدق تدهسين قلبى تحت قدميك ؟





لقد خسرتُ صديق عُمرى بسببك أنت ..





ماذا تريدين أكثر من هذا لتتأكدى من حبى لك و لتنسين طاهر ؟ "









قلتُ جُملتى هذه و هببتُ واقفاً ، و غادرتُ المنزل صافعاً الباب خلفى و بمنتهى العنف ..





****************











ظللتُ لفتره لا أعلمها أنظر لفتحة الباب التى عبرها هانى منصرفاً صافعاً الباب خلفه بقوه ، و أنا عاجزه عن أدراك أى شئ ..



و لا أصدق ما أنا فيه ..



أحقاً كان هانى هنا ؟ أحقاً أخطأتُ بأسمه ؟ أحقاً قلتُ له طاهر ؟



كم أنا غبيه ! لقد خسرتُ هانى بهذا إلى الأبد .. و لا أظن أنه سيقبل العوده لى بعد ما فعلته ..



يا رب .. ألا يكفى ما فقدته و ما خسرته .. بداية بطاهر ، و مروراً بأمى الحبيبه ، و أخيراً بهانى ..



من تبقى لى بهذه الدنيا ؟ لماذا أعيش ؟ و من أجل من ؟ و ما هدفى من الحياه ؟



ماذا جنيتُ بحبى لطاهر سوى الحزن و الألم و التعاسه ؟



و ماذا فعل طاهر من أجلى سوى أنه تخلى عنى ، و تركنى أسيرة حبه و أسيرة ذكرياتى معه ؟



ألم يكن الأجدر بى أن أصرف مشاعرى عن طاهر الذى تركنى بكل بساطه ، و أوجه مشاعرى إلى الرجل الذى أحبنى بصدق ، و الذى فعل الكثير من أجلى ؟ !



ليت مشاعرى كانت بيدى أصرفها عمن أشاء و أوجهها لمن أشاء !



ليتنى ما أحببتك يا طاهر ! وليتنى أحبك يا هانى !



*******************



كنتُ فى قمة غضبى و أستيائى حين غادرتُ منزل ساره ، فأخذتُ أقود سيارتى بسرعه ، و أدوس على كل شئ يقابلنى بغيظ ..



و أخيراً توقفتُ أمام البحر .. و ترجلتُ من سيارتى ، و جلستُ على رماله الناعمه ..



و هنا فقط تفجرت أنهاراً من الدموع من عينى كنتُ أظننى قد أستنفذتها جميعاً بعد وفاة زوجتى ..



آه يا حلا لو تعلمين ما الذى حدث لى بعد وفاتك ؟ لو تعلمين كيف صرتُ بعدكِ ؟



ليتك تخرجين من قبرك و تأتين إلىّ لتأخذينى فى أحضانك كما كنتِ تفعلين حين أكون حزيناً ..



بل ليتك تأخذيننى معكِ تحت التراب .. فأنا لا أريد أن أحيا للحظه واحده بعد الأن ..



أبعد كل ما فعلته لكِ يا ساره لازلتِ تفكرين بطاهر ؟ !



أبعد كل الحب الذى أحببته لكِ مازلتِ تحبينه ؟



ماذا أفعل لكِ أكثر مما فعلت خلال الشهور الماضيه لكى تحبيننى ؟



لقد كنتُ بجانبكِ فى أصعب أيامكِ .. و كانت يدى هى اليد التى تربت عليكِ ساعة حزنك .. وكانت يدى أيضاً هى اليد التى أخرجتكِ من حزنكِ ..



أما طاهر ، فتخلى عنكِ وترككِ ..



بالله عليكِ أياً منا أحق بحبكِ ؟ أنا أم هو ؟



ظللتُ لوقت لا أعلمه جالساً على الرمال ، أبث همومى للبحر ، و أبكى كطفل صغير ، إلى أن أتت موجه عاليه و نثرت بعض المياه المالحه على وجهى ، وجعلتنى أفيق مما كنتُ فيه ، فألقيتُ نظره على ساعتى فوجدتها تشير إلى الواحده ليلاً ..



و ما كان منى لحظتها إلا أن نزعتُ ساعة ساره عن معصمى وأستبدلتها بساعة حلا المكسوره ..



ثم نهضتُ عائداً إلى منزلى .. و منزل حلا ..



