الحلقه االثالثة عشر
ღϠ₡ يــــا من سكـــن فؤادى ₡Ϡღ
=====================
اليوم أتت إيمان لزيارتى..
مهما قلتُ لن أستطيع أن أصف لكم دهشتها حينما رأت ملك على ذراعى..
لكنها أفاقت من دهشتها بسرعه وأبتسمت قائله: "ما شاء الله!! فى شهر واحد تزوجتِ وأنجبتِ.. لقد حطمتِ الرقم القياسى يا ساره."
قلتُ لها: "تفضلى أولاً.. ثم أسخرى منى كما تشائين بعد ذلك."
دلفت إيمان إلى الشقه قائله: "أبنة من هذه الطفله الجميله؟"
قلتُ مازحه: "لقد أعطانى طاهر أياها مكافأةً على أخلاصى فى العمل."
ضحكت إيمان وقالت: "فعلاً؟ وهل تم تبديل العمله الورقيه إلى أطفال صغيره؟"
قلتُ: "بلى.. لا تقولين أنكِ لا تعرفين هذا؟"
قالت إيمان: "كفاكِ ظرفاً يا ساره أرجوكِ.. أخبرينى أبنة من هذه؟"
قلتُ: "إنها أبنة صديق طاهر.. لقد توفت والدتها اليوم."
قالت إيمان بتأثر: "لا حول ولا قوة إلا بالله.. كم أنتِ مسكينه أيتها الصغيره!"
ألتفتت إلىّ وتابعت: "لقد كنت أتيه لأقول لكِ خبراً ساراً لكن يبدو أن الوقت غير مناسب."
قلتُ: "بلى مناسب.. أخبرينى ماذا هناك؟"
قالت: "سأتزوج بعد أسبوعان."
قلتُ: "حقاً!! أخيراً يا إيمان سأتخلص منكِ و.........."
قاطعنى رنين الهاتف المتواصل فوضعتُ ملك على المقعد وذهبتُ إلى حجرتى لأجيب على الهاتف.
*****************
أستيقظتُ فى حوالى الساعه السابعه مساءً وأرتديتُ ملابسى وغادرتُ المنزل وذهبتُ إلى مكتبى لأنجز بعض الأعمال المتأخره..
دلفتُ إلى المكتب لأجده غارقاً فى الظلام.. ضغطتُ زر الأضاءه قبل أن أدلف إلى مكتبى..
مرت ساعه كامله وأنا مستغرق فى الحسابات والمعادلات حتى وقع فى يدى ملف كان لابد أن أجعل ساره تقوم بكتابته على الحاسب لأنه سيتم تقديمه غداً إلى الضرائب..
حملتُ الملف وذهبتُ به إلى مكتب ساره.. جلستُ خلف مكتبها وقمتُ بتشغيل الحاسب الألى قبل أن أفتح أدراج المكتب بحثاً عن الورق.. وبدلاً من أجد الورق وجدتُ طلاء الشفاه الخاص بساره وأيضاً زجاجه عطرها..
دون أن أشعر وجدتُ نفسى أفتح زجاجه العطر وأتشممها.. وكم كانت رائحتها جميله! وكم ذكرتنى بساره!
أتعرفون أننى أشعر بالأشتياق لساره؟!
بلى.. أفتقدها كثيراً وأفتقد إبتسامتها الرقيقه.. ونظراتها البريئه.. وصوتها العذب.. وإلى فنجان القهوه من يديها..
لكن لا تسيئون الظن.. إنها كأبنتى كما تعلمون..
لقد كدتُ أنسى أننى أخبرتُ ساره بأننى سوف أخابرها لاحقاً..
أمسكتُ بهاتفى وطلبتُ رقم ساره..
"السلام عليكم يا طاهر."
أجبتُ التحيه قائلاً: "وعليكم السلام.. كيف حالك يا ساره؟"
قالت ساره: "بخير.. أخبرنى كيف حال هانى؟"
( أليس من الذوق أن تسألين عنى أولاً؟ )
قلتُ: "إنه بخير."
قالت: "حمداً لله.. لقد كنتُ قلقه بشأنه."
( وبأى صفه تقلقين عليه؟! )
قلتُ: "لاتقلقى.. إنه بخير.. بأذن الله سيتجاوز هذه الأزمه بسرعه."
قالت: "أتمنى ذلك."
قلتُ: "ماذا كنتِ تريدين حينما أتصلتِ بى؟"
تلعثمت قائله: "أأأ.. أأأ.. كنتُ.. كنتُ.. أه.. كنتُ أريد أن أسأل عن والدة ملك.. هل أصبحت بخير؟"
أفلتت منى ضحكه جعلت ساره تضحك بدورها قبل أن تقول: "أسفه.. نسيتُ أنها.... رحمها الله."
قلتُ: "أخبرينى كيف حال ملك؟"
قالت: "بخير.. إنها طفله رائعه جداً وهادئه جداً جداً حتى أننى لم أتمكن من النوم طوال الليل بسبب هدوءها."