عندما وصلت إلى المنزل وجدته موحشاً كئيباً ، و ظللتُ ممسكاً بمفتاح الباب لفتره دون أن أقوى على أدارته و فتحه ..



و بعد فتره طويله من التردد حسمت أمرى و فتحتُ الباب و دلفت إلى الشقه ..



كل ركن فى المنزل ذكرنى بلحظات السعاده التى قضيتها بصحبة زوجتى فيه .. كل ركن بالمنزل كان يحمل فى ثناياه شيئاً منها و كان يشعرنى بوجودها بجانبى .. حتى سريرها كان مازال يحمل فى طياته رائحة عطرها !



هل ستصدقوننى لو قلتُ لكم أننى شعرتُ بيدها تربت على كتفى و تمسح ما كان عالقاً برموشى من دموع ؟ !



لكن هذا ما شعرتُ به بالفعل ..



و كان هذا أخر شئ شعرتُ به ؛ فقد رحت بعدها فى سُباتٍ عميق ..



و تمنيتُ ألا أستيقظ من نومى أبداً !



*******************



مرت ستة أيام على ذلك اليوم المشؤوم ، ولم يحاول هانى طوال هذه الفتره أن يتصل بى ليعرف اخبارى ..



و أنا أيضاً لم أحاول أن أتصل به من شدة خجلى منه .. فلم يكن ما فعلته بالشئ البسيط .. لقد جرحته وطعنته فى صميم قلبه ..



و أنا فعلاً نادمه على ما فعلته ..



و لكن . . . هل يجدى الندم الأن ؟ و هل سيسامحنى هانى على ما قلته ؟



" آه يا أعصابى .. لما جعلوننا ننتظر كل هذا ؟ لما لا يعطوننا نتائج التحليل و ينتهى كل شئ ؟ "



أفقتُ من شرودى على صوت إيمان التى قالت العباره السابقه ، فنظرتُ إليها و قلتُ :



" تمالكى أعصابك .. فات الكثير و لم يتبق سوى القليل . "



إيمان تنهدت ببطئ و أخذتُ تهز قدميها بحركه عصبيه توحى بمدى قلقها ..



كنا نجلس فى الأستقبال بالمستشفى ، ننتظر نتائج التحاليل الخاصه بإيمان لندلف إلى الطبيبه و نعرضها عليها .. إلا أنهم تأخروا كثيراً ، فها نحن جالسين منذ أكثر من نصف ساعه دون أن تظهر هذه النتائج ..



" مدام إيمان . "



ألتفت كلا منا إلى الممرضه التى قالت هذه الجمله ، لكن إيمان لم تلبث أن قفزت من مكانها و قالت بلهفه :



" هل ظهرت النتائج ؟ "



قالت الممرضه وهى تمد لها يده بملف :



" ها هى النتائج .. تفضلى بالدخول إلى حجرة الطبيبه . "



إيمان أخذت تنظر إلى الملف وتقلب صفحاته دون أن تتحرك من مكانها ..



قلتُ لها :



" لن تفهمى منه أى شئ .. تعالى لندلف إلى حجرة الطبيبه . "



و أمسكتُ بيدها و قدتها إلى الحجره ..



و هناك ظلت الطبيبه تقرأ الملف لفتره ، قبل أن ترفع بصرها إلينا أو تحديداً إلى إيمان ..



إيمان قالت و قد بدأ صبرها ينفذ :



" خيراً ؟ ما نتيجة التحاليل ؟ "



أجابت الطبيبه بهدوء :



" خيراً إن شاء الله .. أخبرينى يا إيمان .. منذ متى تزوجتِ ؟ "



إيمان قالت :



" منذ حوالى سبعة أشهر أو ما يزيد . "



الطبيبه قالت :



" حسناً يا إيمان .. أنتِ ليس لديكِ أى مانع للحمل . "



فى هذه اللحظه رن هاتفى ، فأخرجته من حقيبتى بلهفه و حين نظرتُ إلى رقم المتصل و جدته هانى !



********************:::





منذ ذلك اليوم المشؤوم الذى أخطأت ساره فيه و نادتنى بطاهر ، أى منذ ستة أيام ، و لم يتصل أحدنا بالأخر . . أو بالأدق لم تكلف ساره نفسها عناء الأتصال بى و مصالحتى و كأن أستيائى و غضبى منها لا يشغل بالها و لا يهمها أطلاقاً . .







لذا قررتُ أن أتصل بها بنفسى و أتحدث إليها ، فلم يعد يجدى الهروب من الأمر . .







و لابد من مواجهة الأمر و إيجاد حلاً له . .







فى الأيام القليله السابقه توصلتُ لحلاً رُبما ستعتبرونه تسرع أو تهور ، لكننى لا أجد حلاً سواه . .







و الحل هو أن أنفصل عن ساره . .







نعم . . إنكم لم تخطأون السمع . . لقد قلتُ بالفعل أن الحل هو أن أنفصل عن ساره . .







فإن ساره برغم كل شئ لازالت تحب طاهر و أنا لا أستطيع أن أتزوج منها و هى تحب شخصاً أخر . .







أعرف أنكم تتسألون لماذا لم أنفصل عن ساره مباشرة بعد معرفتى بحبها لطاهر ؟







لكنى حين علمتُ أن ساره تحب طاهر فى بداية أرتباطى بها ، لم أنفصل عنها لأننى كنتُ أأمل أن تبادلنى مشاعرى فى يوماً ما . .







و لكنى فقدتُ الأمل تماماً فى أن تنسى ساره حبها لطاهر و تبادلنى مشاعرى . .







فبمرور الأيام يهيأ لى أن المسافه بينى و بين ساره تزداد بعداً و أن الحاجز الذى بيننا يزداد سمكاً و قوه . .







بأختصار شديد أنا و ساره لا نصلح أبداً كزوج و زوجه ، و لهذا أتصلت بها و طلبتُ منها أن نتقابل لنتناقش . .







أو لننهى كل شئ . .







و كم يصعب علىّ بعد هذه الفتره أن ينتهى كل شئ بينى و بينها !





***************



بالأمس زارتنا عائلة عابد ، و أتفق عابد مع والدى على أن يتم عقد القران و الزفاف فى ليله واحده بعد أسبوعين ..





أنا فعلاً أشعر بالسعاده من أجل هذا .. بل إننى أكاد أطير من فرط سعادتى .. و كذلك عابد .. مسرور جداً بهذا لدرجة أنه يتصل بى كل دقيقه و . . . .





أرأيتم ؟ ها هو ذا يتصل بى الأن ..





ألتقطتُ هاتفى و أجبت عليه قائله :



" نعم حبيبى . "







أتانى صوت عابد و هو يقول :



" أنا تحت منزلكِ الأن .. أمامكِ دقيقتان فقط لترتدى ملابسك و تنزلى لتقابليننى . "







تفاجأتُ و قلتُ : " لماذا ؟ ما الأمر ؟ "







عابد قال :



" قلت دقيقتان .. هيا أبدأى بتبديل ملابسك حالا ً. "







و أنهى الأتصال على هذا ..





هرولت نحو خزانه ملابسى ، و أنتقيتُ ملابسى بسرعه و عنايه ، ثم نزلتُ إليه و أستقيلتُ سيارته ، فأنطلق بها على الفور ..





سألته بذهول :



" إلى أين ؟ لما أنت متعجل هكذا ؟ "







عابد أختلس النظر إلىّ و قال :



" هششششش .. لا تتكلمى . "







قلتُ : " لماذا ؟ ما الأمر ؟ "







عابد قال : " أنتظرى لتعرفى .. " و أبتسم متابعاً : " إنها مفاجأه . "







حاولت أن أتمالك نفسى ، و ألا أنهال على رأس عابد بالكثير من الأسئله التى تشبع فضولى قليلاً ، فأخذتُ أراقب الطريق بشغف إلى أن توقف عابد على جانب الطريق و غادر السياره ثم دار حولها نصف دوره وأتى ليفتح لى الباب قائلاً :



" هيا .. أنزلى . "





غادرتُ السياره ، و أخذتُ أتأمل الفلل و المبانى التى حولنا بذهول ما مثله ذهول ..





" لماذا أتيت بى إلى هنا ؟ "





عابد أمسك بيدى وقادنى إلى إحدى الفلل دون أن يجيب على سؤالى ، ثم فتح بابها قائلاً :



" أدخلى بقدمكِ اليمنى إلى عشنا الصغير . "





دلفتُ إلى المنزل بقدمى اليمنى كما آمرنى ، و ظللتُ أتأمل المنزل الجميل و أنا عاجزه عن النطق !