ضحكتُ وقلتُ: "أسف يا ساره إذا كنتُ قد عذبتكِ معى."
قالت ساره بسرعه وأستنكار: "أى عذاب هذا الذى تتحدث عنه؟ إننى أتمنى أن تظل ملك معى دائماً."
***************************
أنهيتُ الأتصال مع طاهر وعدتُ لأجلس مع إيمان فى الصاله..
"مع من كنتِ تتحدثين؟"
سألتنى إيمان بخبث واضح فقلتُ: "إنه طاهر.. لقد كان يسألنى عن أمور تخص العمل."
بدا على إيمان عدم الأقتناع بأجابتى فقالت: "وهل لابد أن تتورد وجنتاكِ بعد التحدث مع طاهر؟"
كنتُ أشعر بأنى بالحراره بالفعل إلا أننى أنركتُ ذلك قائله: "هل وجنتاى متوردتان؟ لابد أن ذلك بسبب حجرتى ؛ فهى حاره جداً."
أطالت ساره النظر إلىّ قبل أن تسألنى: "أشعر بأن أشياءً تحدث مع وراء ظهرى يا ساره."
أصطنعتُ عدم الفهم وقلتُ: "لا أفهم.. عن أى شئ تتحدثين؟"
قالت: "لا تكترثى.. أخبرينى كيف حال العمل؟"
قلتُ: "لم أذهب إلى العمل اليوم.. وربما أضطر للتوقف عن العمل فى الأيام القادمه ؛ لأتفرغ للأعتناء بملك."
قالت: "ولما كل هذا الحزن فى نبرة صوتكِ؟"
قلتُ مستنكره: "إيمان توقفى عن هذا.. لا يوجد أى شئ مما يدور فى رأسكِ."
قالت إيمان باسمه: "حقاً! ألا يوجد أى شئ أبداً؟ ألم يحاول طاهر هذا أن يغازلكِ أبداً؟"
تفاجأتُ من أفكارها وقلتُ نافيه: "إنه يعتبرنى كأبنته.. هل يغازل أباً أبنته؟"
أبتسمت وقالت: "وهل لشاب فى السابعه والعشرون أبنه فى التاسعة عشر من عمرها؟"
قلتُ: "بل فى الثامنة عشر من عمرها."
*****************
عدتُ من المكتب فى الساعه الثانية عشر مساءً لأجد جميع من بالمنزل وقد راحوا فى سُباتٍ عميق عدا أمى التى لن يهدأ لها بال حتى تنال غايتها..
كانت أمى جالسه فى الصاله تشاهد إحدى المسلسلات التليفزيونيه..
قلتُ لها: "مساء الخير يا أمى."
أبتسمت وقالت: "مساء الخير بنى.. هل أعد لك طعام العشاء؟"
قلتُ: "شكراً ؛ لقد تناولت عشائى فى الخارج.."
قالت: "حسناً.. أجلس معى قليلاً.. إننى لا أراك إلا نادراً ؛ فالعمل يأخذ كل وقتك."
كنتُ أعرف أن أمى تريد أن تتحدث معى بشأن نهله لذا فقد قلتُ: "لكنى متعب جداً يا أمى وأريد أن أخلد إلى النوم."
قالت أمى: "لن أخذ من وقتك الكثير."
أطعتها وجلستُ بجانبها فأبتسمت أمى قائله: "كيف حال العمل؟"
بالتأكيد هذا السؤال ليس سوى مقدمه لغاية أمى..
قلتُ: "على ما يرام." وأكملتُ فى نفسى: "وماذا بعد؟ هاتِ ما عندكِ؟"
قالت: "هل فكرت فيما قلته لكِ اليوم؟"
قلتُ: "لا.. لم ولن أفكر فيه أبدا يا أمى."
قالت أمى: "لماذا بنى؟"
قلتُ: "تعرفين السبب أمى."
قالت: "لكن نهله تريد أن تعمل لديك لا أن تعود إليك."
قلتُ: "هذا ليس سوى وسيله لتعود إلىّ يا أمى."
قالت: "وهل ستعود إليك رغماً عنك؟ أسمع بُنى.. إنها أبنة خالك.. وهى تحتاج إلى عمل.. هل ستتخلى عنها لأنها تركتك ذات يوم؟"
بدا لى حديث أمى عقلانياً.. فإن نهله رغم كل شئ أبنة خالى وهى تحتاج إلى العمل.. حسناً فلتعمل معى وإن كان مؤقتاً حتى أجد لها عملاً مناسباً بعيداً عنى.
*********************
"طاهر.. هيا أستيقظ أيها الكسول."
أفقتُ من نومى على صوت عمرو الذى كان يأتى من داخل حجرتى..
فتحتُ عينى لأجد ضوء الشمس وقد غمر حجرتى بأكملها..
حجبتُ عينى بيدى وقلتُ لعمرو: "أسدل الستائر يا عمرو.. دعنى أكمل نومى."