" ما رأيك ؟ "







قلتُ مُنبهره : " رائــــــع . "







عابد قال :



" أشتريته اليوم .. و كتبته بأسمكِ . "







فتحت عيناى على وسعهما بدهشه و قلتُ :



" لا ! غير معقول ! لكن هذا كثير يا عابد ! "







عابد قال :



" إنه أقل ما يمكننى تقديمه لحبيبتى التى ستصبح زوجتى و أم أولادى . "





*****************





تهالكتُ فوق أقرب مقعد بمنزل ساره قائله :



" لا أصدق يا ساره أننى ليس لدى مانع للحمل .. لقد كنتُ بدأتُ أشك فى نفسى . "







ساره قالت :



" الحمد لله .. على أى حال لابد أن تفعلى أى شئ لتقنعى زوجك بالذهاب إلى الطبيب . "







تنهدتُ ببطئ و قلتُ :



" لا أظن .. أعتقد أننى لن أخبره حتى عن ذهابى إلى الطبيبه اليوم . "







ساره نظرت إلىّ بدهشه و قالت : " لماذا ؟ "







قلتُ :" لأننى إذا أخبرته بهذا .. سأقضى على علاقتنا تماماً .. فلا شيئاً يجرح الرجل أكثر من معرفته بأنه لا يستطع الأنجاب . "







ساره سألتنى :



" أذن . . ماذا ستفعلين ؟ "







أبتسمت و قلتُ بغموض : " سترين . "







فى هذه اللحظه رن هاتف ساره ، فقفزت ساره من مقعدها قائله :



" رُبما كان هانى يتصل بى ليلغى الموعد . "





إلا أنها حين ألتقطت الهاتف من فوق المنضده و نظرت برقم المتصل قالت بحيره : " إنها نهله . "





سألتها : " لماذا تتصل ؟ "





هزت كتفيها قائله : " لا أعلم . "





و ضغطت زر الأجابه قائله :



" السلام عليكم . "





" ..................... "





" أهلاً نهله .. كيف حالك ؟ "





" ................."





" أنا بخير .. الحمد لله . "





" ................... "





" حقاً ؟ ! مبارك لكِ . "





" ....................... "





" لا أدرى .. سأسأل هانى .. رُبما لن يوافق بسبب . . . . طاهر. "





" ................... "





" حسناً . . أتصلى به و أنا أيضاً سأحاول أن أقنعه بالذهاب إلى الحفل .. إلى اللقاء . "





ساره أنهت الأتصال و ظلتُ واقفه لفتره و قد بدت عليها إمارات التفكير و الحيره . .





سألتها : " ما الأمر ؟ "







ساره ألقت الهاتف على المقعد الأسفنجى ، و تهاوت على إحدى المقاعد قائله :





" كانت تدعونى لحضور حفل زفافها . "







سألتها : " هل ستذهبين ؟ "







قالت :" لا أدرى .. كل شئ متوقف على هانى . "





و أعقبت جملتها بتنهيده قويه ..





قلتُ :



" فاتحيه فى الأمر حين تتقابلا اليوم . "





و نهضتُ من مكانى قائله :



" أنا سأنصرف الأن . . لدى مشوار هام . "







ساره قالت : " إلى أين ؟ "







أبتسمت و قلتُ :



" سأتصل بكِ غداً و أخبركِ بكل شئ . "





**************



" ها هى الأوراق الخاصه بالمتقدمات إلى العمل .. أختار أى واحده منهن و قم بتعيينها . "





قالت نهله الجمله السابقه وهى تقلب صفحات الملف التى تمسك به ..







أما أنا فهززتُ كتفاى بلا أكتراث و قلتُ :



" حسناً . . أختارى من ترينها مناسبه . "







نهله وضعت إحدى ساقيها على الأخرى و قالت :



" بل أنت من يجب عليه أن يختار السكرتيره ؛ لأن .... أقصد .. لأننى .. سأخذ أجازه طويله جداً . "







تفاجأتُ و قلتُ : " تأخذين أجازه ؟ ! لماذا ؟ "







نهله أبتسمت بخجل و قالت :



" لأننى سأتزوج بعد أسبوعين . "







تفاجأتُ و أبتهجتُ لهذا الخبر فى آن واحد فقلتُ مازحاً :



" ستتزوجين بعد أسبوعين ؟ لا أصدق نفسى . . . أخيراً سنتخلص منكِ . . "







نهله رفعت حاجبيها بشده و قالت : " هكذا ؟ ! "







ضحكتُ و قلتُ :



" أخبرينى متى تحدد هذا ؟ "







نهله قالت بخجل : " بالأمس فقط . "







قلتُ :" مباركِ لكِ يا نهله .. عابد شاب رائع و أنتِ تستحقين كل خير . "







نهله أبتسمت و قالت :



" العقبه لك .. فأنت أيضاً تستحق كل خير .. "







تنهدتُ بقوه . . ليس هذا بالوقت المناسب أبداً لهذا الحديث يا نهله . . أرجوكى توقفى عند هذا الحد . .





إلا أن نهله تابعت :



" متى ستتزوج يا طاهر و تبهج قلوبنا ؟ "







أبتسمت بمراره و قلتُ :



" لا أظن أننى سأقدم على هذه الخطوه أبداً . "







نهله عقدت حاجبيها بشده و حزن و قالت :



" لماذا يا طاهر ؟ "







نظرتُ إليها لوهله ثم قلتُ :



" قبل أن أقدم على خطوه كهذه لابد أن أنسى الفتاه التى تحتل حجرات قلبى الأربعه . "







و أشرتُ إلى قلبى متابعاً بأسى :



" و لا أظن أننى قادر على نسيانها . "







نهله ظلت تنظر إلىّ للحظات بتردد ، قبل أن تقول : " طاهر .. "







قلتُ : " نعم ؟ "







نهله ترددت للحظه ثم قالت :



" هناك ما أريد أخبارك به. "





*******************





لم أكن لأصمت فى هذه اللحظه بالذات ..





كان لابد أن أخبر طاهر بكل شئ ؛ فأنا لن أستطيع أن أقف صامته و أنا أراه يتعذب ، و يعانى من شبح حبه لساره الذى لا زال يطارده بإصرار !





فأخذتُ أتكلم و طاهر يستمع إلىّ بكل حواسه .. و ينظر إلىّ بتمعن و لهفه . .





و من شدة لهفته بدا لى كأنه يريد أن ينتزع الكلام من لسانى قبل أن أنطق به !





و بعد ما أنتهيتُ من كلامى ، ظل طاهر للحظات مُتسمراً فى مكانه ، و عاجزاً عن أستيعاب أى شئ و قول أى شئ ..







قلتُ :" هذا ما حدث يا طاهر .. لقد ظننا بساره سوءاً . . "







طاهر رفع بصره إلىّ و سألنى بصوت أجش :



" هل أنتِ متأكده يا نهله ؟ "







أومأتُ برأسى إيجاباً و قلتُ : " أجل . "







و مهما قلتُ لن أستطيع أن أصف لكم مدى الحزن والأسى اللذان شقا طريقهما إلى كل لمحه من ملامحه فى هذه اللحظه ..





ليتنى ما أخبرته بهذا بعدما أنتهى كل شئ .





**************



حين دلفتُ إلى الشقه ، و رأيت الشموع المضاءه و الورد المتناثر على كل شئ ، و البالونات الحمراء على شكل قلوب ، فهمتُ على الفور أنها إيمان المجنونه . .





هل عادت أخيراً ؟ ؟ ؟ !





يا ألهى . . كم أشتقتُ إليها . .





كان الورد المجفف موضوع على الأرض على شكل أسهم ، و كلما سرتُ بأتجاه الأسهم كلما أستوقفتى إحدى البالونات الحمراء التى كتب عليها " أنا أسفه " بكل لغات العالم !





يا لها من مجنونه !





أفعلت كل هذا لتصالحنى ؟





كم أنا محظوظ لأننى لدى زوجه مثلها !





ناديتُ عليها بشوق :



" إيمان . . حبيبتى . . أين أنتِ ؟ "







و أخيراً ظهرت زوجتى الحبيبه ، بكامل زينتها و أناقتها ، رأسها منحنى نحو الأرض و وجنتهاها مُحمرتان ، و نظراتها خجله !







أقتربت منها و طبعتُ قبله على جبينها ثم قلتُ :



" أنتِ فعلتِِ كل هذا من أجلى . "







إيمان أومأت برأسها إيجاباً و أبتسمت بخجل . .