قال عمرو فى أستنكار: "بل لابد أن تنهض الأن.. أننى لم أعهدك كسول هكذا .. ألا تعرف كم الساعه الأن؟"
وضعتُ الوساده على رأسى ثم غمغمتُ: "لاأريد أن أعرف.. أوقظنى فى تمام الساعة العاشره."
ضحك عمرو قائلاً: "حسناً سأوقظك قبل ساعتين من الأن."
قفزتُ من مكانى لأنظر فى ساعة الحائط.. ولدهشتى كانت عقارب الساعه تشير إلى تمام الثانية عشر!
غير معقول.. هل نمتُ كل هذا الوقت؟
غادرتُ الفراش مسرعاً ودلفتُ إلى المرحاض "أكرمكم الله".. أخذتُ حماماً دافئاً نظراً لبروده الحراره اليوم ؛ فقد بدأ فصل الخريف منذ أيام..
مررتُ بالصاله لأجد عمرو وأمى جالسين حول مائدة الطعام يتناولون فطورهم..
قالت أمى: "تعالى بُنى وأنضم إلينا."
قلتُ: "لا.. سأتناول قدح القهوه الخاص بى ثم أغادر حالاً."
قال عمرو: "أجلس يا طاهر.. مازال الوقت باكراً.. أخبرنى هل نهله ستعمل معك فعلاً؟"
نظرتُ إلى أمى التى قالت بسرعه: "أنا لم أخبره بشئ." !
تناولتُ قهوتى على عجل ثم بدلتُ ملابسى وغادرتُ المنزل..
أستقليتُ سيارتى وبينما كنتُ فى طريقى إلى المكتب تذكرتُ هانى الذى لم أخابره منذ أن كنا معاً بالأمس..
تناولتُ هاتفى وأتصلتُ به..
أتانى صوته كئيباً وهو يقول: "السلام عليكم.."
أجبتُ تحيته قائلاً: "وعليكم السلام.. كيف حالك يا هانى؟"
قال بنبره حزينه: "وكيف تتوقع أن يكون حالى؟ أنا على ما كنتُ عليه بالأمس وسأكون عليه إلى أن أموت وأرتاح."
أعتصرنى الألم على صديقى الذى لم أعهده كئيباً هكذا أبداً حتى يوم وفاة والده ، سألته: "أين أنت الأن؟"
"أننى ذاهب لأستلم متعلقات زوجتى من المستشفى."
"حسناً.. أنا قادم إليك."
************************وصلتُ إلى المستشفى لأجد طاهر فى أنتظارى
صافحته أو رُبما نسيتُ أن أصافحه..
كل ما أتذكره هو أننى طلبتُ منه أن ينتظرنى فى الخارج حتى أجلب متعلقات زوجتى وأعود إليه..
أتجهتُ بقدمان متخاذلان إلى داخل المستشفى..
جررتُ قدماى جراً.. وكلما تقدمتُ خطوه تراجعتُ فى الخطوه التاليه..
أشعر بأن قواى ستنهار لأسقط فى منتصف الطريق..
أرى بعض الناس وهم يحدقون بى فى أشفاق ،، كأنهم يعلمون مأساتى..
كأنهم يعلمون أننى فقدتُ بالأمس أقرب الناس إلىّ..
حلاااااااا.. آه يا حبيبتى لو تعلمين كيف صرتُ بعدكِ؟!
آآآآآآآآه يا عُمرى لو تعرفين كم أشتقتُ لقربكِ؟!
آه يا حلا.. وألف آه..
يااااارب ألهمنى الصبر..
يااااااااااااااااااااارب ليس لى سواك..
وصلتُ أخيراً إلى الأمانات وهناك طلب الموظف منى أن أوقع على أستلام متعلقات زوجتى..
وجاءت اللحظه التى كنتُ أخشاها..
أخرج الموظف من إحدى الخزانات حقيبه بلاستيكيه كبيره ومد لى يده بها..
مجرد حقيبه صغيره.. هى كل ما تبقى لى من زوجتى..
مددتُ يدى لألتقط الحقيبه لكن يدى توقفت فى منتصف الطريق وعادت إلىّ خاليه..
ربت الموظف على ظهرى ثم قال: "تمالك نفسك.. كلنا للموت."
حاولتُ أن أتمالك نفسى ومددتُ يدى إليه من جديد وما أن أمسكتُ بالحقيبه حتى خانتنى أعصابى وفلتت الحقيبه من يدى لتسقط أرضاً..
جثوتُ على ركبتاى بجانب الحقيبه وظللتُ أحدق بها للحظات دون أن أجروء على لمسها أو الأقتراب منها..
وأخيراً مددتُ يدى إلى الحقيبه ورفعتها عن الأرض ثم ضممتها إلىّ بقوه..
حلااااااااااااا.. أنا لا أقوى على فراقكِ..
حبيبتى سأموت فى بعدكِ..
عُمرى.. لا تتركينى..
عودى إلىّ حبيبتى.. عودى إلىّ أو خذينى إليكِ..
ياااااااااااااااارب خذنى إليها..
أستغفر الله العظيم..
تتبع ان شاء الله