و كانت ليله من أجمل ليالى العمر ، أكتشفتُ خلالها أننى أحب زوجتى حباً جماً ، و أكتشفتُ أيضاً أن زوجتى تعشقنى . .





لن أنكر أننى تماديتُ كثيراً فى غضبى حين طلبت منى الذهاب إلى الطبيب . .





لكنى أنوى أن أعوضها عن ذلك . .





و أعتقد أننى سأفكر فى الذهاب إلى الطبيب . . و عساه خيراً . .





ياااااااارب أرزقنا بالزريه الصالحيه . . هيا أدعوا معى . .





******





" نحن لا نصلح لبعض يا ساره . "





نظرتُ إلى هانى مصدومه بجملته تلك و قلتُ مُستهجنه : " ماذا ؟ ! "







هانى تنفس بعمق ثم قال :" هذا ما أكتشفته مؤخراً يا ساره . . نحن لا نصلح كزوج و زوجه . "







أذهلتنى المفاجأه و أعجزتنى عن الرد لعدة ثوانى ، إلا أننى لم ألبث أن أنتزعتُ نفسى من دهشتى و قلتُ فى عجب :" أنت تقول هذا لأننى . . . . . أخطأتُ بأسمك ؟ ! "







هانى هز رأسه نافياً و قال :" ليس هذا فقط . . إننى أقول هذا لأسباب عديده . "







سألته مباشرة :" و ما هى هذه الأسباب ؟ "







هانى تنهد و قال :" لأنكِ لا تحبيننى يا ساره . . أنكِ . . . . . لازلتِ تحبين طاهر . "





شعرتُ فى هذه اللحظه كأن أحداً قد سكب على رأسى مياه مثلجه ، أثلجت ظهرى و جمدتنى بمكانى !





بينما تابع هانى بأسى :" هذه هى الحقيقه التى كنتُ أحاول تجاهلها طوال الأيام السابقه . "







و صمت لبرهه ثم أسترسل :" لكن بعد ماحدث . . لم يعد بأستطاعتى تجاهل الأمر . "







تنهدتُ و قلتُ :" ما حدث لا يتعدى كونه ذلة لسان غير مقصوده يا هانى . . من منا يسلم من زلة اللسان ؟ ! "







هانى أخذ يهز رأسه رافضاً قبل أن يقول :" لا يا ساره . . ذلة اللسان هذه كانت لأنكِ . . . تفكرين بطاهر . "







فى هذه اللحظه أتى النادل ليقدم لنا العصير الذى طلبه هانى ، فأنتظرتُ حتى أنصرف و قلتُ لهانى :" لماذا لا تريد أن تصدق أن طاهر كان ماضى و أنتهى ؟ "





هانى قال مباشرة :" رُبما كان طاهر ماضى ، لكنه لم ينتهِ . . إنه يعيش بداخلك . . إننى أراه فى عينيك . . و أشعر بحبك له . . لا تعتقدين أن نظراتكِ له ذلك اليوم خالت علىّ . "





كلامه ألجم لسانى ، فظللتُ أحدق به دون أن أقوى على النطق بكلمه واحده !



أما هانى فقد تابع :" لذا ، فلابد من الأنفصال . "





هنا لم أتفاجأ فقط ، لقد صُدمتُ . .



هل قال ننفصل بالفعل أم أننى سمعتُ شيئاً خاطئاً ؟ !





لا . . أنا لم أسمع شيئاً خاطئاً . . لقد سمعت جُملته الأخيره بكل وضوح ، بل لقد ثقبت جملته طبلة أذنى و أصابتنى بالصم !





" هل . . . هل . . . . . تعنى ما تقول ؟ "





سألته بتشتت و أنا لازلتُ غير مصدقه لما سمعت ، فقال هانى مباشرة :" هذا أفضل لنا نحن الأثنين ؛ فأنا لم أعد أستطيع الأستمرار معكِ و أنا أعرف بحبكِ لطاهر . . و أنتِ سيكون بأمكانك الزواج ممن تشائين بعدما ننفصل . "





قلتُ بسرعه :" لا . . مستحيل أن أتزوج من طاهر مهما حدث . . "







هانى نظر إلىّ بشك فتابعت :" لقد أنتهى طاهر بالنسبة إلىّ منذ أن تم عقد قراننا و إن أنفصلنا لن يغير هذا من شئ ؛ فأنا لن أعود إليه أبداً . . "







و أخذتُ نفساً عميقاً ثم قلتُ :" على أى حال لك مطلق الحريه فى الأنفصال عنى إذا كانت هذه هى رغبتك . "







هانى ظل صامتاً لفتره ثم قال بأسى :" هذا هو الحل الأمثل لوضعنا . . و أنا أفعل هذا من أجلك و . . . . . "





لم أحتمل أكثر من هذا فقاطعته قائله بأنفعال :" لا تعلق رغبتك فى الأنفصال عنى علىّ ؛ فأنا أخبرتك أننى لن أعود إلى طاهر و لا أريد العوده إليه . "







و صمتُ لبرهه ثم قلتُ :" حين تنتهى من أجراءات الطلاق أخبرنى بهذا . "







و نهضتُ و اقفه لأتابع :" أنا سأنصرف الأن . "





فهب هانى واقفاً هو الأخر و أخرج من جيب بنطاله عدة أوراق ماليه و وضعها على المنضده قائلاً :" أذن . . هيا بنا . "







وهم بالسير ، إلا أننى ظللتُ واقفه بمكانى أنظر إليه ، فتعجب هانى من موقفى هذا و قال : " ما الأمر ؟ "





قلتُ :" أريد أن أذهب وحدى . . "







هانى قال بصرامه :" لا . . مستحيل أن أتركك تذهبين وحدكِ . . لن أكون مطمئناً عليكى أبداً . "







قلتُ :" لا تخاف علىّ . . سأكون بخير . . "







هز هانى رأسه نافياً و قال :" أبداً . . لن تذهبى وحدك . . هل تعرفين كم الساعة الأن ؟ إنها التاسعه . "





قلتُ بتضرع و قد أختنقت الدموع بعينى و أوشكت على الأنهمار :" رجاءً دعنى على راحتى و لا ترغمنى على مرافقتك . "







هانى نظر إلى بمزيج من الحزن و الأسى و قال معاتباً :" و متى أرغمتكِ على شئ يا ساره ؟ "





أعتبرت جُملته بمثابة موافقه على ذهابى فقلتُ :" أذن وداعاً . "





غادرتُ الكافيتريا و أنا غارقه فى الحزن ، و هانى يتبعنى بخطوات بطيئه و يشيعنى بنظراته ، كنتُ قد أبتعدتُ عن الكافيتريا بمسافه لا بأس بها حين سمعتُ باب سيارة هانى يصفع ، أعقبه صوت محرك السياره . .





وقفتُ بمكانى و ألتفتت لألقى نظره أخيره على هانى ، فوجدته يجلس خلف عجلة القياده و ينظر نحوى ، ألتقت نظراتنا للحظه إلا أننى أشحتُ عنه بوجهى بسرعه و أشرتُ لإحدى السيارات الأجره ، إلا أن السائق لم يتوقف و تابع سيره . .





و فى هذه اللحظه توقفت إحدى السيارات أمامى ، و قد أطل سائقها من النافذه و أخذ يتأملنى مُبتسماً ثم قال :" السيارات الأجره لا تصلح للفتيات الجميلات . . تعالى لأوصلكِ بسيارتى ."





وليته ظهرى و سرتُ مُبتعده عنه عدة خطوات فإذا بى أسمع صوت باب السياره يفتح ، فأسرعتُ الخطى بل وركضت مبتعده عنه ، إلا أننى تسمرتُ فى مكانى حين سمعتُ صوت هانى يقول :" أيها الحقير . . أنزل من السياره لألقنك درساً لن تنساه ما حييتُ . "







أستدرتُ بسرعه عائده إلى هانى الذى أنهال على السائق بسيلٍ من اللكمات التى أفقدت السائق توازنه وجعلته يخر أرضاً . .كان هانى ينوى مواصلة ضربه إلا أننى أسرعتُ و أمسكتُ بيديه قائله : " يكفى هذا . . "





هانى لم يبد عازماً على ترك السائق فى البدايه ، إلا أنه لم يلبث أن رشق السائق بنظره ناريه و شد على يدى قائلاً :" تعالى معى . . "





أتجهتُ معه إلى سيارته وأستقلينا السياره عائدين إلى المنزل . .



تتبع ان شاء الله


إقرأ المزيد

المتابعون